دمشق | لم تختلف نظرة المعارضة السورية الداخلية للحكومة السورية رغم التعديل الوزاري المقرّ منذ أيام. فهي ما زالت تعدّها ركناً أساسياً من دعائم الحزب الحاكم. ولا ترى «هيئة التنسيق الوطنية» المعارضة في التعديل الوزاري الأخير الذي شهدته الحكومة السورية أيّ قيمة، فالهيئة التي لطالما طالبت بحكومة انتقالية كاملة الصلاحيات لا يرضيها مثل هذا التغيير العادي في الحكومة، بل رأت أنه يأتي في سياق إعادة تثبيت النظام أوضاعه من خلال تغيير شكلي في الأسماء والوجوه بحثاً عمّن هو أكثر ولاءً في ظل كثرة الأحاديث عن الانشقاقات وضعف الولاءات، بحسب عضو هيئة التنسيق رجاء الناصر.
ورأى الناصر في حديث لـ«الأخبار» أنّ النظام غير جاد في الحوار، وأنّه يرى نفسه صاحب الحقّ الوحيد في إدارة الدولة والمجتمع، وبالتالي فهو يصدر القرارات بما يتلاءم مع مصالحه. ويتابع الناصر: «كلّ ما يطرحه النظام من حلّ سياسي يقوم على قاعدة ألا شريك له في السلطة». ويقدّم الناصر مثالاً على عدم جدية النظام في ما يخص الحوار؛ لأنّه شكّل لجاناً من أنصاره يقودها أمناء حزب البعث في كلّ فرع، أي، بحسب الناصر، النظام أعاد إنتاج حزب البعث قائداً للدولة والمجتمع من جديد، وبهذا أصبح الحوار بالنسبة إليه علاقات عامة لا أكثر، وليس محاولة لبناء سوريا الجديدة.
وفي ما يخص تصريحات رئيس «الائتلاف» أحمد معاذ الخطيب بشأن الحوار مع النظام، فإن الناصر لا يرى فيها مبادرة، بل مجرد تصريحات كسرت المحرّمات لدى الائتلاف، مشيراً إلى أن تصريحات الخطيب خطوة إيجابية باتجاه البحث عن الحل السياسي على حساب الحل العسكري. ويذكّر الناصر بمبادرة هيئة التنسيق التي قدمت مشروعاً متكاملاً لحلّ سياسي ينقذ سوريا ويقوم على مجموعة من الأسس أبرزها وقف إطلاق النار، بحيث لا يستطيع أي طرف فرض إرادته على الآخر ويحتكم الجميع إلى العملية السياسية. ويتابع عضو هيئة التنسيق انتقاده للامبالاة النظام بتصريحات الخطيب بالقول: «من الخطأ الشديد بحق الوطن موقف النظام من تصريحات الخطيب، وهذا يثبت أن هُناك طرفين في سوريا لا يريدان الحلّ السياسي، أولهما القوى الأساسية في النظام، وثانيهما بعض قوى المعارضة المتطرفة التي أعلنت أنها ستحسم الأمور على الأرض».
وفي ما يخص الحديث عن بوادر حلّ سياسي تلوح في الأفق إثر اتفاق جنيف، يؤكد الناصر، بعد عودته من جنيف، أنّ هناك إرادة جدية لدى روسيا وأميركا للبحث عن حلّ سياسي، لكن لم تصل هذه الإرادة إلى مرحلة تحديد تفاصيل الحل، إذ إنّ اتفاقية جنيف نفسها، التي تُعَدّ أساس الحل السياسي يلفها بعض الغموض وتحتاج إلى توضيح، كتحديد دور الحكومة الانتقالية الكاملة الصلاحيات في إدارة الدولة السورية.
بدوره، رأى رئيس تيار «بناء الدولة» المعارض لؤي حسين الموجود في مدريد، في اتصال هاتفي مع «الأخبار»، أنّ التعديل الوزاري الأخير يدخل في الجانب التقني بالنسبة إلى النظام، وهو غير مجد للنقاش بالنسبة إلى التيار. ورأى أنّ أي تفاوض مع السلطة يجب أن يقوم على مبدأ توزيع الصلاحيات التي يحتكرها رئيس الجمهورية، وعليه فإن القبول بعرض السلطة الواهي للحوار لا يحلّ الأزمة أبداً.