تونس | احتفلت تونس أمس بالذكرى السابعة والخمسين للاستقلال في أجواء باهتة، ما أثار ردود فعل كبيرة من المعارضة وعلى الشبكة الاجتماعية «الفايس بوك». وقد أجمعت ردود الفعل على أن الحكومة التي تمثل الائتلاف الحاكم تريد تغيير «تاريخ» تونس وإلغاء احتفالات الاستقلال في إطار تجفيف منابع الحركة الدستورية وكل ما يرمز إلى حكام الأمس. ذكرى الاستقلال أعادت من جديد الحركة الدستورية إلى الواجهة وسط تسريبات عن تحالف قادم بين حركة النهضة وأنصار النظام السابق. وتأكدت هذه التسريبات في الشارع السياسي بعدما اختار نواب حزب المبادرة، بزعامة كمال مرجان، آخر وزراء خارجية نظام زين العابدين بن علي، لحكومة علي العريض. أمر عدّه عدد من الناشطين السياسيين مقدمة لتحالف بين «التجمعيين» نسبة إلى حزب التجمع الدستوري الديموقراطي وحركة النهضة، بإقصاء الجبهة الشعبية وخاصة «نداء تونس» بزعامة الباجي قائد السبسي، مع أن الأخير ينحدر من المدرسة السياسية والمنحى الفكري نفسيهما، وهو الحركة الدستورية إرث باني دولة الاستقلال الحبيب بورقيبة. هذا «التحالف» سمّاه عدد من الناشطين على الشبكة الاجتماعية «الفايس بوك» بأنه «زواج متعة»، واتهموا مرجان بالتحالف مع حركة النهضة، وهي التي تعلن عداءها علناً للزعيم بورقيبة ومشروعه الاجتماعي والتنويري.ما قاله زعيم «النهضة» راشد الغنوشي، بعد تصويت نواب حزب المبادرة لحكومة العريض، يؤكد فرضية هذا التحالف، حيث أكد أن الأولوية الآن ليست لمشروع تحصين الثورة من الحياة السياسية، بل لقانون العدالة الانتقالية. كلام فُهم على أن «النهضة» تخلت نهائياً عن مشروع إقصاء «التجمعيين» استعداداً للتحالف معهم في الانتخابات المقبلة واقتسام السلطة معهم تحت شعار «عفا الله عما سلف». وبذلك تضرب الحركة عصفورين بحجر واحد، وهي إقصاء «نداء تونس»، الذي عليه وسط اليسار والنقابيون والجبهة الشعبية اليسارية.
واختارت النهضة هذا التوجه، بعدما أدركت ان حليفيها «المؤتمر من أجل الجمهورية» و«التكتل من أجل العمل والحريات» لم يعد لهما أي حضور في الشارع، وبالتالي لن يكون لهما أي وزن انتخابي في المحطة الانتخابية المقبل، وهي الأهم. الشارع التونسي لا حديث له بعد تصريحات الغنوشي وتصويت نواب المبادرة إلا عن تحالف بين التجمعيين والنهضة، بل هناك من ذهب لأبعد من ذلك، بترشيح كمال مرجان للانتخابات المقبلة بدعم من حركة النهضة، لكن كل هذه السيناريوات نفاها مرجان بشدة، وقال إنه لم يتحاور مع «النهضة» خارج الجلسات الرسمية مع رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي ورئيس الحكومة الحالي علي العريض الذي استقبل مرجان واستشاره في تشكيل حكومته. وهذا الأمر يعني عملياً فك الحظر السياسي الرسمي عن حزب المبادرة، وهو أبرز الأحزاب المنحدرة من حزب التجمع الدستوري الديموقراطي الحاكم سابقاً الذي حُلّ قبل عامين.