«لا أحبكِ حباً كما في الأفلام الرومنسية، أحبكِ وجعاً يستفيض ليقدح شرراً في داخلي، وكأنكِ تحتكين بصميمي... لا أدري ماذا أقول، هل يجب أن أقول أكثر؟»، سألها، فأعطته إشارة ليستفيض أكثر، فقال «أحبكِ كالأشياء الخفية التي لا يعلمها أحد، كالأسرار البذيئة التي لا نقولها خجلاً منها ونفرط في نسيانها عادةً. أحبكِ لدرجة تغيظني أحياناً، وأثور لها أحياناً أُخرى. أحبكِ وأكفر بكِ! أحبكِ هو الشعور بالإثم الذي لا يعذبني، هو الشعور الذي يُخرج الشيطان في داخلي، هو رغبتي بارتكاب كل الأخطاء معكِ ومن أجلكِ. أنا لا أحبكِ مثل الأشياء العفيفة النقية الصافية التي تبعث الملل... أنا أحبكِ أكثر من ذلك، عم تفهمي عليّ؟»، سألها، فأعطته إشارة أنها فهمت. قبل ذلك بكثير، كانت تسير في شارع الحمرا في بيروت وتنظر في وجوه الغرباء علّها ترى وجهه في ملامح أحدهم. هو لم يكن يسير معها ولا يشبك يده في يدها، فقررت أن ترسل له رسالة نصيّة تقول «بيقولوا الله بيخلق من الشبه أربعين، طيب ليه بعدني ما صادفت حدا بيشبهك؟ هيدا يمكن لأنو إنتْ ما في متلك حدا، وبحبك متل ما إنتْ». لم تصله الرسالة

، وهذا ما يحصل عادة، ففكرت في نفسها أن هذا أفضل، فهي لا تحبه _ أو بالأحرى، هي تظن أنها لا تحبه _ ولا تريد أن توحي له بشيءٍ من هذا القبيل. مساءً، لم يتمكّنا من الحديث إلا لوقت قصير، «في حفلة اليوم في المقهى، بدك تحضريها؟»، سألها، فأجابته «يا ريت فيي كون!». أخذ جهازه المحمول معه إلى هناك حتى تستطيع حضور الحفلة عبر السكايب، وعندما انتهت الحفلة عنونت صفحتها على فايسبوك «شكراً للتكنولوجيا!». في هذه الليلة بالذات شعرت كم هي تحبه، ورغم إنكارها ذلك مراراً، كتبت له قصيدة علّه يفهم من دون حاجتها إلى الكلام «يا رجلاً يندس بين تفاصيل الحلم... ويحتل رغبة الشتاء بالدفء»، قرأتها له فكان جوابه «بحبك ع قد ما في بيني وبينك مسافات!». كان جوابه لها كافياً، فالمسافات بينه وبينها بعيدة، مستحيلة، وإذا كان يحبها بهذا القدر فهذا يعني إنه يحبها فعلاً!
«شو بيطلع ع بالي كزدر أنا وايّاك تحت الشتي»، قالتها وابتسمت، فأدرك ابتسامتها عن بعد «عم تبتسمي؟ صح؟»، ضحكت. هي: «بُكرا رح آخدك معي مشوار». هو: «تمام، بس تصيري تحت بيتي زمريلي»، هي: «زمريلي باللغة الافتراضية، بس شو يعني بلغة الواقع؟»، هو: «يعني اعمليلي رنة». ابتسمت لحاسوبها _ أي له _ مجدداً، ثم نظرت إلى الخارج بعد سماعها لصوت المطر. هي :«ع سيرة الشتي، سامع؟ عم تشتي كبِس عندي ببيروت... كيف الطقس عندك برام الله؟».

إهداء: إلى غريب في رام الله