17 آذار 2003، في مثل هذا اليوم قبل عشر سنوات دخلت القوات البريطانية مدينة البصرة، ثانية أكبر المدن العراقية. هذا اليوم راسخ في ذاكرة أمينة مكتبة البصرة المركزية عالية باقر، ولا يكاد أحد يتذكر ذلك اليوم الحاسم كما تتذكره. يومها، تحركت باقر، المعروفة في العراق بوصفها «البطلة الثقافية»، لإنقاذ محتويات مكتبة البصرة المركزية قبل ضياعها.
وفي استعادتها لما جرى قبل عشر سنوات، كشفت باقر أنها عملت على نقل الكتب المهمة الموجودة في المكتبة إلى منازل الموظفين والموظفات وعلى مسؤوليتهم الخاصة، بدون معرفة المحافظ (محافظ البصرة) الذي رفض فكرة إخلاء المكتبة من الكتب. وأوضحت أنها اضطرت إلى إجراء ذلك بعدما اتخذ المحافظ في بداية الحرب المكتبة مقر استقرار له، ما سبّب انتشار أفراد الحماية الذين وضعوا المدفعية على سطح المكتبة، الأمر الذي كان يهدد باستهدافها.
وأضافت باقر أنه بعد انهيار الأمن وتفشّي عمليات النهب بعد سيطرة القوات البريطانية على المدينة، تحركت وزملاءها سريعاً لنقل الكتب الثمينة إلى أماكن آمنة، حيث وضعوها في صناديق ونقلوها إلى مطعم حمدان المجاور.
وقالت عالية باقر : «خلال فترة 10 أيام من بدء دخول القوات احترقت المكتبة بالكامل. نقلنا حوالى 30 ألف كتاب إلى المطعم (المجاور)، بعدين نقلناها من المطعم إلى المسكن الخاص بالسيارات الموجودة من قبل بعض الموظفين وسيارتي الخاصة. هذه كانت أكثر الكتب والمخطوطات والكتب النادرة، وفقدنا الكثير مع الأسف». وقالت «في إحدى الغرف الموجودة في البيت _ غرفتي كانت _ رتّبت الكتب من البداية للنهاية، حتى إنني كنت أحفظ بعض الكتب في الثلاجة القديمة».
وعلى الرغم من الجهود البطولية للعاملين في المكتبة، احترق ما يزيد على 50 ألف كتاب مع احتراق مبنى المكتبة. لكن عالية باقر شرحت كيف أنها استطاعت الاحتفاظ في بيتها بالكتب التي جرى إنقاذها. وشهدت المكتبة بعد ذلك تحولاً كبيراً في حظوظها، وعادت واحدة من المراكز الثقافية المهمة في العراق.
وقالت عالية باقر «افتتحت المكتبة يوم 10 تشرين الاول 2004 بعد إعمارها إعماراً كاملاً وتزويدها بكل ما تحتاج إليه. أرجعنا الكتب الموجودة في بيوتنا. عادت الحياة من جديد الى المكتبة. هناك كثير من المنح والهدايا وصلتنا من كثير من الدول. جمعية المكتبات الاميركية... القنصلية البريطانية. وصلتنا كتب أطفال أسّست مكتبة طفل. كثير من الكتب، وأثاث مناسب للأطفال من كثير من الجمعيات الاوروبية».
جهود عالية باقر ساهمت في أن يكون لأطفال البصرة وأجيال المستقبل مكتبة، وفرصة للاستمتاع بمنشأة حيوية مهمة، بفضل إخلاص أمينة المكتبة وطاقم العاملين فيها، رغم حاجتها إلى المزيد من الكتب والمعدات، بحسب ما كشفت باقر.
ما قامت به عالية باقر كان محور كتابين أُلّفا عنها؛ الاول «تحرير البصرة» للكاتبة الأميركية جانيت ونتر، والثاني «مهمة عالية: إنقاذ كتب العراق» لرسام الكاريكاتير ومؤلف كتب الأطفال الأميركي مارك الان ستاماتي.
(رويترز)