قبل توجّه أحمد معاذ الخطيب إلى موسكو، وفيما يبدو أنّه استباق لأيّ انفراج دولي أوسع بين اللاعبين الرئيسيين على الساحة السورية، وضعت الهيئة السياسية للائتلاف المعارض مجموعة نقاط مشروطة لأيّ مفاوضات محتملة. دمشق أكدت، مجدّداً، أنّ الحوار الوطني دون شروط مسبقة هو الحلّ السلمي الوحيد للخروج من الأزمة. في وقت رأت فيه موسكو أنّ المعارضة السورية لم تبلور بعد خطة سياسية بناءة للتسوية. وقالت مصادر قيادية في الائتلاف، لوكالة «الأناضول» إنّ أبرز ملامح، ما اتفقت عليه في اجتماعها في القاهرة، هو التفاوض مع أعضاء حزب البعث الحاكم ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماء، وأن الرئيس بشار الأسد وقادته الأمنيين لا مكان لهم في أي حوار، وحثّ مجلس الأمن الدولي على تقديم الدعم الدولي المطلوب لرعاية هذه الرؤية السياسية، كما تطالب روسيا بتحويل موقفها بشأن عدم تمسكها ببقاء الأسد إلى واقع ملموس، وتطالب إيران بإدراك أبعاد الموقف الراهن بأن النظام لم يعد له بقاء، وأنه إذا كانت لها مصالح مع سوريا فإنها مع الشعب السوري، بحسب المصادر ذاتها. ومن المقرّر أن تُطرح مسودة الرؤية السياسية التي تتضمن المحددات السابقة على الهيئة العامة للائتلاف في الـ20 من الشهر الجاري لبحث آراء الأعضاء فيها.
ووصف عضو الهيئة السياسية في الائتلاف، عقاب يحيى، هذه «المحددات» بأنّها «تطوير الرؤية السياسية لمبادرة الخطيب». الخطيب، بدوره، أكد على «تماسك موقف المعارضة من أيّ حوار مع ممثلين للنظام السوري لأجل التوصل إلى تسوية». وشدّد الخطيب، في تصريح صحافي، على أنّ «الاتفاق على رحيل النظام يعد الخطوة الأولى لنجاح أية مفاوضات، ودون ذلك لن تقبل المعارضة أية مفاوضات أو حوار لا يحقق هذا الهدف».
وأعلن رئيس المجلس الوطني السوري جورج صبرا، في حديث تلفزيوني، أنّه «ليس للائتلاف أيّ مبادرة سيقدمها لا الآن ولا مستقبلاً»، معلناً أن «الهيئة السياسية انجزت رؤية سياسية للمرحلة الحالية والمرحلة الانقتالية، وهي رؤية موحدة لبحث ما يمكن أن يفعله الائتلاف منذ اليوم حتى ما بعد اسقاط النظام». من ناحية أخرى، رأى نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، أنّ إجراء الحوار الوطني بين النظام والمعارضة دون وضع شروط مسبقة هو الحلّ السلمي للخروج من الأزمة، معرباً عن ثقته الكاملة بأنّ «الجيش السوري سيصمد حتى النهاية، ومن يساوم على خيارات أخرى هو مخطئ». وقال المقداد، في حديث لشبكة «سي. أن. أن» الأميركية إنّنا «نحقق مكاسب على الأرض وانتصرنا بالفعل، وأعتقد أن الجميع على دراية بما يحدث»، مشيراً إلى أنّ «مقاتلي المعارضة هددوا بالسيطرة على دمشق منذ أكثر من عام، ونحن ما زلنا هنا».
على المقلب الروسي، صرّح وزير الخارجية، سيرغي لافروف، بأنّ المعارضة السورية لم تبلور بعد خطة سياسية بناءة لتسوية الأزمة. وفي حديث أدلى به لفيلم وثائقي ألماني حول الأزمة السورية، رأى أنّ «الدول الغربية ودول الخليج العربي وتركيا بذلت العديد من الجهود لتوحيد المعارضة، وجرى بالفعل إنشاء الائتلاف، لكن على الرغم من ذلك، تبقى العقيدة السياسية للمعارضة غير بناءة».
بدوره، رأى نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، أنّ أمزجة بعض زعماء المعارضة السورية بدأت تتغيّر لمصلحة المفاوضات. وبحسب كلام الدبلوماسي الروسي، على موقع «تويتر»، «فإنّ على اللاعبين الخارجيين دعم تشبيك الاتصالات السياسية». أنقرة، من ناحيتها، جدّدت انتقادها للنظام السوري مع دعوتها، هذه المرة إلى الحوار. ودعا وزير الخارجية، أحمد داوود أوغلو، إلى «بدء حوار سياسي وعلى نحو فوري في سوريا بالرغم من أنّ النظام السوري رد على مبادرة رئيس الائتلاف بمزيد من الهجمات». وفي كلمة له خلال الاجتماع الـ71 للجنة البرلمانية التركية الأوروبية المشتركة، رأى أن «مجلس الأمن فقد صدقيته».
إلى ذلك، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، أنّ الولايات المتحدة، ترى أنّ من غير المناسب في الوقت الحاضر، طرح القضية السورية للمناقشة في مجلس الأمن الدولي، في ظل غياب الوحدة في المجلس.
كذلك أشارت إلى أنّه «كما هو معروف فإننا نبحث الحلّ في سوريا على مدى أكثر من سنة، وأعتقد أن وزير الخارجية جون كيري مهتم في واقع الأمر بمواصلة مناقشة الاقتراح الذي طرحته المعارضة السورية مع روسيا». وحول تزامن زيارة أحمد معاذ الخطيب مع وزير الخارجية وليد المعلم إلى موسكو، قالت: «ليس واضحاً بالنسبة إلي إذا كانت الدعوة قد وُجهت إليهما في وقت واحد، لكنني أعتقد أن موسكو تنوي إجلاسهما معاً في لقاء ما».
في سياق آخر، أكدت وزارة الخارجية السورية في رسالتين متطابقتين وجهتهما إلى رئيس مجلس الأمن الدولي، وإلى الأمين العام للأمم المتحدة «حول الدور التركي الهدام في الأزمة السورية». ورأت الرسالة أنّ «الحكومة التركية تستمرّ في تدخلها السافر في الشؤون الداخلية السورية، وأنّها صعدت من مواقفها المعادية لسوريا عبر السعي إلى عرقلة تنفيذ البرنامج السياسي الذي طرحه السيد رئيس الجمهورية، وممارسة الضغوط على بعض أطراف المعارضة السورية لرفض هذا البرنامج».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)