خيّب برلمان طبرق آمال المجتمع الدولي بمنح الثقة لحكومة «الوفاق الوطني»، برئاسة فايز السرّاج. وجاء عجز البرلمان الليبي عن التصويت، بعدما فشل في تحقيق النصاب القانوني للجلسة، وسط خلافات حول برنامج عمل الحكومة وآلية التصويت عليها. وقال النائب محمد العباني إن النصاب المطلوب لافتتاح جلسة التصويت لم يتحقق، ما دفع برئيس المجلس إلى رفع الجلسة. وعقد البرلمان على مدى الأيام الأربعة الماضية جلسات عدّة خُصّصت لمناقشة برنامج عمل حكومة «الوفاق»، والسير الذاتية للوزراء البالغ عددهم 18 وزيراً.
من جهته، أكّد النائب علي القايدي أن الجلسة «لم تعقد بسبب عدم تحقق النصاب المطلوب»، مشيراً إلى أنّه «سيتم تأجيلها حتى الأسبوع المقبل». وأوضح القايدي أن «هناك خلافات بين النواب، حيث أبدى بعضهم تحفظاتٍ على أعضاء في المجلس الرئاسي»، الليبي، في حين يعارض آخرون برنامج الحكومة، وذلك على خلفية «الكلام عن نيات الحكومة طلب تدخل أجنبي».
أكّدت روما رفضها قيادة عمليات عسكرية في ليبيا بشكلٍ منفرد

أما النائب خليفة الدغاري، فلفت إلى أن «هناك إشكاليات حول عقد الجلسة، إذ إن بعض النواب يريدون التصويت على تضمين الاتفاق السياسي (الذي تدعمه الأمم المتحدة) في الإعلان الدستوري قبل التصويت على الحكومة».
في غضون ذلك، شجّع مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، مارتن كوبلر، النواب على الحضور والتصويت على «حكومة الوفاق بكامل أعضائها»، مشدداً على وجوب عدم ترهيب النواب أو تهديدهم، غير أن دعوته لم تلقَ صدىً، إذ رفعت الجلسة من دون أن تُمنح الحكومة الثقة.
بالتوازي، وفيما يراقب المجتمع الدولي ما يجري في برلمان طبرق، يواصل الجيش الليبي، المحسوب على البرلمان، تقدّمه الميداني في مدينة بنغازي، بعد أربعة أيام على إطلاق قائد الجيش، اللواء خليفة حفتر، عملية «دم الشهيد» ضد الجماعات الإسلامية.
وأعلن الجيش، أمس، استعادة سيطرته على غالبية أحياء منطقة الليثي، معقل الجماعات الإسلامية في بنغازي، إضافةً إلى مقار «الكتيبة 319» و«الكتيبة 36» و«كتيبة السحاتي»، جنوبي شرقي المدينة.
وقال مصدر عسكري لوكالة «فرانس برس» إن القوات «دخلت فجر أمس إلى معظم الأحياء التي كانت تقع تحت سيطرة الجماعات الارهابية في منطقة الليثي، وسط بنغازي (ألف كلم شرق العاصمة طرابلس)». أما المكتب الإعلامي للقيادة العامة للجيش، فأعلن «تحرير منطقة الليثي»، مؤكّداً أن مناطق سيطرة «داعش» في المدينة باتت «قاب قوسين أو أدنى» من السقوط.
ورأى حفتر، في تسجيلٍ مصوّر نشره المكتب الإعلامي للجيش أمس، أن «النصر الذي تحقق كان ناتجاً من صبر كبير جداً»، مضيفاً «إننا نتوق إلى النصر النهائي الذي يلوح في سماء هذه البلاد كلها».
على صعيدٍ آخر، قُتل ستة مسلحين في مدينة درنة (1300 كلم شرق طرابلس)، شرقي البلاد، خلال تصدّيهم لهجوم شنّه «داعش»، في محاولةٍ منه لدخول المدينة. ووصف قياديٌّ في «مجلس شورى ثوار درنة»، وهو ائتلاف لمجموعات مسلحة عدّة، المعركة بـ«الحامية»، إذ استمرت حوالى سبع ساعات. وأضاف «تمكنّا من تدمير ثلاث دبابات وعربة مصفحة لداعش وقتل أحد قيادييه، ويدعى أبو بصير الليبي». ويحاول التنظيم منذ أسابيع الاستيلاء مجدداً على المدينة، بعدما طرده منها المسلحون المحليون في تموز الماضي.
وبينما ينشغل الليبيون، سياسياً وميدانياً، أكّد المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص لدى «التحالف الدولي ضد داعش»، بريت ماكغورك، أن «التحالف سيتحرّك إذا شعرنا بتهديدات مباشرة قادمة من ليبيا»، معتبراً أن التنظيم يحاول جذب أكبر عددٍ ممكن من المقاتلين حول العالم.
أما وزيرة الدفاع الإيطالية، روبرتا بينوتي، فأعلنت أن بلادها سمحت للجيش الأميركي باستخدام طائرات من دون طيّار لضرب «داعش» في ليبيا، انطلاقاً من قاعدة «سيغونيلا» الجويّة الأميركية، في جزيرة صقلية، وذلك بعد درس كل حالة على حدة.
وقالت الوزيرة في مقابلة مع صحيفة «ايل ميساجيرو»، أمس، إنّ «على الأميركيين أن يطلبوا إذناً من حكومتنا في كل مرة يريدون فيها استخدام طائرة انطلاقاً من سيغونيلا»، مضيفةً أن «الضربات ستكون محصورة بالعمليات التي تعتبر الوسيلة الأخيرة لحماية منشآت أو موظفين أميركيين أو من كل التحالف»، في ليبيا وجميع أنحاء المنطقة.
ورفضت الوزيرة الإيطالية ربط المسألة بما يدور من نقاش بين الدول الغربية بشأن التدخل، موضحةً أنه حتى الآن «لم تستخدم الطائرات من دون طيار في عمليات مسلحة ولم نتلقّ أيّ طلب بهذا المعنى، ولم يتخذ أيّ قرار عملاني».
وحمل كلام بينوتي رفضاً مبطّناً لأي عملية عسكرية من دون إجماع دولي، ودفع روما لقيادته بشكلٍ منفرد، وهو ما عبّر عنه المبعوث الخاص للحكومة الإيطالية إلى ليبيا، جورجيو ستاراتشي، الذي أعرب عن معارضة بلاده لمحاربة الإرهابيين في ليبيا من طرف واحد، مؤكداً «ضرورة أن يأتي طلبٌ في هذا الخصوص من حكومة الوحدة الوطنية الليبية الجاري تشكيلها».
وفي سياق الغارات الأميركية على «داعش» في ليبيا، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، «البنتاغون»، أن الغارة الأخيرة التي استهدفت معسكراً تدريبياً للتنظيم، الجمعة الماضي، «حالت دون وقوع هجوم كان داعش يعدُّ له على الأرجح لتنفيذه في تونس». وقال المتحدث باسم «البنتاغون»، جيف ديفيس، إن المعسكر الذي دمرته الغارة «كان يركّز على القيام بتدريبات على شنّ عمليات من قبيل تلك التي شهدناها في تونس»، مضيفاً أن «الغارة منعت وقوع مأساة أكبر بهجوم خارجي ما».