أعلنت الجزائر أمس أن 67 قتيلاً هم حصيلة المجزرة التي وقعت في صحرائها الجنوبية الشرقية خلال عملية تحرير رهائن من خاطفيهم المتشددين، داخل منشأة لإنتاج الغاز في عين أميناس نهاية الاسبوع الماضي، فيما فتحت النيابة العامة تحقيقاً في الهجوم وما تبعه من احتجاز مئات الرهائن. وأمر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي لم يدل بأي تصريح حول الهجوم، بإجراء تحقيق في «إخفاق الأمن» في منع الاعتداء على موقع إنتاج الغاز في منطقة تيقنتورين التابعة لولاية إيليزي (جنوب شرق). وقالت صحيفة «الخبر» المستقلة التي نقلت النبأ عن مصدر أمني رفيع المستوى، إن بوتفليقة «أمر بتشكيل لجنة تحقيق عالية المستوى وإعطائها كافة الصلاحيات». وأوضحت أن «محققين وصلوا الى عين أميناس السبت الماضي ويجرون حالياً التحريات الأولى لكشف التقصير الذي سبّب عدم فعالية إجراءات الأمن المشددة في منع الهجوم».
وفي حصيلة نهائية أعلنها رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال، أمس، في مؤتمر صحافي، أكد أن عدد القتلى 67، وأن 37 أجنبياً من ثماني جنسيات وجزائرياً واحداً و29 إرهابياً قُتلوا في هجوم المسلحين الإسلاميين وما تلاه من احتجاز رهائن وتصدّي قوات الأمن والجيش لهم.
وأشار سلال إلى أن جثث سبعة من الأجانب لم يتم حتى الآن التعرف إلى أصحابها، مؤكداً أن «الكثير من الرهائن قُتِلوا برصاصات في الرأس». وأوضح رئيس الوزراء الجزائري أن 790 شخصاً كانوا يعملون في الموقع، بينهم 134 أجنبياً من 26 جنسية. وأضاف أنه تم القبض على ثلاثة مسلحين، في حين لا يزال خمسة أجانب مفقودين، وأن قائد المجموعة الخاطفة إرهابيّ معروف لدى أجهزة الأمن، وهو جزائري يدعى محمد الأمين بن شنب، قُتل في قصف مروحية عسكرية لسيارة كان على متنها خلال محاولته الفرار.
وأوضح سلال أن عناصر المجموعة «قدموا من شمال مالي من حيث انطلقوا قبل شهرين»، ثم «تحركوا بمحاذاة الحدود الجزائرية المالية، ثم الحدود الجزائرية النيجرية، قبل أن يصعدوا على طول الحدود مع ليبيا» من حيث تسللوا لتنفيذ الاعتداء. وأكد أنهم أعضاء في كتيبة «الموقّعون بالدم» بقيادة مختار بلمختار، أحد مؤسّسي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذي انفصل في تشرين الأول 2012 عن القاعدة ليؤسّس كتيبته الخاصة.
وقال رداً على سؤال «هناك 11 تونسياً بين الإرهابيين وموريتاني واحد ونيجيريان اثنان، واثنان يحملان الجنسية الكندية»، إضافة إلى «مصريين وماليين» لم يحدد عددهم، إلا أن أنباء ذكرت أن منهم 7 مصريين. وكشف سلال أنه جرى التفاوض مع المجموعة في البداية، غير أن مطالبهم «كانت غير معقولة وغير مقبولة»، مشيراً الى أن «المجموعة الإرهابية كانت تملك كل التفاصيل عن المنشأة... وكان لديهم مخطط»، هو التوجه برهائن أجانب الى شمال مالي للتفاوض بشأنهم مع دول أجنبية، مضيفاً أنهم «فخّخوا بعض الرهائن وجهزوا سيارات للفرار ليلاً نحو مالي، لكن الجيش منعهم من التحرك في المنطقة».
وتابع أنه عندها أصبح «الهدف تفجير مصنع الغاز، وهذا الأمر مدقق والتحريات الأولية أثبتته»، خصوصاً أنه كان بين أفراد المجموعة «ثلاثة متخصصين في المتفجرات». وشدد سلال على أن هدف العملية التي نفذتها وحدات النخبة في الجيش الجزائري كان «محاولة تحرير الرهائن ومنع تفجير المصنع الغازي».
على خط موازٍ، قالت بريطانيا إنها ستُقدّم دعماً في مجال الاستخبارات ومكافحة الإرهاب للمساعدة في تفكيك الشبكة المتشددة التي احتجزت رهائن بعد هجوم على محطة للغاز في صحراء الجزائر الأسبوع الماضي.
وتعهد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون «بردّ أمني قوي» على الهجوم، قائلاً إن منطقة شمال أفريقيا أصبحت «نقطة جذب للجهاديين»، لكنه لم يقدم وعداً بأي تدخل عسكري في مالي.
ويوجد ثلاثة بريطانيين على الأقل بين الذين قُتلوا، ويخشى أن يكون ثلاثة آخرون بين القتلى، فيما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن ثلاثة أميركيين بين القتلى في الهجوم الجزائري على المنشأة النفطية.
إلى ذلك، روى رهينة فيليبيني نجا من العملية أن المجموعة الإسلامية الخاطفة استخدمت الرهائن دروعاً بشرية لوقف إطلاق نار القوات الجزائرية من مروحيات. وقال جوزف بالماسيدا «في كل مرة كانت فيها القوات الحكومية تحاول إطلاق النار على العدو من مروحية كانوا يستخدموننا دروعاً بشرية». وأضاف «كانوا يطلبون منا رفع الأيدي. ولم تستطع القوات الحكومية إطلاق النار عليهم أثناء احتجازنا». وقال إنه الناجي الوحيد من مجموعة مؤلفة من تسع رهائن وضعوا في شاحنة صغيرة حشاها المهاجمون بمتفجرات وانفجرت.
(أ ف ب، رويترز)