القاهرة | يبدو أن مؤسسة الرئاسة ضاقت بكمّ الأخطاء البروتوكولية التي يقع فيها الرئيس محمد مرسي منذ توليه منصبه، بعدما أصبحت تلك الهفوات مثار سخرية ومادة أساسية في برنامج «البرنامج» الذي يقدمه الإعلامي باسم يوسف. لذلك لم يكن مستغرباً ما أعلنته صحيفة «اليوم السابع» أمس نقلاً عن مصادر في مؤسسة الرئاسة من أن «الرئاسة تدرس حالياً استقدام خبراء أجانب متخصصين في فن البروتوكول والإتيكيت، من أجل مساعدة الرئيس على التغلب على العقبات التي تواجهه خلال تعامله مع الرؤساء والمسؤولين في دول العالم، وخاصة الغربية منها». وكشفت المصادر أن ديوان الرئاسة يجري اتصالات بمكاتب ومؤسسات متخصصة واستشاريين في فن الإتيكيت والبروتوكولات، في كل من لندن وواشنطن. مؤسسة الرئاسة لم تصدر تكذيباً أو نفياً للخبر، الذي شغل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أن المتحدث الرئاسي، ياسر علي، عادةً ما يسارع إلى نفي أي خبر يتعلق بالرئاسة أو الرئيس، ما يعني ضمناً أن الرئاسة فعلاً ستقدم على هذه الخطوة. لكن ما الذي يدفعها إلى ذلك؟ الحقيقة أن الإجابة عن هذا التساؤل لا تحتاج سوى إلى مراجعة خطابات ولقاءات مرسي منذ اليوم الاول لتوليه الرئاسة، لكشف حجم الاخطاء التي وقع فيها، سواء في خطبه الداخلية أو لقاءاته بمسؤولين من دول أجنبية. بداية أخطاء الرئيس كانت في خطابه الأول في ميدان التحرير عندما هاجم الحقبة الناصرية بقوله «وما أدراك ما الستينيات»، بعدما أكد أنه سيكون رئيساً لكل المصريين. وهي الجملة التي تحولت إلى أداة للهجوم عليه، بدعوى أنه لا يجوز لرئيس جديد أن يبدأ عهده بالهجوم على رئيس يحظى بحب شريحة كبيرة من المصريين، في إشارة إلى جمال عبد الناصر.
الهفوات في الخطابات ليست سوى جزء من المشكلة. ففي خطاباته، يقوم مرسي بلعق إصبعه عندما يريد قلب الأوراق التي يقرأها، إضافة إلى الإطالة فيها والتطرق إلى أمور جانبية تجعله محل سخرية، كتوجيه التحية إلى كل محافظات الجمهورية بالاسم، وإلى كل المهن تقريباً، كما أن مرسي غالباً ما يرفع اصبعه خلال الحديث ما يوحي بأنه يهدد.
لكن يبقى أن ما قام به مرسي أثناء لقائه برئيسة الوزراء الأوسترالية جوليا جيلارد، خلال زيارته الأولى للأمم المتحدة، أسوأ أخطائه. ففي اللقطات التي عرضتها القناة العاشرة الأوسترالية، بعد طلب مقدم القناة من المشاهدين الانتباه، أظهرت مرسي يحاول الاستواء في جلسته إلى جانب رئيسة الوزراء، فلمس مطولاً عضوه الذكري وسط الحاضرين وعدسات الكاميرات. وهي اللقطة التي جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي بسخرية كبيرة.
أما خلال لقاء مرسي بالرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، في أيلول الماضي، فتنخع (الحركة التي تسبق البصق) مرسي على الهواء مباشرةً.
هفوات الرئيس تزايدت في لقاءاته الخارجية، إذ تكررت مرة أخرى أثناء المؤتمر الصحافي الذي عقده مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في ألمانيا قبل فترة وجيزة، عندما التقطت الكاميرات صورة لمرسي وهو ينظر إلى ساعة اليد التي يضعها. وهو التصرف الذي علق عليه أحد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بقوله «مش ممكن ما يعرفش ينستر أبداً، لازم فضايح كل مرة يخرج فيها بره البلد، الظاهر فرحان بالساعة الجديدة أو يمكن ميعاد الدواء بتاعه والمنبه رن، أو الطيار قاله لو مجتش في ميعادك حاسيبك وأمشي».
في ألمانيا أيضاً كان خلط الرئيس في الحديث باللغة الإنكليزية والعربية مثار سخرية الكثير وتندر النشطاء تجلى بقولهم «أنكليزي ده يا مرسي»، وهي تلك الجملة التي جاءت في مسرحية العيال كبرت للفنان سعيد صالح.
ونظراً إلى تكرار هذه الأخطاء وتأثيرها على صورته، وخوفاً من أن يقع الرئيس في مواقف مماثلة في الفترة المقبلة، يبدو أن الرئاسة ستخضع الرئيس لدروس مكثفة في تعلم الإتيكيت والبروتوكولات في التعامل مع الرؤساء والشخصيات الدولية.
وتهدف هذه الدروس، كما ذكرت «اليوم السابع» إلى تعريف مرسي وفريقه بالإجراءات والتقاليد وقواعد اللياقة التي تسود المعاملات والاتصالات الدولية، والأعراف التي يتبعها رؤساء الدول أو الملوك والأمراء خلال زياراتهم المختلفة للدول الأخرى، كذلك سيجري التوقف عند الأخطاء الشائع حدوثها في المحافل الدولية، وكيفية التصرف حيالها.
وكانت الأخطاء العديدة التي وقع فيها مرسي منذ تسلمه الحكم منتصف العام الماضي، قد أثارت تساؤلات عن أسبابها. ويرى بعض المراقبين أن مرسي الذي عاش في أميركا سنوات في اطار دراسته كان ضمن فئة من العرب الذين لا يختلطون بالأجانب ويلتزمون فقط بالدراسة، ما حرمه خبرات تبادل الثقافات وربما كان من بينها الإتيكيت.
كذلك يصفه بعض المراقبين بأنه ليس شخصية قيادية، لأنه لا توجد في حياته الكثير من المواقف التي استطاعت أن تفرز الشخصية القادرة على القيادة.
وكان مرسي قد تحول إلى مثار للسخرية منذ اعلان ترشحه للانتخابات المصرية العام الماضي، والتصق به تعبير «الاستبن» (الاطار الاحتياطي للسيارة) بعد اضطرار جماعة الإخوان لترشيحه للرئاسة عوضاً عن خيرت الشاطر الذي منع من الترشح للانتخابات.
وقد أسهم أداء مرسي على نحو غير مباشر في ترسيخ صورته على هذا النحو لدى الجمهور، بعدما ترافق ذلك مع ايقاع مرسي لنفسه في عدد من الأخطاء القاتلة، التي حولت حتى سيرته المهنية إلى موضع شك. فأخيراً تداول معارضون له تسجيلين قبل فوزه بالرئاسة. يقول في الأول «عملت كمستشار لمؤسسة ناسا الأميركية في إطار محركات سفن الفضاء في مرحلة طويلة». وفي التسجيل الثاني على القنوات الدينية يقول «لم أقل ولم أكتب أنني عملت في وكالة ناسا الأميركية، وليس في سيرتي الذاتية ما يثبت عملي فيها، لكني قمت بعمل أبحاث في موضوعات متعلقة بمكوك الفضاء الأميركي، الذي كانت تعمل عليه ناسا، وهذه الأبحاث كانت لها بعض التطبيقات والفوائد حينئذ بالنسبة إلى الوكالة».