في سيناريو بات يكرر نفسه كل بضعة أشهر، انهارت مفاوضات أديس أبابا بين السودان وجنوب السودان، وسط تبادل البلدين مسؤولية الفشل في تنفيذ ما تم التوصل إليه في ايلول الماضي بين الرئيس السوداني عمر البشير ونظيره الجنوبي سيلفا كير ميارديت لجهة انشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح بعرض عشرة كيلومترات على طول الحدود بين الدولتين البالغة الفي كيلومتر. وزير الدفاع السوداني، رئيس وفد السودان في المفاوضات، عبد الرحيم محمد حسين، حمل جوبا مسؤولية فشل محادثات اديس ابابا بين الطرفين بسبب «مواقفها المتذبذبة» من منطقة حدودية بين البلدين تسمى الميل 14.
وقال الوزير السوداني «يبلغ طول منطقة الميل 14 وفقاً لخريطة الآلية الأفريقية العليا 284 كيلومتراً الى الغرب من منطقة أبيي المتنازع عليها بين الطرفين، لكن الإخوة في جنوب السودان في جولة سابقة قالوا إن المنطقة طولها 42 كيلومتراً، ثم قدموا في الجولة التي انتهت اليوم ليقولوا إن طولها 123 كيلومتراً، ونحن رفضنا هذا الأمر». وأضاف «متمسكون بالاتفاقية التي تتحدث عن الانسحاب من المنطقة وفقاً لخريطة الوسطاء، ومثل هذا الأمر عقبة في طريق الوصول لحل».
كما أشار حسين إلى أن جنوب السودان قدم مطالب جديدة لنزع سلاح منطقة «الميل 14» ولم يتخل عن دعم المتمردين الذين يقاتلون الحكومة السودانية في منطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق. كما اتهم الجنوب بالتراجع عن الاتفاق الذي وقّعه البشير وميارديت بشأن تشكيل مجلس أبيي الذي أقرّه لقاء القمة الماضية بالمناصفة بين الدولتين بتشكيله من عشرين عضواً.
وفيما أعلن حسين ان جولة المفاوضات المقبلة بين الدولتين ستعقد في الثالث عشر من الشهر المقبل في اديس ابابا، اتهمت جوبا الخرطوم برفض سحب قواتها من الحدود وتقديم مطالب جديدة بشأن «الميل 14». كما أشارت حكومة جنوب السودان إلى أنها وافقت على استئناف انتاج النفط فوراً، ولكن السودان رفض قبول معالجة النفط ونقله في السودان إلى ان يبدأ تنفيذ المنطقة العازلة.
وبالتزامن مع فشل المفاوضات، أعلن الجيش السوداني أول من أمس أن قواته شنت «هجوماً كاسحاً» على موقع للمتمردين في ولاية النيل الازرق في جنوب البلاد حيث تدور معارك بين الجانبين منذ أشهر.
ونقلت وكالة الانباء السودانية الرسمية «سونا» عن المتحدث باسم الجيش العقيد الصوارمي خالد سعد، إشارته إلى هروب كل من كان في المنطقة من متمردي الحركة الشعبية قطاع شمال السودان. لكن المتحدث باسم المتمردين ارنو لودي، أكد أن «لا معلومات لدي عن هذا الامر».
في غضون ذلك، تصاعدت حدة الاتهامات بين الحكومة السودانية وتحالف أحزاب المعارضة ممثلةً بـ«قوى الاجماع الوطني»، فيما سعت المعارضة إلى التخفيف من تداعيات توقيعها على وثيقة «الفجر الجديد» الداعية لإسقاط نظام البشير.
وطالب رئيس التحالف، فاروق ابو عيسى، الحكومة بإطلاق سراح ستة من قيادييه اعتقلتهم الأجهزة الامنية الحكومية قبل عشرة ايام، عقب عودتهم من العاصمة الاوغندية كمبالا التي شهدت توقيع الوثيقة مع «الجبهة الثورية» التي تضم مجموعة من الحركات المسلحة، بينها الحركة الشعبية لقطاع شمال السودان وثلاث حركات تقاتل الحكومة السودانية في اقليم دارفور.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)