استمرت القوات الفرنسية في التقدم باتجاه شمال مالي، الذي يسيطر عليه المسلحون الإسلاميون، فيما استجابت عدة دول لنداء أطلقته باريس وقادة دول غرب أفريقيا من أجل زيادة المساعدة الدولية، في وقت أعلن فيه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن قوات بلاده ستبقى «كل الوقت الضروري» في مالي، ما يشير إلى حرب طويلة. وأكد هولاند أن فرنسا ستبقى في مالي «كل الوقت الضروري من أجل دحر الإرهاب» في هذا الجزء من أفريقيا. وقال أثناء زيارة لتول إنه سيطلب من البرلمان «التصويت على مبدأ هذا التدخل إذا كان سيطول». بدوره، وعد الرئيس المالي بالوكالة ديونكوندا تراوري بـ«ربح الحرب» على «الإسلامية الدولية» واستعادة شمال البلاد من الإسلاميين.
في هذا الوقت، أعلن الناطق باسم عملية «سيرفال» الفرنسية، اللفتانت كولونيل إيمانويل دوسور، في باماكو أمس، أن القوات الفرنسية في مالي تقدمت نحو الشمال وسيطرت على مواقع في مدينتي نيونو وسيفاريه.
وقصفت الطائرات الفرنسية، أمس، مدينة تيمبكتو التاريخية وذلك للمرة الأولى منذ 10 أيام على العملية العسكرية، واستهدفت الطائرات الفرنسية مرافق في المدينة تعرف بمنازل القذافي، تقع في حي «صان فيل»، جنوب غرب تيمبكتو، حسب موقع «صحراء ميديا» الإلكتروني وشاحنات محملة بالسلاح.
وقال وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، في مقابلة مع القناة الخامسة في التلفزيون الفرنسي، «القوات الفرنسية وخاصة القوات الجوية تقصف معاقل الإرهابيين. يحدث هذا في منطقة جاو، وهو الأمر نفسه في منطقة تيمبكتو وسوف تستمر (الغارات)». وتابع إن القوات البرية لم تسيطر بعد على ديابالي، لكنه توقع أنباء إيجابية على هذه الجبهة «في الساعات المقبلة». وشدد على أن «الهدف» من التدخل العسكري الفرنسي في مالي هو «استعادة كامل أراضي» هذا البلد.
وأعلن لو دريان أن ألفي جندي فرنسي منتشرون حالياً في مالي في إطار عملية سرفال، مشيراً إلى أن هذا العدد سيرتفع وقد يتخطى العدد المحدد مسبقاً والبالغ 2500 جندي. وأضاف لشبكة «فرانس 3» التلفزيونية إن «حوالى 4000 جندي بالإجمال سيشاركون في هذه العملية»، ملمحاً إلى القوات المتمركزة خارج الأراضي المالية والمشاركة أيضاً في هذه العملية.
كذلك عمد الجيش المالي أمس الى تسيير دوريات حول بلدة ديابالي، حيث الوضع «غير واضح تماماً»، إذ ذكر ضابط فرنسي في نيونو أن «المقاتلين المتمردين غادروا المدينة مبدئياً»، مشدداً على «تصميمهم على القتال وقدرتهم الكبيرة على التنقل».
بدوره، أكد الكولونيل ساغوبا من الجيش المالي أن «قسماً من سكان ديابالي انضم إلى فكر الجهاديين، وعلينا توخي الحذر في الساعات المقبلة». كذلك أشارت عدة مصادر إلى انكفاء الإسلاميين المسلحين من وسط البلاد إلى كيدال أولى المدن التي سقطت في آذار الماضي بأيدي الإسلاميين والتي يصعب الوصول إليها.
وفي غاو، قتل سكان المدينة القيادي الإسلامي، عليون توري، رداً على مقتل الصحافي المحلي قادر توري على أيدي إسلاميين ضربوه حتى الموت بتهمة العمالة مع العدو.
وفي باماكو، ندد ممثلون عن الجاليتين العربية والطوارق بأعمال انتقامية استهدفتهم بعد تحرير مدن وقرى استولى عليها الجهاديون. كما تحدثت عن ذلك منظمة «هيومن رايتس ووتش» التي أكدت وقوع «عمليات قتل». وأضافت إنه يجري بشكل خاص استهداف الطوارق والعرب.
من جهة ثانية، وبعد أقل من أربع وعشرين ساعة على طلب المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا من الأمم المتحدة «تقديم دعم لوجستي ومالي فوراً لانتشار القوة الدولية لدعم مالي»، ردت برلين وروسيا بإعلان استعدادهما لتقديم العون في الحرب الدائرة.
فأعلنت برلين عن مساعدة مالية إضافية إلى الدول الأفريقية المشاركة في العملية العسكرية في مالي خلال اجتماع المانحين المقرر عقده في أديس أبابا في 29 كانون الثاني. كما أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن روسيا عرضت على باريس نقل قوات ومعدات فرنسية إلى مالي.
وكانت فرنسا وزعماء دول غرب أفريقيا قد طالبوا القوى العالمية الأخرى بالالتزام بتقديم دعم مالي وبالإمدادات والمؤن للجيوش الأفريقية التي تجهز قواتها للانضمام إلى الجنود الفرنسيين. وجاءت الدعوة في اجتماع استثنائي لقادة الدول الأفارقة في ساحل العاج للاتفاق على تفاصيل تشكيل بعثة إقليمية، من المقرر أن تتسلم من القوات الفرنسية مسؤولية محاربة متشددي القاعدة في مالي.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)