تواصل الاهتمام السياسي والإعلامي الإسرائيليان برجل الموساد الذي انتحر في سجن إسرائيلي، المعروف بـ«السجين إكس»، بن زايغر. ومن أبرز ما اتسمت به التغطية الإعلامية الإسرائيلية أنها حاولت الالتفاف على الرقابة العسكرية عبر نقل معلومات تفصيلية عن لسان مصادر ووسائل إعلام أجنبية. وضمن هذا الإطار نقلت صحيفة «يديعوت احرونوت» عن صحيفة «بريسبين تايمز»، الاسترالية، عن مصادر أمنية قولها إنها تشتبه في أن «السجين إكس» كان ينوي كشف معلومات حول عمليات تجسس إسرائيلية، ومن ضمن ذلك استخدام جوازات سفر استرالية، من دون الإشارة إلى أي عامل آخر كان يقف وراء عملية الاعتقال.
وبحسب المصادر الأمنية نفسها، كان هناك شك بأن زايغر خطط قبل اعتقاله لتسليم المعلومات إلى الحكومة الاسترالية أو وسائل الإعلام، لكن مصدراً امنياً أكد «من الممكن انه كان على وشك تقديم تقرير، لكن لم تتوفر له فرصة» لذلك.
وفي أجواء التساؤلات حول ارجحية وجود سجناء آخرين، لمبررات أمنية، نفى مصدر قضائي إسرائيلي رفيع المستوى أن تكون هناك حالات شبيهة بحالة زيغر في السجون الإسرائيلية، لكنه أكد في الوقت نفسه أن%99,9 من السجناء محتجزون في السجون الإسرائيلية بهوياتهم الحقيقية، مضيفاً أن سبب احتجاز زيغر بهوية مزورة يعود إلى دوافع تتعلق بالحفاظ على أمن دولة إسرائيل والحفاظ على أمنه الشخصي. ولفت المصدر ايضاً إلى أن نشر اسمه وهويته الحقيقيين كان من شأنه أن يعرض حياته وحياة عائلته للخطر، مؤكداً أنه تم إبلاغ عائلة زايغر باعتقاله، وكان ممثلاً من قبل محام وحوكم في محكمة جنائية عادية تحت الرقابة القضائية، ولكنه انتحر قبل انتهاء محاكمته، مضيفا انه يجري فحص امكانية السماح بنشر تفاصيل اخرى في الايام المقبلة حول ظروف وفاته انتحارا في السجن. وادعى المصدر القضائي ايضا ان إسرائيل لا تحتجز سجناء بدون أي اتصال مع العالم وبدون محام، كما ادعى أنه لا يجري المس بحقوق السجين بذريعة امن الدولة.
في المقابل، أكد مصدر قضائي آخر «سنتصرف بنفس الطريقة مع أسرى آخرين إذا اعتقدنا بأن امن الدولة يفرض علينا ذلك»، مضيفاً أن النيابة العامة تفحص حالياً ما إن كان ينبغي تقديم لائحة اتهام على خلفية اللامبالاة في هذه القضية.
بموازاة ذلك، شدد المصدر على انه في إسرائيل لا يوجد سجناء مجهولون، وانما فقط سجناء بهويات مزورة، لاسباب امنية، واحيانا ايضا بموافقتهم. وفي السياق نفسه، ذكرت صحيفة «اوسترلين» ان عائلة زيغر لم تعرف ما هي الاتهامات التي كانت موجهة له ولكنها كونت انطباعاً بأن حقوقه كسجين كانت محفوظة.
هذا، واكد المسؤول السابق في الموساد، رافي ايتان، في مقابلة مع الاذاعة الإسرائيلية، انه «يمكن ان يكون هناك المزيد من السجناء المجهولين بسبب ان دولة إسرائيل لا تشبه دولة اخرى»، لافتاً إلى ان إسرائيل تخوض حرباً متواصلة تفرض استخدام تكنولوجيا من هذا النوع أو ذاك. وبرر ايتان هذا السلوك بأن إسرائيل موجودة في بحر معاد من الدول التي ما زالت موجودة في القرن الرابع عشر، وان التهديد المحدق بإسرائيل متواصل لذلك لا يوجد خيار آخر، وينبغي تطبيق منظومات من النوع الذي تستخدمه اجهزة استخباراتنا على الرغم مما يقال في الإعلام العالمي. واضاف ايتان ان اخفاء سجين هو احدى الادوات التي تتبناها دولة إسرائيل في الدفاع عن نفسها. وانتقد ايتان الاثارة الاعلامية التي حظيت بها قضية السجين اكس مقراً في الوقت نفسه «اليوم من الصعب جدا اخفاء معلومات، كل واحد يمكن ان يضغط على الزر وينشر معلومات حول أمر كهذا في كل العالم، ونحن لم نتعلم لحد الآن كيف نتعامل مع هذه المسألة».
إلى ذلك، ذكر معلق الشؤون الامنية في صحيفة يديعوت احرونوت، رونين بيرغمان، ان جهازاً استخبارياً إسرائيلياً حاول أن يجمع معلومات منذ علم بالتحقيق الذي اخذ ينضج في شبكة «إي.بي. سي» الاسترالية، وكيف عرفوا بالقضية، لافتا إلى ان هذا السؤال غير صحيح، وانما السؤال كيف لم تتسرب القصة قبل ذلك،