دمشق | في ظلّ الحداد الذي يخيّم على شوارع دمشق الفارغة، والوجود الأمني الكثيف في ساحاتها بعد يومين من اغتيال الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، عقد مؤتمر «ملتقى الحوار الوطني السوري» الذي يوصف بالتمهيد للحوار الوطني الشامل. أبطال مؤتمر الحوار هم ذاتهم مثل كل مرة؛ الأمناء العامون لأحزاب تصف نفسها بـ«المعارضة الوطنية»، إضافة إلى وزراء معارضين مشاركين في الحكومة. بدأ المؤتمر بكلمة افتتاحية للمعارض عادل نعيسة الذي عبّر عن الحسرة على مواطنة الخمسينيات، إذ كان بإمكان الشعب أن يسقط وزيراً حين يخالف القانون.نائب رئيس الحكومة السورية للشؤون الاقتصادية قدري جميل أكّد في تصريح لـ«الأخبار» أنّ المؤتمر المنعقد الآن ليس إلا خطوة صغيرة على طريق مؤتمر الحوار الشامل الذي سيحصل قريباً. وتوقّع حصول مؤتمر حوار شامل قبل اجتماع الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين. وأضاف قائلاً: «المسلحون ليسوا طرفاً واحداً، بل هنالك مسلحون متشددون وآخرون معتدلون مستعدون لإلقاء السلاح، لكنهم بحاجة إلى ضمانات، وهو ما نعمل عليه اليوم». ورأى أن الجميع «سيركض» للمشاركة في مؤتمر الحوار الشامل المقبل.
وزير الدولة للمصالحة الوطنية علي حيدر لفت في كلمته إلى أن الإصرار على الحل السياسي والحوار الوطني ليس تنازلاً بل سموّ وشجاعة. حيدر هاجم الدور القطري والسعودي في الأزمة السورية، مثنياً على دولة العراق. وركزت كلمتا السفيرين الروسي والإيراني على إدانة اغتيال الشيخ البوطي واستعمال الأسلحة الكيميائية من قبل المعارضة المسلحة، إضافة إلى رعاية تسوية سياسية في سوريا تكون بجهود السوريين أنفسهم وتأكيد التعاون مع الحكومة السورية. أما المعارض فاتح جاموس، فقد انتقد التقدم البطيء في التقاطعات منذ المؤتمر السابق وسط محاولات لجوجة من الموالاة بهدف جعل الحوار قائماً على مبادرة النظام فحسب، ما أدى إلى تكوين انطباعات سلبية لدى المعارضة.
ممثل «التيار الثالث لأجل سوريا» مازن مغربية كان أكثر المعارضين «الوطنيين» هجوماً على النظام، إذ انتقد عدم جديته عبر إرادته بأن يفصّل حواراً على مقاسه يكون فيه الخصم والحكم، في حين قد تزول سوريا عن الخارطة الجغرافية والسياسية للمنطقة بسبب تعنّته.
ومن اللافت أنّ المؤتمر لم يستطع تقديم ضمانات لدخول مدعوين موجودين خارج البلاد في حال وجود مراجعات أمنية بحقهم، وهو ما أثار جدلاً لدى بعض المشاركين.