حراك سياسي متسارع شهدته القاهرة على مدى اليومين الماضيين، بعد عودة الحديث عن إمكانية تشكيل حكومة جديدة، فيما أكد رئيس هيئة الأركان المصرية الفريق صدقي صبحي أن القوات المسلحة ستتجنب التدخل في السياسة لكن يمكن أن تقوم بدور إذا «تعقدت» الأمور. وفيما أعرب صبحي عن أمله بأن تحل الجماعات السياسية المتنافسة نزاعاتها بالحوار، بإشارته إلى أن حواراً وطنياً سيعقد في غضون أسبوع أو أسبوعين بين جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة والمعارضة، قال إن الجيش يمكن أن يساعد أحياناً في هذه المشكلة، ويمكن أن نلعب هذا الدور إذا تعقّد الموقف، من دون أن يذكر تفاصيل.
وجاء حديث صبحي من أبو ظبي، وسط مشاورات متعددة الأطراف أوحت بأن الرئيس محمد مرسي أعاد وضع خيار تشكيل حكومة وحدة وطنية على الطاولة، من دون أن يعني ذلك نيته الذهاب في هذا الخيار حتى النهاية. وفيما ترددت أسماء المرشحين وتراوحت بين رئيس الوزراء السابق كمال الجنزوري ومحمد العريان رئيس المجلس الأميركي للتنمية العالمية ونائب الرئيس السابق محمود مكي ورئيس حزب الوسط مهندس أبو العلا ماضي، بدا رئيس حزب «غد الثورة» أيمن نور نجم المشاورات، تزامناً مع كشف مصادر عن أن هناك عرضاً إخوانياً على قيادات «جبهة الإنقاذ» بتوليه رئاسة الحكومة حتى إجراء الانتخابات البرلمانية.
فبعد يوم من لقائه بمرسي، التقى نور أمس بالقيادي في جبهة الانقاذ الوطني عمرو موسى. وأوضح نور في تصريحات صحافية أنه نقل تخوفات القوى المدنية وتصوراتها تجاه الانتخابات. لكن الأهم أن مرسي، وفقاً لنور، لم يبد رأيه الكامل وتصوره تجاه الحكومة الحالية حتى يتحدث عن تغيير وزاري أو حكومة جديدة من الأساس. أما موسى، رئيس حزب المؤتمر، فأوضح أن مؤسسة الرئاسة لم تعط انطباعاً عن إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية، مشدداً على أهمية تأجيل الانتخابات البرلمانية المقبلة.
في موازاة إعادة بحث مسألة الحكومة، كان لافتاً أول من أمس اللقاء الذي جمع رئيس حزب الحرية والعدالة سعد الكتاتني بالقياديين في جبهة الإنقاذ الوطني، محمد البرادعي رئيس حزب الدستور والسيد البدوي رئيس حزب الوفد، وتخلله مناقشة سبل الخروج من حالة الاستقطاب، فيما نفى الكتاتني على موقعه الرسمي أن يكون اللقاء تطرق إلى مبادرة حزب النور لحل الأزمة التي تشمل تشكيل حكومة ائتلاف وطني.
وجاءت هذه المشاورات في وقتٍ بدأت فيه مختلف القوى الاستعداد للانتخابات البرلمانية التي رجّح مسؤول مطلع في الرئاسة المصرية أمس، لوكالة «أنباء الأناضول»، أن يدعو مرسي إلى فتح باب الترشيح لها أواخر الشهر الحالي، بينما ستتم دعوة الناخبين إلى الاقتراع أواخر نيسان أو أوائل أيار.
وأعلن الأمين العام لحزب الحرية والعدالة حسين إبراهيم، في ختام المؤتمر العام الثاني للحزب، أن حزبه سينافس على جميع المقاعد خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة، بعدما خاض الحزب الانتخابات الماضية منافساً على حوالى 80 في المئة من المقاعد.
على المقلب الآخر، لا تزال جبهة الانقاذ الوطني مستمرة في حالة الضياع التي تعيشها بين تصريح وتصريح مضاد. فبعد يوم من إعلان اتفاقها مع النقابات العمالية على ضرورة مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة، لم تستبعد قيادات في الجبهة إقامة تحالف مع حزب النور «داخل البرلمان في حال قررنا خوض الانتخابات».
يأتي ذلك في ما يبدو أن العلاقة المتوترة بين حزب النور وجماعة الإخوان انعكست على خالد علم الدين، مستشار الرئاسة لشؤون البيئة المحسوب على حزب النور، والذي أفادت أنباء عن أنه تمت إقالته من منصبه بعد أيام من إقالة المتحدث الرئاسي ياسر علي، وسط حديث عن خلافات بين علي ونائب المرشد خيرت الشاطر أدت إلى إطاحة المتحدث الرئاسي من منصبه.
في غضون ذلك، اضطرت جماعة الإخوان المسلمين أمس إلى الخروج عن صمتها في ما يتعلق بقضية وثيقة «فتح مصر» التي تم اكتشافها في منزل أحد الذين ألقي القبض عليهم في ما يعرف بخلية مدينة نصر، والتي تضمنت قائمة اغتيالات وأماكن للاستهداف، فضلاً عن توجه لتطهير البلاد «من النصارى».
محمد البلتاجي، القيادي في حزب الحرية والعدالة، اعتبر ما تم تداوله إعلامياً بشأن الوثيقة «فيلماً من وحي الخيال». وأضاف «زُرنا النائب العام، وتأكد لنا رسمياً أن هذا الفيلم _ قائمة الاغتيالات المئة _ هو من وحي خيال جريدة الوطن».
في المقابل، نقلت «الوطن» عن مصدر في النيابة العامة أن النائب العام أخبر البلتاجي الذي رافقه عصام سلطان، نائب رئيس حزب الوسط، بأن القضية لم تعد في حوزة النيابة.
إلى ذلك، وصف رئيس حزب الدستور، محمد البرادعي، البلاغات المقدمة ضد رموز المعارضة ببلاغات عبثية هدفها تشويه المعارضة، منتقداً استمرار القضاء في التحقيق في هذه البلاغات التي تنتهي بدون معاقبة لمقدميها.
في المقابل، أصدر النائب العام طلعت عبدالله قراراً بضبط وإحضار الداعية أحمد محمد عبدالله، الشهير بأبو إسلام، للتحقيق معه في ما يتعلق بالاتهامات المنسوبة إليه بازدراء الدين المسيحي، كذلك وصف المتظاهرات المشاركات في تظاهرات المعارضة بأنهن «داعرات».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)