دخل «الائتلاف» مرحلة جديدة في معارضته. وافق على تشكيل حكومة موقتة خلال عشرة أيام. وكرّر رفضه التفاوض مع الرئيس بشار الأسد، في وقت هاجمت فيه دمشق الأخضر الإبراهيمي، مؤكدة أنّ الرئيس الأسد «لا يناقش المسائل الداخلية مع أحد غير سوري». أما موسكو، التي تستعدّ لسلسلة لقاءات مع شخصيات سورية معارضة وموالية، فاعتبرت أنّ واشنطن أوقفت مطالبتها بالدفع نحو تنحي الأسد، الذي هو مسألة ثانوية. واتفق «الائتلاف» المعارض على تسمية رئيس للوزراء تمهيداً لتشكيل حكومة في الخارج. وذكر مصدر في الائتلاف أنّه قرّر الاجتماع في اسطنبول في الثاني من آذار لاختيار رئيس الوزراء. كما كشف مصدر آخر، لوكالة «الأناضول»، أنّ الفترة المقبلة ستشهد دراسة مجموعة من الأسماء المرشحة لتولي رئاسة الحكومة، بينها رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن اسم حجاب «يحظى بموافقة عدد ليس بقليل من أعضاء الائتلاف».
وأعلن الائتلاف أنّه مستعد للتفاوض في إطار حلّ سياسي يتضمن تنحي الرئيس السوري بشار الأسد والقيادة الأمنية. وأعرب المتحدث باسمه، وليد البني، أنّ هناك عشرات الآلاف من الموظفين والبعثيين في مناصب عليا في الدولة ليسوا جزءاً من النظام ولم تتلطخ أيديهم بالدماء، وأضاف «نريد التحاور معهم بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والطائفية والسياسية».
في السياق، طالبت الهيئة العامة للائتلاف بإضافة عبارة إلى الوثيقة الخاصة برؤية الائتلاف للحلّ السياسي للأزمة السورية، تشترط موافقة الهيئة على أيّ مبادرة جديدة للحل. وقال مصدر بالائتلاف لوكالة «الأناضول» إنّ سبب وضع هذا الشرط هو أن عدداً كبيراً من أعضاء الهيئة اعترضوا على قيام رئيس الائتلاف، أحمد معاذ الخطيب، بطرح مبادرة للحل دون الرجوع إلى الهيئة.
في موازاة ذلك، كان لموسكو موقف مختلف، إذ اعتبرت أن مصير الرئيس السوري مسألة ثانوية، وأن واشنطن كفّت عن مطالبتها بالضغط علية للتنحي. وأعرب رئيس الوزراء الروسي، دميتري مدفيديف، عن ثقته بأن النزاع المسلح، في سوريا سيستمر إذا لم يتفق السوريون في ما بينهم، مشيراً إلى أنّ «مصير الرئيس (بشار) الأسد يعتبر مسألة ثانوية».
وقال مدفيديف، في مقابلة مع صحيفة «O Globo» البرازيلية، إنّ «الوسيلة الوحيدة لتسوية الخلافات، والوسيلة الوحيدة لتهدئة الوضع هي لجوء جميع الأطراف إلى طاولة المفاوضات».
بدوره، أكّد نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أن «موسكو تنتظر سلسلة زيارات لعدد من ممثلي المعارضة السورية»، آملاً أن «يطلق حوار سوري وطني شامل». ولفت، في حديث لقناة «روسيا اليوم»، إلى «أنّنا نفهم من تصريحات المسؤولين السوريين أن للقيادة السورية برنامجاً ورؤية للتسوية السياسية ونجد في ذلك بداية طيبة»، معتبراً أنّ «ثمة العديد من القضايا بحاجة إلى تدقيق، الأمر الذي يتطلب إجراء مشاورات معمقة إضافية»، آملاً أنّ «تتم في 25 من الشهر الجاري أثناء زيارة وزير الخارجية وليد المعلم».
وفي حديث مع قناة «الميادين»، أعرب بوغدانوف عن أمله بأن يجلس ممثلو الحكومة والمعارضة في سوريا إلى طاولة الحوار عمّا قريب. وقال إن «موسكو ستستقبل في الأول من آذار المقبل مناف طلاس، وبعد الخامس منه أحمد معاذ الخطيب، وفي الحادي عشر منه هيثم مناع، وذلك في سياق مشاوراتها مع المعارضة السورية. واعتبر بوغدانوف أنّه من المهم أنّ لقاء سيرغي لافروف مع جون كيري في برلين سيجري بعد لقاء الوزير الروسي بنظيره السوري وليد المعلم في موسكو. وحول التحّولات في الموقف الأميركي، قال إنّ الأميركيين يعرفون موقفنا الواضح بخصوص الرئيس بشار الأسد وكفّوا عن مطالبتنا بإقناعه بالتنحي.
