يتوجّه البيت الأبيض للحاق بركب الدول «المانحة عسكرياً» للمعارضة، في وقت لم يبتعد فيه هذا المنحى عن زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري لباريس، في خطوة تزامنت مع تتابع التقارير عن وصول شحنات أسلحة متطورة للمعارضة المسلحة. وأعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في ختام محادثاته مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ونظيره لوران فابيوس، أنّ الولايات المتحدة وفرنسا تدرسان «وسائل تسريع العملية الانتقالية السياسية» في سوريا. وأوضح أنّ هذا الأمر سيبحث اليوم أثناء اجتماع «أصدقاء الشعب السوري». وقال كيري «أعتقد أن المعارضة السورية بحاجة إلى مزيد من المساعدة. نعتقد أن من الأهمية بمكان أن يصل مزيد من المساعدة إلى المناطق المحررة».
وتابع كيري قائلاً إنّ واشنطن تريد تقديم المشورة للمعارضة السورية بشأن كيفية الاسراع بحلّ سياسي. ومضى يقول «قد يتطلب منا ذلك تغيير الحسابات الحالية للرئيس (بشار) الأسد. ينبغي أن يعرف أنّه لا يستطيع حلّ الأزمة عسكرياً، ومن ثم نحن في حاجة إلى إقناعه بذلك». بدوره، أشار فابيوس إلى أنّ «الوضع في سوريا غير مقبول»، معتبراً أنّ «على الرئيس السوري بشار الأسد أن يرحل».
وبعد زيارته الباريسية، وصل كيري إلى روما للمشاركة في «الاجتماع الوزاري المصغر» بشأن سوريا. وأشار بيان لوزارة الخارجية الأميركية إلى أنّ «الاجتماع سيضمّ ممثلين عن 34 دولة، بينهم 23 وزير خارجية، وبحضور الأمين العام لحلف شمالي الأطلسي أندرس فوغ راسموسن، والمنسقة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون».
وفي تقرير جديد حول توجّه واشنطن لدعم المعارضة المسلحة، قالت صحيفة «واشنطن بوست»، نقلاً عن مسؤولين أميركيين وأوروبيين، إنّ البيت الأبيض يدرس تغييراً في سياسته تجاه الصراع الدائر في سوريا، وأنّه قد يرسل سترات واقية من الرصاص ومركبات مدرعة إلى مقاتلي المعارضة، وربما يقدّم تدريباً عسكرياً. وأضافت الصحيفة أنّ من المتوقع أن يناقش الوزير جون كيري التغيير المقترح في السياسة مع مسؤولين أثناء جولته الحالية في عواصم أوروبية وعربية. وبعد مجمل التقارير التي أكدت وصول شحنات أسلحة جديدة إلى المقاتلين المعارضين، أبلغ عدد من قادة المعارضة ومقاتليها وكالة «رويترز» أنّ شحنة وصلت إلى سوريا عبر تركيا الشهر الماضي، اشتملت على معدات تحمل على الكتف وعتاد محمول آخر، بما في ذلك أسلحة مضادة للطائرات والدروع وقذائف هاون وقواذف صاروخية. وأشار معارضون مسلحون إلى أن الأسلحة _ إضافة إلى أموال لدفع رواتب للمقاتلين _ يجري توزيعها من خلال هيكل قيادة جديد في إطار خطة للداعمين الأجانب من أجل مركزية السيطرة على وحدات المعارضة، وكبح الإسلاميين المرتبطين بالقاعدة. لكن في علامة على صعوبة توحيد الجماعات المقاتلة المتباينة، قال بعض المقاتلين إنهم رفضوا الأسلحة ورفضوا الخضوع للقيادة الجديدة.
إلى ذلك، أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، باتريك فينتريل، عن قلق بلاده من وجود «عناصر متطرفة» في صفوف المعارضة السورية. وأضاف «أوضحنا أننا سندعم المعارضة الديمقراطية التي تعمل من أجل سوريا معتدلة، وطبيعي أننا سوف نحيّد العناصر المتطرفة التي تنظر إلى مستقبل سوريا من زاوية مختلفة تماماً».
في موازاة ذلك، أعربت بغداد عن قلقها من انتقال عدوى الصراع في سوريا إلى أراضيها. وحذّر رئيس الوزراء، نوري المالكي، من أنّ انتصار المسلحين الذين يقاتلون النظام سيؤدي الى اندلاع حروب طائفية في العراق ولبنان، وإلى ظهور تربة خصبة لـ«القاعدة».
وأشار المالكي، في تصريح إلى وكالة «أسوشييتد برس»، إلى أنّه «لا يرى الضوء في نهاية النفق في حال لم يتفق العالم على دعم الحل السياسي عبر الحوار». في السياق، قال وزير النقل هادي العامري، في حديث إلى وكالة «رويترز»، إنّ دعم تركيا وقطر للمعارضة المسلحة في سوريا يرقى إلى حدّ إعلان حرب على العراق الذي سيعاني من تبعات صراع تتزايد صبغته الطائفية إلى جواره. من ناحيته، أكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، سعيد جليلي، أنّ بعض القوى الخارجية تمارس سياسة خاطئة تجاه سوريا عبر استمرار تقديم الدعم للإرهابيين، معتبراً أنّ «الديمقراطية هي أساس الحل في سوريا من خلال آليات ديمقراطية يعترف بها الجميع، عبر حوار داخلي وانتخابات».
في غضون ذلك، واصلت أنقرة هجومها على النظام السوري، إذ رأى رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان «أن من المستحيل دعم النظام الغاشم لبشار الأسد بحجة افتقار المعارضة السورية إلى زعيم يجمعها». وأكد أن «المقاومة التي تخوضها المعارضة مهمة ومن الضروري تقديرها».
من جهته، أشار وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام والاتصال، سميح المعايطة، إلى أنّّ «الأردن لم يصنع الأزمة السورية بل هو أحد ضحايا هذه الأزمة، وهو من الجهات التي تدفع ثمن هذه الأزمة على أكثر من صعيد، وليس في موضوع اللاجئين السوريين فقط».
إلى ذلك، قال نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، إن موسكو مستعدة لعقد مؤتمر بشأن اللاجئين السوريين. وأضاف أنها تجري اتصالات مع كافة الأطراف المعنية لحل هذه القضية.
ميدانياً، سقطت قذائف عدة على المجمع الأمني وعلى بناء القضاء العسكري في منطقة التوجيه بالقرب من حيّ كفرسوسة بدمشق، فيما تجدّد القصف على حيّ جوبر، ودارت اشتباكات في داريا بريف دمشق، كما تواصلت الاشتباكات في محيط مدرسة الشرطة ببلدة خان العسل بريف حلب. وأفادت «لجان التنسيق المحلية» عن تعرّض «حيّ الخالدية وأحياء حمص القديمة للقصف، كما استهدف قصف من الطائرات الحربية منطقة تل التبابير في ريف حمص، كذلك تجدد القصف على مدن الرستن والحولة».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، أ ب، سانا)