دقت مؤسسة «موديز» ناقوس الخطر حول الاقتصاد المصري أمس بعدما أعلنت خفض تصنيفها للدين السيادي بالعملة الأجنبية لمصر من B3 إلى CAA1، محذرةً من تزايد مخاطر التخلف عن السداد. الوكالة بررت خطوتها التي تعد سابع خفض لمصر خلال أربعة عشر شهراً، بأن ميزان المدفوعات وصل إلى مستويات قد تعرض اقتصاد البلاد للعديد من الصدمات، فضلاً عن تزايد التكهنات بعدم قدرة مصر على سداد ديونها. وبالرغم أن مؤسسات تصنيف ائتماني أخرى تصنف مصر عند مستوى أعلى، مثل «ستاندرد اند بورز» عند «B-»، و»فيتش» عند «B»، إلا أن جميع المؤسسات الائتمانية تتوافق على النظرة السلبية للمستقبل المصري في ظل وضع اقتصادي هش تعيشه البلاد منذ أشهر ويتفاقم باستمرار مدعوماً بانعدام الاستقرار السياسي وعدم وضوح في سياسة الحكومة.
عمرو حسنين، رئيس مؤسسة الشرق الأوسط للتصنيف الائتماني «ميريس»، فسّر قرار «موديز» بأنه يعني وضع مصر في مرحلة الدول القريبة من التعثر، بعدما دخلت دائرة الدول ذات الأخبار السلبية. وفي محاولة لتقريب الصورة، نبّه حسنين إلى أن التصنيف الجديد يضع مصر في نفس مستوى تصنيف باكستان وكوبا والأكوادور، موضحاً أنه يتبقى درجتان على وضع مصر فى نفس المستوى الخاص باليونان.
ولم يستبعد أن تؤثر الخطوة على مسار التفاوض حول صندوق النقد الدولي والبالغ قيمته 4.8 مليارات دولار. لكن وزير التخطيط المصري أشرف العربي، الذي يتولى الاشراف على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، استبعد الأمر. وأكد لـ«الأخبار» أن مصر تتمسك ببرنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي كمخرج للأزمة الحالية، سواء في ما يتعلق بخفض التصنيف الائتماني او التراجع في البورصة وحتى انخفاض قيمة الجنيه.
هذا البرنامج شدد العربي على أن صندوق النقد الدولي يدعمه، لافتاً إلى أن اجراءات الحصول على القرض يفترض أن يتم الانتهاء منها في أسرع وقت، وخصوصاً أن وفد البعثة مقدر له زيارة مصر في غضون أسبوعين.
هذه التطمينات لم تمنع العربي من تلميح ضمني إلى أن الصندوق أبدى تحفظات على جزء من البرنامج، وخصوصاً بعد تجميد العمل بعدد من الضرائب التي كان مقرراً أن تفرض على بعض السلع. وهو ما لجأت الحكومة إلى تعويضه من خلال تقديم مشاريع إلى مجلس الشورى بينها تعديل قانون الضريبة العقارية، المبيعات والدمغة. والأخيرة يفترض أن تؤدي إلى فرض ضريبة واحد بالألف على العمليات المنفذة في البورصة على أمل أن تؤدي هذه الخطوات إلى تأمين موارد تضمن الموافقة النهائية للصندوق على القرض.
أما في حال حدوث الأسوأ وتعثر الحصول عليه، كما يرجح كثيرون، فإن العربي يؤكد عدم تراجع الحكومة عن برنامجها الإصلاحي. وتحدث عن عدد من الخطوات التي ستلجأ إليها الحكومة اليوم ومنها الاستثمار في عدد من المشاريع القومية الكبرى، فضلاً عن وجود خطة لتشجيع الصادرات المصرية. كذلك من بين البدائل التي تبحثها الحكومة وضع بعض القيود على الواردات غير الضرورية، بما يتوافق مع الاتفاقات التجارية الدولية، فضلاً عن تشجيع المستثمرين على ضخ أموال في البلاد. وهو ما يحتاج إلى استقرار سياسي أبعد ما تكون مصر عنه اليوم. اما الاستقرار الاقتصادي فلا يوجد سياسة واضحة قادرة على ارسائه وقد لا يكون أدل على ذلك، التخبط في قرارات ملاحقة رجال الأعمال وانعكاساته على البورصة. والأخيرة لم تكد تلتقط أنفاسها بعد حلحلة أزمة «أوراسكوم للانشاء» التابعة لآل ساويرس، حتى تلقت ضربة جديدة بتجميد أموال ومنع 21 رجل أعمال مصرياً وعربياً بارزاً من السفر على خلفية قضية التلاعب بالبورصة المتهم فيها علاء وجمال مبارك قبل أن تتراجع النيابة عن القرار لغياب ما يكفي من الأدلة.
الرعونة في السياسة الاقتصادية بات واضحاً أنها تشمل أيضاً قانون الصكوك الاسلامية، اذ عوضاً عن ضمان امرار المشروع عبر توافق سياسي واسع نظراً لخطورته، تجاهلت الأغلبية البرلمانية، ممثلةً بحزب الحرية والعدالة الأمر الاعتراضات عليه في استمرار لمبدأ الإقصاء المعتمد من الجماعة وتجاهل تبعاته السلبية. وهي تبعات بات أيضاًَ الاتحاد الأوروبي يحذر منها. فالأخير وإن نفى أن يكون قرر وقف أو تجميد دعمه المالي المقرر لمصر، إلا أن الرسالة كانت واضحة أمس في بيان صادر عن مفوضية الاتحاد الاوروبي في القاهرة بأن مصر لم تحصل على مزيد من الدعم إلا وفق مبدأ «المزيد من أجل المزيد».
(الأخبار)