بعد يوم من تقديم لندن رؤية مخالفة للتوجّه الأوروبي حول تسليح المعارضة السورية، ردّت موسكو من العاصمة البريطانية بموقف واضح يرى في التسليح خرقاً للقانون الدولي، ويشدد على ضرورة التحرك حسب بيان جنيف. وفي موقف أميركي لافت، طالب وزير الخارجية جون كيري بأن يجلس الرئيس السوري والمعارضة إلى طاولة المفاوضات بغية تشكيل حكومة انتقالية. وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن تسليح المعارضة السورية يخالف القانون الدولي. وفي مؤتمر صحافي مشترك له مع نظيره البريطاني ويليام هيغ ووزير الدفاع فيليب هاموند، عقد في أعقاب أول جلسة للحوار الاستراتيجي الروسي _ البريطاني في لندن، قال لافروف إنّ «روسيا تنتظر من المعارضة السورية تشكيل فريق للتفاوض مع السلطات في دمشق». وأضاف «الحكومة (السورية) قد قامت بذلك، أما المعارضة فنحن ننتظر ذلك منها». وأكد لافروف: «نحن نريد وقف العنف. والعملية الانتقالية أمر ضروري. ونحن متفقون على أن الأساس للتحرك (الى الأمام) هو بيان جنيف». وأشار لافروف، كذلك، إلى أنّ مصير الرئيس السوري بشار الأسد يجب أن يقرّره الشعب السوري، وأن من يطالبون بتنحّيه قبل بدء الحوار الوطني يضعون أهدافهم الجيوسياسية فوق مهمة وقف العنف.
بدروه، قال هيغ: «لم نستبعد أبداً أي شيء في المستقبل. لا نعلم مدى الخطورة التي سيصبح عليها الوضع». وقال وزير الدفاع فيليب هاموند إنّ بريطانيا «ستقوم بمراجعة الوضع باستمرار». وأضاف «الذي يمكن أن تتأكدوا منه هو أن أي خطوة سنتخذها ستكون قانونية، وستكون على أساس واضح وقوي في القانون الدولي».
في السياق، أعلنت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، في أعقاب لقاء نائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف مع وفد الدبلوماسيين الفرنسيين، أنّ روسيا تقف إلى جانب البدء الفوري للحوار الوطني بدون شروط مسبقة في سوريا، حسب بيان جنيف».
وفي تطوّر لافت، رأى وزير الخارجية الأميركي جون كيري أنّ تشكيل حكومة انتقالية في سوريا لا يتطلب فقط أن يغيّر الرئيس السوري من حساباته، بل والتوصل إلى توافق أكبر بين القوى المعارضة له. وقال كيري، في مؤتمر صحافي مع نظيره النروجي اسبين بارت إيدا، «نريد أن يجلس الأسد والمعارضة السورية إلى طاولة المفاوضات بغية تشكيل حكومة انتقالية ضمن الإطار التوافقي الذي تم التوصل إليه في جنيف». وبحسب قول كيري «هذا ما نسعى إليه... والتوصل إلى هذا الأمر يتطلّب أن يغيّر الرئيس الأسد الحسابات لكي لا يظن أنّه يستطيع إطلاق النار إلى ما لا نهاية، كما يجب أيضاً أن تجلس إلى طاولة المفاوضات معارضة سورية مستعدة للتعاون». وأشار إلى أنّ الولايات المتحدة تستمرّ في الضغط على المعارضة السورية لتأمين وحدة صفوفها.
في موازاة ذلك، أكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أنّ بلاده يمكن أن تتجاهل حظراً يفرضه الاتحاد الأوروبي وتزوّد المعارضين السوريين بالأسلحة إذا كان ذلك يمكن أن يساعد في إسقاط الرئيس بشار الأسد.
ورداً على أسئلة لجنة في مجلس العموم البريطاني حول إمكانية تمديد الحظر على الأسلحة بعد انتهائه بعد ثلاثة أشهر، قال كاميرون «نودّ أن نواصل العمل وفق الطرح الأوروبي». وأضاف «آمل أن نستطيع إقناع شركائنا الأوروبيين إذا أصبح الأمر (مدّ المعارضة السورية بالأسلحة) ضرورياً أو عندما يصبح كذلك، وأن يوافقوا على ذلك».
من جهته، قال المنسق العام لـ«هيئة التنسيق الوطنية» حسن عبد العظيم، في حديث إلى قناة «روسيا اليوم»، إن تصريح وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن ضرورة جلوس المعارضة السورية والرئيس بشار الأسد إلى طاولة المفاوضات «ليس زلة لسان، بل هو حصيلة جهود (الموفد العربي والدولي الأخضر) الإبراهيمي في الوصول إلى توافق أميركي _ روسي حول حلّ سياسي للأزمة ووقف العنف ونزيف الدماء».
من ناحيته، قال الناطق الرسمي باسم «الائتلاف» المعارض، وليد البني، إنّ «الائتلاف لا يمانع الحوار مع ممثلين للنظام السوري، ما دام الحوار سيبدأ بعد تنحية الرئيس بشار الأسد». وأوضح، حسب ما نقلت وكالة «الأناضول» التركية، أنّه يرفض «تحديد الأسماء التي قد تكون مقبولة للحوار، حيث إنه أمر سابق لأوانه».
إلى ذلك، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، إنّ مسؤولاً في بعثة الاتحاد في سوريا قتل في هجوم صاروخي. ولفتت في بيان إلى أنّ «أحمد شحادة قتل أثناء تقديمه مساعدات إنسانية لأهالي ضاحية داريا حيث يقيم». في سياق آخر، دعا «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» جميع المسلمين والعرب إلى إنقاذ الشعب السوري المظلوم، وأن يتحملوا مسؤولياتهم أمام ما يتعرض له من قتل ممنهج.
وأفتى الاتحاد برئاسة الشيخ يوسف القرضاوي «بوجوب نصرة هذا الشعب المظلوم، بكل الوسائل المتاحة، للأدلة القطعية من الكتاب والسنّة وإجماع الأمة، الدالة على وجوب نصرة المظلومين».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، أ ب)