بعد العديد من المحطات التي تعرضت خلالها المفاوضات الائتلافية الى أكثر من حالة تعثر أدت الى تأجيل خواتيمها، وكان آخرها توجيه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو «صفعة» تكتيكية لشريكيه في الحكومة، نفتالي بينيت (رئيس حزب «البيت اليهودي») ويائير لابيد (رئيس حزب «يش عتيد»)، عبر الغاء منصب نائب رئيس الحكومة، جرى التوقيع، أمس، على اتفاق نهائي بين أحزاب الائتلاف الحكومي (الليكود ــ بيتنا، «البيت اليهود» و«يش عتيد»...)، سلَّم فيه الأخيران بقرار الالغاء، وهو ما يتيح لنتنياهو، تقديم تشكيلة حكومته الجديدة أمام رئيس الدولة شمعون بيريز مساء يوم غد، كما أُعلن.
وعلى الرغم من التنافس والتجاذب القاسي الذي شهدته المفاوضات الائتلافية، التي كرّست ضعف نتنياهو وأظهرته في التركيبة الحكومية، كنتيجة طبيعية للتراجع التمثيلي الذي شهده «الليكود» والتحالف المفاجئ بين لابيد وبينيت، تعهد نتنياهو بـ«العمل الجماعي في الحكومة الجديدة والتعاون من أجل تعزيز أمن دولة اسرائيل وتحسين مستوى المعيشة». لكن الواقع أن ظلال هذا الضعف ستبقى قائمة عند كل محطة واستحقاق تتعدد فيه المواقف وتتكرّر فيه الاصطفافات، إلا في حال تفكك التحالف بين الثنائي بينيت ولابيد. مع التأكيد على غلبة الطابع اليميني للحكومة الجديدة الذي يعكس مساحة واسعة من الإجماع بين أطراف الحكومة وتحديداً في ما يتعلق بالمسار الفلسطيني.
في جميع الاحوال، فان تسليم لابيد وبينيت، بالغاء منصب نائب رئيس الحكومة، لا يلغي حقيقة الإنجازات التي تمكنا من تحقيقها بفضل تحالفهما الوثيق حتى اللحظة الأخيرة. لجهة حزب «يوجد مستقبل» فقد تمكن من نيل خمس حقائب، بينها وزارة المالية، والتعليم التي كادت تطيح المفاوضات، الى جانب فرض صيغة اتفاق لتجنيد الحريديم وإخراجهم من الحكومة. وبالنسبة لـ«البيت اليهودي»، فقد تمكن من السيطرة على غالبية المحور الاقتصادي الاجتماعي في الحكومة. كما تم الاتفاق على أن يكون رئيس «البيت اليهودي»، نفتالي بينيت، عضواً في المجلس الوزاري المصغر، رغم أن الحقيبة التي يتولاها (الاقتصاد والتجارة) لا تخوله الانضمام تلقائياً الى هذا المجلس، بموجب القانون، إلا بعد موافقة رئيس الحكومة.
كما تم الاتفاق على أن يشارك بينيت في كل منتدى حكومي سياسي أمني واقتصادي يضم رئيس الحكومة، إضافة الى العضوية في طواقم الوزراء لشؤون دفع عملية السلام مع الفلسطينيين التي يترأسها نتنياهو، الى جانب وزيرة القضاء تسيبي ليفني، ووزير الدفاع موشيه يعلون ووزير المالية يائير لابيد.
من جهة ثانية، تزامن الاتفاق على توزيع الحقائب في الحكومة المقبلة، بارتفاع منسوب الغضب والاستياء داخل «الليكود»، كما هي حال بقية الأحزاب، وخصوصاً بعد تراجع الحقائب المتبقية له، وصولاً الى حد اتهام رئيس الحكومة بالخضوع لاملاءات رئيس «اسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، بعدما بقي لـ«الليكود» سبع حقائب فقط، أغلبها متواضع. وهو خيار انتهجه نتنياهو نتيجة قلقه المتزايد من أن ينشق ليبرمان عن كتلة الليكود ـ بيتنا، الأمر الذي سيعمق من ضعف نتنياهو ويتسبب بحالة من اللاستقرار للحكومة. لكن مصادر في «الليكود» اتهمت ليبرمان بأنه يسعى لتوحيد الحزبين خلال مؤتمر «الليكود» المقبل، وهو ما اعتبروه «محاولة السيطرة (على الليكود) من الداخل».