موسكو أصبحت في الفترة الأخيرة محطة رئيسية للتباحث في سبل حلّ الأزمة السورية. والعاصمة الروسية تسعى إلى اتصال مباشر بين الحكومة والمعارضة، في وقت دعا فيه ضيفها، الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، الرئيس بشار الأسد إلى تسليم صلاحياته لنائبه وبدء الحوار مع المعارضة. بالتزامن مع ذلك، احتضنت القاهرة اجتماعاً مغلقاً للهيئة السياسية «للائتلاف» المعارض «لصياغة مبادرة جديدة». وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إنّ الرهان على تسوية النزاع السوري باستخدام القوة يؤدي إلى تدمير البلاد. وأضاف، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع العربي ووزراء خارجية العراق ومصر ولبنان على هامش أول منتدى ــ روسي عربي للتعاون: «سنستخدم كافة إمكانات جامعة الدول العربية وروسيا من أجل حصول اتصالات مباشرة بين الحكومة والمعارضة في سوريا». وحسب قوله، فإن اتجاهات إيجابية ظهرت حالياً للحوار بين الحكومة والمعارضة. وتابع: «إلّا أنّ الطرفين يضعان شروطاً مسبقة لهذا الحوار. ولكن ما دام الطرفان مستعدين للحوار فإنّ الاتفاق على المؤشرات مسألة تخصّ الفن الدبلوماسي».
وأفاد لافروف بأنّ روسيا مستعدة لتهيئة أرضية ملائمة للحوار بين المعارضة والحكومة السورية. وأضاف: «نحن لم نضع مثل هذا الهدف (الحوار في موسكو) نصب أعيننا، نحن نسعى من أجل أن يبدأ الحوار، ولكن أين وعلى أي مستوى، يجب أن يحدده الجانبان». وذكّر لافروف بأنّه، قريباً، سيجري لقاء مع وفد الحكومة السورية برئاسة وزير الخارجية وليد المعلم، كما «يجري حالياً الاتفاق على موعد زيارة رئيس الائتلاف المعارض أحمد معاذ الخطيب، ويحتمل أن يكون في بداية آذار المقبل». وأضاف: «سنتحدث مع هذا وذاك بصورة مكشوفة لخلق ظروف لبداية الحوار المباشر».
بدوره، دعا نبيل العربي، الرئيس السوري بشار الأسد تسليم صلاحياته لنائبه وبدء الحوار مع المعارضة، مجدّداً ترحيبه بمبادرة رئيس «الائتلاف» أحمد معاذ الخطيب. وعبّر عن أمله أن توافق الحكومة السورية على بدء الحوار. وأثنى العربي على الدور الروسي في المسألة السورية، وقال إنّ روسيا كانت لاعباً أساسياً في اجتماع جنيف، داعياً موسكو إلى استغلال علاقاتها القوية مع دمشق وإقناعها بالحلّ السياسي. وعبّر عن أسفه لعدم وجود اتصال مباشر بين الجامعة العربية والسلطات السورية.
في السياق، نفى رئيس اللجنة القانونية في «الائتلاف»، هيثم المالح، في حديث تلفزيوني، احتمال عقد لقاء بين أحمد معاذ الخطيب ووزير الخارجية وليد المعلم في موسكو. وشدّد على أنّ «الائتلاف» تحكمه وثيقة الدوحة التي تنصّ على مبدأ عدم التفاوض مع النظام السوري.
وعقدت الهيئة السياسية للائتلاف اجتماعاً مغلقاً، أمس، في القاهرة لمناقشة الوضع في الأراضي السورية. وسيبحث الاجتماع إمكانية طرح مبادرة جديدة يتعاطى معها المجتمع الدولي لحلّ الأزمة. يعقب ذلك اجتماع للهيئة العامة للائتلاف اليوم وغداً الجمعة لصياغة تلك المبادرة، «وبحث إمكان تشكيل حكومة في المنفى تُدير الشؤون العامة في المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر»، حسبما أفادت قناة «الجزيرة». وفي حال الوصول إلى اتفاق بخصوص هذه الموضوعات، سيعلن الائتلاف المبادرة واسم رئيس الحكومة في مؤتمر صحافي يوم الجمعة.
دمشق، من ناحيتها، واصلت إعلانها الانفتاح على مكوّنات المعارضة، ورأى وزير الإعلام عمران الزعبي، أنّ «الموفد الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي لم يعد وسيطاً نزيهاً»، مؤكداً أنّ «دمشق مع حلّ سياسي دون إقصاء أحد». ولفت الزعبي، في حديث إلى التلفزيون السوري، إلى أنّ «دمشق مستعدة للحوار مع جميع التنسيقيات ومع المجموعات المسلحة لإيجاد حلّ للأزمة السورية، لكن من دون شروط مسبقة». وأشار إلى أنّ «الباب مفتوح والطاولة موجودة وأهلاً وسهلاً وبقلب مفتوح لأيّ سوري يريد أن يأتي إلينا ويناقشنا ويحاورنا».
من جهته، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، رامين مهمانبرست، أنّ حلّ الأزمة في سوريا «لا يمكن أن يكون إلا سياسياً وعبر الحوار والمفاوضات بين الحكومة والمعارضة، لكن بعض الدول الإقليمية والأجنبية أصرت على التدخل في شؤون سوريا عبر إرسال السلاح للمعارضة وتشجيع المجموعات المسلحة على تنفيذ عمليات إرهابية تمهيداً لتدخل عسكري أجنبي في سوريا». وأوضح، في حديث لقناة «روسيا اليوم»، أنّ «التدخل الأجنبي العسكري» في سوريا سيؤدي إلى «سقوط عدد كبير من الضحايا الأبرياء من المدنيين وتدمير شامل للبنى التحتية في هذا البلد، لكن الجانبين في سوريا توصلا إلى أنّ الحل لا يمكن أن يكون إلا عبر الحوار».
ميدانياً، سقطت قذيفتا هاون، أمس، في حديقة ملعب مدينة تشرين الرياضية بمنطقة البرامكة بدمشق، ما أدى إلى وفاة أحد لاعبي فريق الوثبة وإصابة عدد من اللاعبين أثناء التدريب، بحسب وكالة الأنباء السورية «سانا». فيما قالت مصادر معارضة إنّ «مناطق في حيّ جوبر بمدينة دمشق تعرضت للقصف من قبل الجيش، ولم ترد معلومات عن خسائر بشرية حتى اللحظة».
بدورهم، قال نشطاء معارضون إنّ «صاروخاً سقط على مركز قيادة تشكيل رئيسي لمقاتلي المعارضة في دوما بريف دمشق، ما أدى إلى إصابة قائده». وذكر متحدث باسم مقاتلي المعارضة لوكالة «رويترز» أنّ «مؤسس لواء الإسلام زهران علوش أصيب في الهجوم».
إلى ذلك، أعلنت «لجان التنسيق المحلية» تعرّض مدينة الباب بريف حلب للقصف من قبل الجيش النظامي، «حيث سقطت قذائف عديدة على المدينة، ما أدى إلى إصابة عدد من المواطنين بجراح وأضرار مادية». وأعلنت تعرّض مخيّم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق للقصف، ما أدى إلى سقوط ثلاثة شهداء وعدد كبير من الجرحى.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)