القاهرة | قرّر النظام المصري أن يستخدم أسلوب القوة في التعامل مع الأزمة الراهنة، وأن يقنّن انحرافاته في التعامل مع التظاهرات الشعبية ضدّه؛ فقد أعدّ وزير العدل أحمد مكي، الذي كان في يوم من الأيام أحد رموز استقلال القضاء، قانوناً لتنظيم التظاهر السلمي، قال حقوقيون وقانونيون إنه يتضمن مواد لتقييد التظاهر، ولا لتنظيمه كما تردّد الوزارة. القانون المقترح، الذي صادقت عليه الحكومة أمس وأُحيل الى مجلس الشورى، أثار حالة من الجدل في الشارع المصري، وخصوصاً في توقيت طرحه، الذي يتزامن مع تصاعد التظاهرات الرافضة لسياسات الرئيس محمد مرسي في إدارة الحكم، واعتراضاً على تردّي الأحوال الاقتصادية والأمنية.ودافع مكي عن المشروع، الذي قال إنه لا يعني تقييد التظاهر الذي يعدّ حقاً من حقوق الشعب المصري. وأضاف، خلال مؤتمر صحافي بمجلس الوزراء أمس عقب الإعلان عن الموافقة على القانون، إن الشرطة لكي تتمكن من الحماية لا بد من الإبلاغ عن التظاهرات قبل 3 أيام وإبلاغ الهدف من التظاهرة، مشدداً على أن «القوانين لا بد من أن توضع في العلن»، وأنه «لا يضع توقيعه إلا على قانون يشرف».
ويضم القانون 25 مادة، بينها مواد تنص على «حظر الاحتجاج أمام قصور الرئاسة، وإلزام من يدعو إلى تظاهرة بأن يتقدم بإخطار بها إلى قسم أو مركز الشرطة المزمع بدء التظاهرة في دائرته، قبل موعدها بخمسة أيام على الأقل، ويجوز لوزير الداخلية، أو مدير الأمن المختص، الاعتراض على التظاهرة بطلب يقدم إلى قاضي الأمور الوقتية بإلغائها، أو إرجائها أو نقلها إلى مكان أو خط سير آخر متى وجدت أسباب جوهرية لذلك».
ووضع مشروع القانون المطروح «حرماً معيّناً» لا يزيد على ٥٠٠ متر، ولا يجوز أمامه إقامة تظاهرة في الأماكن الحيوية، من بينها القصور الرئاسية، والمجالس التشريعية ومقارّ الوزارات، والسجون وأقسام الشرطة، بالإضافة إلى المناطق العسكرية. كما يمنع التظاهر في المناطق السكنية بعد الساعة الحادية عشرة مساءً، على أن يعاقب من يخالف ذلك بغرامة لا تقل عن ٢٠ ألف جنيه ولا تتجاوز ٥٠ ألف جنيه.
ويحظر القانون أيضاً ارتداء المتظاهرين الأقنعة أو الأغطية التي تخفي ملامح الوجه، وكذلك منع الكتابة أو الرسم بالألوان أو الطباشير أو بأي مادة أخرى على الممتلكات العامة أو الخاصة.
وتحظر مسودة القانون التعدّي على الأشخاص أو الممتلكات العامة أو الخاصة أو تعريضهم للخطر، وغلق الطرق أو الميادين، وحرق الإطارات أو أي مواد تسبب الاشتعال، وحمل الأسلحة والذخائر والمفرقعات.
وخرج المتحدث الرسمي لوزارة العدل أمس ليؤكد أن هناك تعديلات جوهرية أدخلتها الوزارة على مسودة القانون، من بينها المسافة التي وضعها القانون للتظاهر، على أن تكون 200 متر بدلاً من 500 متر، إضافة الى مسألة السبّ والقذف في التظاهرات وتركها للقانون ليفصل هو فيها دون إضافتها في القانون الجديد. وأكّد المتحدث أن التعديلات التي تم إدخالها على القانون تمّت بعد اعتراض عدد من المؤسسات القانونية والحقوقية على المسودة.
وفيما قدم عدد من المنظمات الحقوقية انتقادات شديدة لمشروع القانون، ذهب رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشورى، إيهاب الخراط، إلى القول «من المفترض ألا يخرج مثل هذا القانون إلا بعد توافق كل القوى السياسية عليه، وإن لم يحدث التوافق الآن فلا بد من تأجيله كي يتم انتخاب مجلس النواب المقبل، ويقوم بنفسه بإحداث التوافق بين القوى السياسية وإعداد هذا القانون».