رام الله | تشير كل استطلاعات الرأي العام في إسرائيل إلى أن الانتخابات ستفرز مزيداً من التطرف الإسرائيلي لصالح أحزاب اليمين، ما يعني أنه يتعين على الفلسطينيين الاستعداد أكثر للمواجهة الأصعب، في مختلف الملفات، من سرقة الأرض، الى الأسرى والمفاوضات، وكل ما يتعلق بقضايا الحياة اليومية. فهل يملك الفلسطينيون استراتيجية جدية لمواجهة ما هو آت؟ يقول الكاتب أسامة العيسة لـ«الأخبار» إنّه «لم يعد خافياً على أحد أن التطرّف في المجتمع الاسرائيلي لا يقف عند حدّ. فالتطرّف يؤدي الى مزيد من التطرف. في الساحة الاسرائيلية ثمة تسابق بين السياسيين على زجّ الدم الفلسطيني في المعركة الانتخابية. رأينا، مثلاً، كيف قدّم (رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين) نتنياهو أوراق اعتماده للناخب الاسرائيلي بالعدوان الأخير على غزة».
ويضيف أن «الصعود المرتقب لليمين المتطرف الاسرائيلي يأتي في ظل أوضاع فلسطينية صعبة، وملفات تراوح مكانها، مثل المصالحة، وسلطة عاجزة، وديون تتراكم على شعب لا يزال يرزح تحت الاحتلال، وقد يكون ذلك يحدث لأول مرة في العالم». ويصف العيسة الوضع الفلسطيني بكثير من الإحباط، ويقول «لست متفائلاً بقدرة القيادة الفلسطينية على أخذ زمام المبادرة لمواجهة أيّ مشاريع إسرائيلية. هذه القيادة يهمها فقط المحافظة على نفسها، ولدي شكوك في أنها ستتمكن حتى من ذلك».
لكن المحلل السياسي محمد هواش له رأي مختلف، ويقول لـ«الأخبار» إن «صورة الحكومة الاسرائيلية المقبلة غير معروفة قبل الانتخابات، ولا فوارق بين حكومة إسرائيلية وأخرى لجهة يمين ويسار». ويضيف «المنافسون لنتنياهو _ ليبرمان يعتقدون أن سياسته تضرّ بإسرائيل ولا تنطلق من مراعاة مبادئ التسوية مع الفلسطينيين، لا بل أكثر هم لم يضعوا في برامجهم الانتخابية الفلسطينيين، إلا من زاوية الانفصال عنهم وعن مشكلاتهم دون الانفصال عن أرضهم ومقدراتهم وحياتهم اليومية تفادياً لحل الدولة العنصرية الواحدة، وهذا يجعل الفلسطينيين من الزاوية الدبلوماسية أقوى ويحفز على إمكان خلق شراكة دولية لإنهاء الاحتلال إذا أحسن الفلسطينيون والعرب إدارة هذه المعركة».
أما المحلل زعل أبو رقطي فيرى أن «نتائج الانتخابات الإسرائيلية تسير باتجاه فوز فريق التطرف بقيادة نتنياهو، وهذا ما سيجعل الأمور أكثر تشدداً وتطرفاً، وخاصة في ما يتعلق بموضوع الاستيطان، وتحديداً في منطقة القدس المحتلة، وكذلك التشدد في موضوع المفاوضات مع الفلسطينيين دون الاكتراث لأي ضغط دولي بالرغم من أن مثل هذا الضغط غير فعال وغير موجود بالشكل المطلوب».
ولا يبتعد الشارع الفلسطيني في آرائه كثيراً عن الخبراء، وتقول كارول صنصور لـ«الأخبار» إن «تعاقب الحكومات الاسرائيلية والاميركية لا أثر جديداً له على الموضوع الفلسطيني، على الأقل بالمعنى الجذري للقضية؛ فدولة إسرائيل قامت وستبقى على مفهوم إلغاء الوجود الفلسطيني، لذلك يكون السؤال ليس كيف علينا مواجهة هذه الحكومة أو تلك، بل كيف نواجه موضوع قيام هذه الدولة؟». وتضيف «مسألة الصمود أمر مهم، وأقل أهمية بدرجات كبيرة، هو قيام الدولة الفلسطينية، لأن هنالك حاجة ماسة إلى إعادة فهم التاريخ وإعادة صياغة المنهج. فمثلاً، من المعيب أن تشجع جامعة الدول العربية الفلسطينيين الواقعين تحت حكم دولة إسرائيل على المشاركة في الانتخابات بحكم كونهم أقلية في مجتمع إسرائيلي، ومن ثم هذه الجامعة نفسها ترفع شعار حق العودة أو أن القدس عربية».
محمد نجيب يتحدث عن وضع السلطة الصعب، ويقول إن «الوحدة واستعادتها ما بين «فتح» و«حماس» وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير عبر انتخابات، وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، كل ذلك سيقوي السلطة شعبياً ودولياً؛ فأحد أسباب الضعف، إضافة الى الانقسام، هو أن الرئيس محمود عباس والتشريعي انتهت صلاحيتهما، ولم تجر انتخابات ديموقراطية بعد ذلك». ويشير الى أن السلطة تستطيع المناورة في الشق الأمني، «بإمكان الرئيس وقف التنسيق الأمني، وحل كتيبة من الكتائب التسع للأمن الوطني التي تم تدريبها في الأردن بتمويل أميركي، لأن إسرائيل وأميركا ستخشيان في هذه الحالة انضمام عناصر هذه الكتيبة المدربين إلى حركتي حماس والجهاد».