سجلت بورصة الأوراق المالية يوم الأربعاء الماضي انخفاضاً بـ٣ في المئة بعد اغتيال الزعيم اليساري شكري بلعيد، كما كان تأثير الاغتيال عاجلاً على حجوزات السياحة، لكن البورصة استعادت أمس، نسبياً نسقها بعد الخطاب المطمئن لرئيس الحكومة حمادي الجبالي، الذي دعا فيه الى حكومة كفاءات وطنية. إضافة الى ذلك، أسهم الإضراب العام الذي نفّذه الاتحاد العام التونسي للشغل بمساندة الأحزاب يوم أمس، ردّاً على اغتيال الزعيم اليساري، في تعميق الأزمة الاقتصادية، وقدّر قادة في منظمات الأعراف (رجال الأعمال) خسارة الاقتصاد التونسي يوم أمس بـ٢٠٠ مليون يورو.
ومنذ سقوط النظام السابق لم يشف الاقتصاد التونسي بسبب الاضطرابات الأمنية؛ فالسياحة هي المورد الأساسي للاقتصاد، لكنّها تراجعت على نحو ملحوظ في العامين الأخيرين بسبب الاضطرابات الأمنية وتنامي التيارات السلفية، وقد سدّد البرنامج الخاص عن تونس «مبعوث خاص»، على القناة الثانية الفرنسية، ضربة قاصمة للسياحة التونسية، إذ صور تونس كأنّها بلد تتحكم فيه الجماعات السلفية بالكامل، وهي صورة مجانبة للحقيقة. وقد اتّهمت وزارة السياحة التونسية فريق البرنامج بالتحامل على تونس خدمة «لأجندة» سياسية.
وتراجعت السياحة التونسية بنسبة تصل الى ٢٠ في المئة، ما أثر في سوق الشغل التي فقدت ٤٨ في المئة، حسب تقديرات المحافظ السابق للبنك التونسي، وجاءت هذه الأزمة السياسية والأمنية في فترة الحجوزات لتعمق جراح الاقتصاد التونسي في بلاد يصل فيها عدد العاطلين من العمل الى نحو مليون عاطل، أي نحو ١٠ المئة من عدد السكان.
والأزمة الاقتصادية لا تعود الى الظروف الاستثنائية فقط التي تعيشها تونس بعد الثورة، بل يفسرها بعض الخبراء بغياب الحنكة السياسية وعدم استعانة الحكومة الجديدة بالكفاءات وتجاهلها الوفاق السياسي كمطلب بإمكانه أن ينشط الحركة الاقتصادية.
ويقول الخبير الاقتصادي، معز الجودي، في تقرير له إن الأزمة الاقتصادية في تونس هي أساساً أزمة سياسية؛ فبدون التوافق على إدارة المرحلة الانتقالية لا يمكن أن يحقق الاقتصاد التونسي أي انتعاشة ولو جزئية.
وتنذر الأزمة الاقتصادية بأزمة اجتماعية، إذ طالب البنك الدولي أخيراً الحكومة التونسية بإجراء إصلاحات، ما اضطرها الى الترفيع في المحروقات وبعض المواد الأخرى، وقد تضطر اذا استمر الوضع الأمني والاحتقان الحالي الى رفع الدعم عن المواد الأساسية، وهذا من شأنه أن يؤجج الاحتقان الاجتماعي أكثر. وحذر وزير المالية السابق الذي استقال من الحكومة حسين العباسي، من سيناريو اليونان.
كذلك تواجه الحكومة ضغط النقابات والجهات الفقيرة المهمشة والعمال من أجل تحسين أوضاعهم المالية والاجتماعية. وفي المقابل لا تسمح الموازنة المالية للعام الحالي ولا حتى العام المقبل بهامش كبير للحكومة مهما كان توجهها بتحقيق الا الجزء اليسير من هذه المطالب.