حتى الأمطار أدخلها أنصار الرئيس محمد مرسي في «جمعة الخلاص من الإخوان» التي شهدت مسيرات في عدد من المحافظات للاحتجاج على حكم مرسي، في أول اختبار فاشل لمدى الاستجابة لمبادرة الأزهر لوقف العنف، اذ سجلت أمس اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين والأمن تركزت في محيط مقر الرئاسة في الاتحادية وعلى مقربة من ميدان التحرير. أنصار الرئيس رأوا في الأمطار «خيراً لمنع التظاهرات». وهو ما عكسه أيضاً الداعية السلفي محمود عامر، رئيس جمعية أنصار السنة في دمنهور، الذي رأى في الأمطار «عقوبة من الله، لأن المشهد كله منذ قيام الثورة معصية لله، وإذا لم نتقِّ الله فسنشرب من كأس الدماء»، فيما عاش أعضاء جماعة الإخوان حالة طوارئ غير معلنة داخل مقارهم الرئيسية التي شددت القوات الأمنية الحراسة حولها وحتى في الجوامع القريبة من قصر الاتحادية تحسباً لأي تطورات.
وهي تطورات لم تتأخر كثيراً. فعلى المقلب الآخر، غض المعارضون الطرف عن سوء الأحوال الجوية وتساقط الامطار وخرجوا بالالاف للاحتجاج على حكم مرسي، الذي يتهمونه بخيانة مبادئ الثورة.
وانقسمت المسيرات في القاهرة إلى قسمين. الأول توجه نحو ميدان التحرير فيما توجه آخرون إلى قصر الاتحادية حيث المقر الرئاسي. وبعد وقت قصير من وصول المحتجين أمام البوابة الرابعة للقصر، اندلعت مناوشات بينهم وبين الحرس الجمهوري على إثر القاء المتظاهرين لقنابل المولوتوف والحجارة على القصر. وهو ما أدى إلى احتراق أشجار داخل القصر. وعلى الاثر، أطلقت قوات الحرس الجمهوري أعيرة نارية وخرطوشاً فضلاً عن كميات من قنابل الغاز المسيل للدموع في محاولة لاجبار المتظاهرين على التراجع، فيما ناشد قائد الحرس الجمهوري اللواء حرب زكي المتظاهرين في محيط القصر الابتعاد.
كذلك، وقعت صدامات متفرقة بين قوات الامن ومتظاهرين في شارع مجاور لميدان التحرير في القاهرة، على مقربة من سفارتي الولايات المتحدة وبريطانيا. وأطلقت قوات الأمن طلقات خرطوش (تستخدم في بنادق الصيد) فأصابت اثنين على الاقل من المتظاهرين، فيما خرجت دعوات إلى تنظيم مسيرات من داخل الميدان تتجه لمقر مجلس الشورى لمحاصرته حتى يسقط الرئيس مرسي.
بدوره، انتقد خطيب الجمعة الشيخ محمد نصر بشدة الرئيس وجماعة الاخوان المسلمين قائلاً «إننا لا نعيش في دولة الخليفة بن العياط الإخواني الصديق الوفي لشيمون بيريز رئيس إسرائيل».
وكان لافتاً مشاركة العشرات من شباب مجموعة «بلاك بلوك» أمام قصر الاتحادية وميدان التحرير ومنطقة المحلة الكبرى. وقاموا بتنظيم سلاسل بشرية لتأمين المسيرات، في تحد جديد لقرار النائب العام طلعت إبراهيم الذي وجه له المعتصمون في ميدان التحرير رسالة مفادها «كلنا بلاك بلوك».
وبعيداً عن القاهرة، خرجت تظاهرات مماثلة في عدد من المحافظات تطالب بانهاء احتكار جماعة الاخوان للسلطة وهيمنتهم على كل مفاصل الدولة وتشكيل حكومة انقاذ وطني ومراجعة الدستور الجديد ورحيل النائب العام الذي عينه مرسي.
وشهدت الإسكندرية مسيرات للآلاف من القوى السياسية المعارضة لمرسي انطلقت من أمام مسجد القائد إبراهيم. كما عمدت مجموعة من المحتجين إلى محاصرة مقر التلفزيون في الإسكندرية.
أما في بورسعيد، فرفع مشاركون في التظاهرات علماً يمثل «دولة بورسعيد» وآخر «دولة جمهورية القناة المتحدة». كما أنزل المشاركون أعلام مصر من على المنشآت الحكومية والخاصة بشارعي 23 يوليو والجمهورية. وكشفوا عن «إعلان دولة بورسعيد المستقلة» من خلال رفع لافتات تتضمن رحيل الرئيس ومرشد جماعة الإخوان محمد بديع والقصاص من قتلة أبناء المحافظة.
وعلى اثر الاشتباكات التي شهدتها البلاد وخصوصاً في القاهرة، حذرت الرئاسة من أن الاجهزة الامنية ستتصرف «بمنتهى الحسم لتطبيق القانون وحماية منشآت الدولة». وحملت الرئاسة «القوى السياسية التي يمكن أن تكون قد ساهمت بالتحريض، المسؤولية السياسية الكاملة انتظاراً لنتائج التحقيق»، داعيةً «جميع القوى الوطنية إلى الإدانة الفورية لمثل هذه الممارسات ودعوة أنصارها الى المغادرة الفورية لمحيط القصر».
بدوره، أكد رئيس الوزراء هشام قنديل، أن الحكومة ستقوم بحماية المنشآت العامة والخاصة من محاولات التخريب والتدمير التي قد تتعرض لها. وأعرب عن إدانته للجوء بعض المتظاهرين إلى العنف بقيامهم بإلقاء زجاجات حارقة على قصر الاتحادية. وناشد «القوى السياسية بإدانة مثيري الشغب، والانفصال عنهم حتى يتم نزع الغطاء السياسي عنهم، التزاماً بما تم الاتفاق عليه في وثيقة الأزهر، وحفاظاً على مصر من كل مكروه».
وفيما شن الداعية يوسف القرضاوي أعنف هجوم على جماعة «بلاك بلوك»، واصفاً أعضاءها بالـ«مفسدين فى الأرض»، كانت النيابة العامة المصرية على موعد مع فضيحة مرتبطة أيضاً بـ«بلاك بلوك». وتبين أن الشاب الذي أعلنت القبض عليه، أول من أمس، بتهمة الانتماء للمجموعة وتنفيذ مخطط إسرائيلي يستهدف عدداً من المنشآت النفطية حالته النفسية غير مستقرة، فضلاً عن أنه لا ينتمي إلى مجموعة الـ«بلاك بلوك» أو غيرها من الأحزاب أو الحركات أو المجموعات. وقررت نيابة أمن الدولة العليا إيداع الشاب بمستشفى الأمراض العقلية لمدة 15 يوماً لبيان حالته النفسية والعقلية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، أ ب)