تونس | في تجمّع شعبي في مدينة عنابة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة يوم الجمعة الماضي، قالت زعيمة حزب «العمال» الجزائري، لويزة حنون، إنّ شركة أميركية تتولّى تدريب ٢٠٠ شاب جزائري في تونس للقيام بثورة في الجزائر على غرار ما حصل في بلدان الربيع العربي.
وأكّدت حنون وجود منظمات لها علاقة بالاستخبارات الأميركية تعمل على زعزعة الاستقرار في الجزائر، مستغلّة بعض الأوضاع الاجتماعية الصعبة في الجنوب الجزائري ومنطقة القبائل.
وجاءت تصريحات زعيمة حزب «العمال» اليسارية بعد تصريحات المسؤول الجزائري، فرحات مهني، الذي دعا فيها الى انفصال الجنوب الجزائري.
ليست هذه المرة الأولى التي يتهم فيها مسؤول جزائري تونس بضلوعها، وإن على نحو غير مباشر، في زعزعة الاستقرار في الجزائر، إذ سبق للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أن أكّد منذ أيام أنه في مدينة عنابة القريبة، من الحدود التونسية، تُحاك مخططات لتخريب الجزائر، وتقويض نظامها. لم يشر بوتفليقة الى النظام في تونس على نحو رسمي، لكنه قال: «فلنحذر مما يخطط لنا في بلدان الجيران».
بدورها كذّبت وزارة العدل وحقوق الانسان التونسية منذ أيام ما تداولته بعض وسائل الاعلام عن تدريب منظمة «هيومن راتش»،
بالتعاون مع الوزارة، شباناً جزائريين في تونس، فيما اتهمت وسائل اعلام جزائرية إمارة قطر بالإعداد لمخطط يهدف الى زعزعة استقرار الجزائر بنفس آليات السيناريو الليبي والمصري انطلاقاً من
تونس.
الحكومة التونسية تؤكّد في كل مرّة أنّ العلاقات مع الجزائر متميزة، وأنّها لا يمكن أن تكون قاعدة خلفية لاستهداف الجزائر. لكن تورط عدد كبير من الإسلاميين المتشدّدين في أحداث عين ميناس في الجنوب الجزائري، وكشف شبكات لتهريب السلاح من ليبيا الى الجزائر عبر تونس، وتّرا العلاقات التونسية الجزائرية، وتبين ذلك من خلال مرور ذكرى أحداث ساقية سيدي يوسف يوم ٨ شباط ١٩٥٨، التي تمازجت فيها دماء التونسيين والجزائريين، بصمت تام، في الوقت الذي كانت فيه هذه الذكرى تحظى بإشراف رئاسي أو على مستوى رؤساء الحكومتين على الأقل منذ استقلال الجزائر
في ٥ تموز ١٩٦٢.
من جهة ثانية، نفت وزارة الداخلية أن تكون الجزائر قد سلّمت قاتل شكري بلعيد، كمال القضقاضي. وقد أحدثت جريمة اغتيال شكري بلعيد تجاذباً كبيراً حول صلة المجموعة المتهمة بالجزائر، إذ ذكر رئيس هيئة الدفاع السابق فوزي بن مراد، أنّ الذين نفذوا الجريمة جزائريون، فيما الجهة التي خططت وقررت هي جهة تونسية، وأن القتلة عادوا الى الجزائر بعدما نفذوا جريمتهم. وهو ما نفته السلطات الجزائرية ودانته عائلة بلعيد، التي برأت الجزائر من أي مسؤولية في الاغتيال، فيما قدمت وزارة الداخلية التونسية معطيات رسمية عن الجريمة لم تكن فيها أي إشارة الى الجزائر.
وتعود جذور العلاقات الباردة بين الجزائر وتونس التي يحكمها الإسلاميون منذ ٢٣ تشرين ٢٠١١ الى مطلع التسعينيات،
عندما لجأ عدد من قادة الحركة الإسلامية في تونس الى الجزائر، واستقروا فيها أشهراً، ومن بينهم زعيم حركة «النهضة» راشد الغنوشي، الذي يتهمه عدد من الناشطين الجزائريين بالضلوع في الأحداث الدامية التي عاشتها الجزائر طيلة سنوات ما بعد انتخابات ١٩٩١.
ومن المعروف أن الغنوشي له علاقات وطيدة مع قادة «جبهة الإنقاذ» الجزائرية مثل علي بلحاج وعباس مدني، لذلك يرى
عدد من المتابعين للعلاقات التونسية الجزائرية أن الجار الجزائري لم يتحمس كثيراً لصعود حركة «النهضة» الى الحكم لهذه الأسباب
القديمة.
ولعلّ ذلك ما يفسر تأخر زيارة رئيس الحكومة المستقيل حمادي الجبالي، الى الجزائر التي تمثل ثقلاً إقليمياً كبيراً، وخصوصاً في معالجة الملف الأمني، الذي لا يمكن التقدم فيه من دون تنسيق جزائري تونسي. وهو ما يفسر أن وزير الداخلية الجزائري هو الوحيد الذي زار تونس منذ صعود حكومة «النهضة»
الأولى.
في الوقت الذي كان من المفروض أن يكون فيه التعاون أكبر، مثلما كان الحال عليه في حكومة الباجي قائد السبسي.