الملف | يستسهل أهل السياسة والإعلام تفسير انخفاض مشاركة الأردنيين من أصل فلسطيني في الانتخابات والحياة السياسية عموماً، من خلال ربطه بموقف الحركة الإسلامية والعزف على مغالطة تمثيلها لشرائح واسعة من ذوي الأصول الفلسطينية. الرد لا يحتاج إلى جهد عميق. بالعودة إلى الاستطلاعات والدراسات المتعلقة بالانتخابات نجد أن «الإسلاميين» شاركوا في جميع الدورات الانتخابية، ما عدا دورة 1997، وفي جميع مشاركاتهم ظل الإقبال «الفلسطيني» على التصويت للبرلمان والمجالس المحلية (البلديات) منخفضاً. المعزوفة الثانية تردّ إحجام أبناء المخيمات خصوصاً عن الانخراط في الأحزاب والحراكات الشعبية والمشاركة في الانتخاب، إلى مغالطة «الحقوق المنقوصة»، رغم اتضاح حقيقة دامغة تتصل بعدم قدرة مقاولي السياسة الذين رفعوا شعار استرداد هذه الحقوق على جذب الناخبين إليها أو إمكانية تشكيل تيارات شعبية واسعة، وإن استطاع مرشحون في دورات انتخابية الحصول على بضع عشرات آلاف الأصوات «الفلسطينية» من أصل أكثر من مليون صوت.
وفي السياق، يسعى البعض إلى الترويج بأن التعديل «المناسب» لقانون الانتخاب يفترض زيادة عدد المقاعد للدوائر الانتخابية في المدن الكبرى (عمّان والزرقاء وإربد) التي تحتضن غالبية الأردنيين من أصل فلسطيني، وأن هواجس النظام مبالغ فيها حيال رفع نسبة تمثيلهم، دون أن يلتفت هؤلاء إلى أن هذا التعديل بمثابة تغيير شكل المحاصصة «المستترة» التي أسس لها الحُكم لتصبح علنية.
«محاصصة» قد تفسر انخفاض نسبة مشاركة «الفلسطينيين»، لكن العوامل الرئيسية يجري التعمية عليها، بما في ذلك المتعلق منها بسوء الأوضاع والبنى التحتية في كثير من المخيمات (13 مخيماً)، ما أدى إلى عزلة قاطنيها وإحساسهم العارم بالظلم والإقصاء، رغم أنهم يتشاركون في الهمّ نفسه مع إخوتهم في بوادي وأرياف شرق البلاد وجنوبها (المناطق التي تتصدر الجيوب الأشد فقراً في الأردن). كذلك هناك عوامل أخرى ترتبط بإيمان أعداد كبيرة من «الفلسطينيين» بحق العودة إلى وطنهم السليب، ما يفضي إلى عزوفهم عن المشاركة في عملية الإصلاح برمتها. غير أن الاحتجاجات الشعبية الأخيرة في تشرين الثاني الفائت أعادت دور المخيمات إلى الواجهة بعدما شهدت بعض المخيمات تظاهرات تبنّت الشعارات ذاتها التي رفعها المتظاهرون في بقية مناطق الأردن.