«تشكيل حكومة ائتلافية، اختيار نائب عام جديد، تشكيل لجنة قانونية لمراجعة الدستور، معاقبة قتلة الثوار، ضمان نزاهة الانتخابات والسماح بالمراقبة الشعبية والدولية». ضوابط وصفها مراقبون بالتعجيزية بعدما اشترطها قياديون من جبهة الإنقاذ الوطني للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة. وإن كانت الجبهة قد تركت لنفسها مساحة للمناورة من خلال لائحة الشروط التي وضعتها، فإن التيار الشعبي، المنضوي في الجبهة بدا حاسماً في قرار المقاطعة، بل ودعم العصيان المدني الذي تشهده عدد من محافظات مصر، ومرجح للتصاعد ابتداءً من الغد.
حسم خيار المقاطعة من قبل التيار الذي يتزعمه حمدين صباحي، ظهر في بيان أكد فيه التيار أنه لن يتقدم بأي مرشحين باسمه في الانتخابات البرلمانية المقبلة. وشدد على أنه لن يدعم «نظاماً انقلب على كل اهداف ثورة يناير وتضحيات شهدائها ومصابيها ومفقوديها ومعتقليها»، لافتاً إلى أنه يحصر هدفه في استكمال الثورة.
أما عضو جبهة الإنقاذ، جورج إسحاق، فتحدث لـ«الأخبار» عن عدم وجود جدوى من المشاركة في جلسات الحوار الوطني التي ترعاها الرئاسة وكذلك الانتخابات البرلمانية «ما دام يصر الرئيس وجماعته على تجاهل مطالب الشارع وحقه في معرفة قتلة الثوار والقصاص منهم». وأضاف: «الإخوان ورئيسهم تعودوا مخالفة وعودهم، فسبق وتعهد الرئيس نفسه تشكيل لجنة قانونية تضم مختلف القوى السياسية لتعديل المواد المختلف عليها في الدستور، وردت عليه قيادات الحرية والعدالة بأنه ليس من سلطات أحد تعديل الدستور، وبالفعل لم يعدل الدستور».
ورغم اهمية اشهار المعارضة المصرية سيف المقاطعة في وجه النظام، وهو سيف سبق أن استخدمته مع نظام حسني مبارك خلال انتخابات البرلمان عام 2010 ونتج منه أشهر برلمان مزور كان لاحقاً من بين أبرز أسباب قيام ثورة «25 يناير»، فإن النظام الحالي قابل دعوات المقاطعة بعدم الاكتراث. وعدّ الدعوات إلى المقاطعة هرباً متعمداً من الصناديق التي عادةً ما تنحاز إلى الرئيس وجماعته.
ووفقاً لعضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، هشام جودة، تحاول المعارضة الهرب من الصناديق وتقويم الشعب لعمل قيادتها بشتى الوسائل. وأضاف: «في ضوء كثرة الأحزاب الموجودة على الساحة المصرية مقاطعة الإنقاذ للانتخابات لن تؤثر، ولا سيما أن الجبهة قالت من قبل إنها ستقاطع المشاركة في الاستفتاء على الدستور ولكنها شاركت».
جودة يبدو محقاً في اقتصار المقاطعة إن جرت على الجبهة. فرغم قرب حزب النور السلفي أخيراً لجبهة الإنقاذ وصدامه المعلن مع الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين وحتى احتمال خوضه الانتخبات منفرداً، إلا أن موقفه من الانتخابات لم يختلف كثيراً عن موقف حزب الحرية والعدالة، الذي رأى أن إجراء الانتخابات في موعدها المحدد في الدستور هو السبيل الوحيد لإنهاء حالة الاحتقان السياسي في مصر.
في غضون ذلك، تصاعدت الدعوات إلى ضرورة عدم اقتصار العصيان المدني على مدينتي بورسعيد والإسماعيلية، رغم استمرار محاولات الاحتواء من قبل النظام، وآخرها غزل رئيس الحكومة بتاريخ المحافظة النضالي قبل أن يستتبعه بدعوة إلى إعادة الحياة في بورسعيد. ودعا تحالف «إنقاذ الثورة» إلى بدء عصيان مدني في محافظات القاهرة والإسكندرية والجيزة والشرقية والغربية اعتباراً من الغد، مطالباً بخروج مسيرات بأواني الطهي الفارغة.
في هذه الأثناء، كان لافتاً إعلان مجموعات «blackblockEgypt» وقف نشاطها موقتاً، لوضع القوانين والشروط اللازمة التى تسير عليها المجموعة، منددة بالحركات التي تقوم بأعمال تخريب وتُلصَق التهم بالمجموعة.