دمشق، من جهتها، عبّرت بوضوح عن رفضها مناقشة أيّ مسائل الداخلية «مع أحد غير سوري». وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) نقلاً عن «مصدر إعلامي» قوله إنّ «الحكومة السورية كانت ومازالت تعتقد أن النصر الحقيقي الذي سيتحقق سيكون لكل السوريين، وأنّ الحل السياسي هو الطريق لتحقيق هذا النصر». وأضاف المصدر «أنّ شكل النظام السياسي وطبيعة الحكومة والانتخابات شأن سوري والرئيس بشار الأسد لا يناقش هذه المسائل الداخلية مع أحد غير سوري». وتابع المصدر أنّه «من الواضح أن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي غير قادر على فهم المنطق السوري، الذي يضع مفهوم السيادة قبل أي مفهوم وفوق أي اعتبار».
في سياق آخر، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في ختام مباحثاته مع نظيره الصيني يانغ جيه تشي في موسكو، أمس، إنّ موقف واشنطن من تفجير أول من أمس في دمشق، «يثير الإحباط لأنّ جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي بلا استثناء كانوا حتى وقت قريب منحازين لموقف التنديد بأية هجمات مهما كانت دوافعها». ورأى لافروف أنّ «ممثلو الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة اتخذوا موقفاً آخر، مقترحين تحميل جانبي النزاع المسؤولية عما حدث»، موضحاً أنّه «نرى في ذلك تطبيق معايير مزدوجة».
في غضون ذلك، ندد المبعوث الدولي إلى سوريا، الأخضر الابراهيمي في بيان أمس، «بشدة بالتفجير الوحشي والرهيب في دمشق (الذي وقع أول من أمس)». وأضاف «ليس هناك ما يبرر أعمالاً رهيبة مماثلة»، لافتاً إلى أنها «تشكل جرائم حرب وفق القوانين الدولية».
وذكر بيان الإبراهيمي، الصادر في نيويورك، بأن الموفد الدولي اقترح في تقريره الأخير الى مجلس الامن الدولي في 26 كانون الثاني الماضي بـ«اجراء تحقيق دولي مستقل في جرائم كهذه».
بدورها، أدانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، كافة أعمال العنف العشوائية ضد المدنيين والمنشآت الدبلوماسية في سوريا، والتي تنتهك القانون الدولي».
بدورها، دانت وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان، «سلسلة التفجيرات التي وقعت في دمشق وأدّت إلى مقتل وجرح مئات المدنيين»، معتبرةًَ أنها «جرائم حرب». ميدانياً، استعاد الجيش السوري سيطرته على دوار السبع بحرات في حلب بعد عمليات عسكرية واسعة انتقلت إلى محيط اللواء 80، و محيط مطار حلب الدولي. وتقدمت قوات النظام نحو شارع السجن، بينما دخلت فرقة عسكرية أخرى إلى حيّ قسطل مشط. في المقابل، شنّت المجموعات المسلحة هجومين منفصلين متزامنين على مدرسة الشرطة في ريف حلب الغربي، ومطار كويرس العسكري في الريف الشرقي.
وتعرض حيّ الأشرفية لقصف بنحو 40 قذيفة هاون سقط معظمها في شارع سوق الخضرة وشارع الخزان وبالقرب من الدوار الأول. كما أفيد عن مقتل عشرات المسلحين في مواجهات قرب مقر اللواء /80/، القريب من مطار حلب الدولي. ولم تنجح أعداد كبيرة من المسلحين في الدخول إلى المطار بعدما جرى تعزيزها من قبل مجموعات أتت من قرى الباب، وتادف، ومارع. وصدّ عناصر حماية مدرسة الشرطة في خان العسل بريف حلب هجوماً لمسلحين معارضين.
وفي السياق ذاته، أفيد من ريف حلب الشرقي، بأنّ الجيش حقق تقدماً في قرى تل عرن وتل حاصل، وهي تقترب من قرية جبرين قرب مطار حلب الدولي والنيرب واللواء /80/.
من ناحيتها، أفادت مصادر معارضة بـ«أنّ اشتباكات عنيفة دارت بين الجيش ومعارضين مسلحين في مخيّم اليرموك، لافتة إلى تعرض حيّ جوبر بدمشق وداريا ويبرود والمعضمية بريفها للقصف من قبل الجيش النظامي.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)