القاهرة | تبدو جبهة الإنقاذ الوطني على شفا التفكك، بالتزامن مع فقدان شعبيتها بين الجماهير الغاضبة على حكم الاسلاميين بعد اتساع الهوة بين مطالب الجبهة ومطالب المحتجين المتواجدين في ميدان التحرير. ويعترف المتحدث الرسمي للجبهة، خالد داوود، بتراجع شعبية جبهة الانقاذ بين «ثوار الميدان». وأوضح أن المتظاهرين في ميدان التحرير يرون «أننا وفرنا غطاءً سياسياً للعنف ضد المتظاهرين من قبل الشرطة أمام قصر الاتحادية حين أصدرنا بيان ادانة للعنف أياً كان مصدره، لكن من وجهة نظري البيان كان يعني أن العنف أصلاً لم يصدر عن المتظاهرين».
وكانت وثيقة الأزهر قد لاقت انتقادات واسعة ليس بين المعتصمين في الميدان فحسب، بل في أوساط الطبقة السياسية نفسها. اذ أصدرت نحو سبعين شخصية عامة بياناً في نفس يوم التوقيع على الوثيقة أعلنت فيه رفضها للوثيقة. بيان سرعان ما أدرك، على ما يبدو، حمدين صباحي، مؤسس التيار الشعبي وأحد أبرز قيادات جبهة الانقاذ، مغزاه الذي يشير الى بوادر تصدع في شعبية الجبهة. الأمر الذي دفع الرجل إلى إصدار بيان في نفس اليوم أراد به تخفيف آثر الصدمة التي أحدثتها الوثيقة بين جمهور الجبهة. وأكد أنه بتوقيعه على وثيقة الأزهر لا يعني التوقيع «على وقف المد الثوري أو وقف الموجة الثالثة الحالية العالية للثورة المصرية التي بدأت في ذكراها الثانية الغالية».
حمدين صباحي بالذات، الذي حل في المرتبة الثالثة من حيث عدد الأصوات في الانتخابات الرئاسية، يبدو أنه يواجه معارضة كبيرة تزداد يوماً بعد يوم من قبل قواعد التيار الذين يحتجون على استمرار بقاء التيار منضوياً تحت لواء جبهة الانقاذ مطالبين بالانسحاب الفوري منه. وقال مصدر مطلع في التيار، طلب عدم ذكر اسمه، إن استطلاعاً داخلياً للرأي بين القواعد على مستوى مصر كلها، أجري قبل نحو عشرة أيام كشف عن معارضة 78 في المئة من الأعضاء لخوض الانتخابات البرلمانية على قائمة موحدة مع جبهة الانقاذ. وطالبوا في المقابل بخوض السباق إما على قوائم مستقلة أو تضم التيار مع قوى اليسار ويسار الوسط.
وأوضح المصدر لـ«الأخبار»، أن «شباب التيار الشعبي واجهوا صباحي بأنهم يرون أن تمسكه بالبقاء في الجبهة ليس إلا محاولة بالظهور كمرشح توافقي لمعظم فصائل المعارضة في الانتخابات الرئاسيه المقبلة». كما أبلغ الأعضاء صباحي أن «توافقه مع بعض القوى في الجبهة سيكون سبباً في خسارة الانتخابات الرئاسية كون تلك القوى لا تتمتع بأي تأييد شعبي حقيقي، كحزبي المؤتمر المصري والوفد». واللافت وفقاً للمصدر، أن صباحي أبدى تفهماً لرأي الشباب، وقال إنه «يشاركهم الرأي في ضرورة الانسحاب لكنه يفكر في كيفية الاقدام على تلك الخطوة دون أن يوصف بأنه الرجل الذي مزق المعارضة المصرية».
وكان انضمام حزبي المؤتمر المصري والوفد بالذات إلى جبهة الانقاذ سبباً منذ البداية في رفض عدد من القوى الثورية الانضمام للجبهة. فالأول أسسه عمرو موسى، وينحدر من نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، ويضم الحزب في عضويته نسبة كبيرة من الأعضاء السابقين في الحزب الوطني المنحل. أما حزب الوفد، الذي يترأسه رجل الأعمال سيد البدوي، فيضم في عضويته هو الآخر مجموعة كبيرة من أعضاء الحزب المنحل. ولطالما اتخذ مواقف مهادنة جداً من نظام مبارك.
حاتم تليمة، القيادي في حركة الاشتراكيين الثوريين، إحدى القوى التي رفضت من البداية الانضمام للجبهة، أوضح لـ«الأخبار» أن شعبية الجبهة تتراجع بفعل عدد من الأسباب «من قبيل أن رهان عدد من قيادات الجبهة انصب إما على تحييد الجيش والشرطة في الصراع مع مرسي، أو محاولة تحريض المؤسسة العسكرية بالذات على الانقلاب على الإخوان المسلمين». لكن تمرير الدستور بما يتضمنه من مكتسبات جديدة للجيش أفشل، من وجهة نظر تليمة، مساعي قيادات الجبهة. وهو ما تجلى من خلال عنف الشرطة المفرط في مواجهة المتظاهرين. كما أن الجبهة عولت كثيراً على الحصول على تمويل من رجال الأعمل المقربين من نظام مبارك في مواجهة خصومهم الجدد، إلا أن نظام الإخوان نجح في احتوائهم عبر صفقات التصالح معهم في قضايا الفساد المالي وعبر الجمعية المصرية لتنمية الأعمال، التي أسسها القيادي الإخواني حسن مالك. وأخيراً، عولت الجبهة على تصاعد غضب القضاة ضد نظام مرسي لكن ثورة القضاة خفتت إلى حد كبير.