نجح «الائتلاف» المعارض في التقاط أنفاسه. كلّف غسان هيتو (الصورة) بتشكيل «حكومة مؤقتة» بعد طول عناء وتأجيل وخلافات. نجح المكوّن الرئيسي فيه، أي المجلس الوطني (22 صوتاً من أصل 35 انتخبوا هيتو)، وعلى رأسه الاخوان المسلمون في الدفع نحو الاتيان بهذا الاسم.
عاد «الائتلاف» عبر رأس حكومته الجديد إلى بيانه التأسيسي: لا حوار مع نظام بشار الأسد. هي خطوة نحو الخلف بالنسبة للأجواء الدولية التي أرستها كلّ من واشنطن وموسكو المشجعة للقيام بحلّ سياسي. طعنة جديدة لبيان جنيف بعد تواصل تسليح المعارضة وقرار جامعة الدول العربية باعطاء مقعد سوريا للائتلاف.
بعد أسبوع سيحضر الائتلاف قمّة الدوحة العربية (27 - 28 آذار)، ولعلّ الرئيس الجديد سيجلس على كرسي سوريا. كرسي «معارض» عند العرب وآخر «موال» في الأمم المتحدة. بدأ تكريس التناقض في الخارج. وسيبدأ هيتو قريباً جولة خارجية لكسب اعتراف دولي وللمطالبة بمساعدات مالية وعسكرية من أجل إدارة «المناطق المحررة».
إذا نجحت حكومة الائتلاف في توجهّها، تكون قد اقتربت من محاكاة السيناريو الليبي في ما خصّ المنطقة المحررة التي ستكون قاعدة انطلاق وعمل هذه الحكومة.
لكن ما زالت الحكومة في بداية الطريق. تحتاج لأسابيع كي تتشكّل، ويعوزها الاختلاف والخلاف مع التشكيلات العسكرية الاسلامية الخارجة عن غطاء «الجيش الحر»، والتي لها سطوتها الميدانية في «منطقة عمليات» هذه الحكومة المفترضة.
الحكومة الجديدة نقطة تحسب للثلاثي القطري ــ التركي ــ السعودي في إدارة ملفّ المعارضة السورية وعدم اظهارها بموقع «الفاشل» كما أوحت الأسابيع الماضية. كما لا يعتبر أحد أعضاء «الائتلاف» أن تشكيل الحكومة «طعنة» لواشنطن. في حديثه مع «الأخبار»، يعتبر أنّ أنصاف الخطوات التي لاحت منذ أسابيع غير مقبولة، لافتاً إلى أنّه في العمل السياسي «لا أبواب مغلقة». هي حكومة موقتة، برأيه، ولا مشكلة في التحوّل إلى حكومة انتقالية حسب بيان جنيف شرط تنحّي الأسد.
وهيتو (مواليد 1964) ابن دمشق والمتحدر من أصول كردية، ترك بلاده مطلع ثمانينيات القرن الماضي متجهاً إلى الولايات المتحدة التي يحمل جنسيتها. حتى العام الماضي، كان مديراً تنفيذياً لمدة أحد عشر عاماً في شركة «اينوفار» الأميركية لتكنولوجيا الاتصالات في تكساس، لكن في تشرين الثاني الماضي، ترك منصبه ليتفرغ بالكامل لـ«الثورة السورية».
بدأ نشاطه منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية منذ سنتين، شارك في تأسيس «تحالف سوريا الحرة»، كما شارك في تأسيس «هيئة شام الإغاثية» في الولايات المتحدة، أيضاً، في العام 2011. بعد انضمامه إلى «الائتلاف»، عمل على تأسيس وإدارة «وحدة تنسيق الدعم الإغاثي والإنساني في الائتلاف» التي تعمل عبر الحدود السورية التركية.
متزوج من مدرسة أميركية ووالد لأربعة أبناء أحدهم عبيدة، لاعب كرة قدم أميركي سابق، دخل الأراضي السورية منذ أشهر طويلة ليعمل في الإغاثة.
معظم السوريين لا يعرفون هذا الاسم. «الهدف ليس هنا»، يقول خالد الناصر أحد أعضاء الائتلاف لـ«الأخبار». ويضيف «الدول الغربية والجامعة العربية يطالبون بجهة تنفيذية معارضة يتمّ التعامل معها». وعن هيتو، يرى الناصر أنّها «صدفة سعيدة» كونه كردياً «مع أنّه لا يتقن الكردية».
على المقلب الآخر، مصدر مقرّب من الحكومة السورية يرى في «حكومة اسطنبول» ورقة إضافية بيد الأميركيين على طاولة المفاوضات، انطلاقاً من أنّه أصبح هناك «حكومتان». قطر وتركيا لا تتحركان دون علم واشنطن، يقول المصدر لـ«الأخبار». لا يمكن انكار وجود هذه الحكومة على المستوى الدولي ولكن ليست ذات تأثير قوي، هم يريدون استدراج ردود فعل من النظام لوقف الحلّ السياسي وهذا ما لن يحصلوا عليه، يضيف.