القاهرة | قتلى جدد سمّاهم النظام شهداء، وقرر صرف تعويضات لهم، كأن نعتهم بتلك الصفة ومنحهم هذه الاموال قد يشفيان الألم الذي يتجدد بعد كل حادثة قطار في مصر، التي تجددت أمس. ووفقاً لبيان رسمي صادر عن وزارة النقل، فإن الحادث وقع «في تمام الساعة 23.54 يوم الاثنين 14 يناير، أثناء مسير قطار مجندين من الأمن المركزي من أسيوط إلى القاهرة بحوش محطة البدرشين خط القاهرة – السد العالي، عندما سقطت العربة الأخيرة من القطار المكون من 12 عربة واصطدمت بقطار البضائع المنتظر على سكة المخزن المجاور». أما الضحايا فهم 19 متوفى و120 مصاباً، بينهم 47 في حالة حرجة. إلا أن شهود العيان الذين كانوا في موقع الحادث بالصدفة يؤكدون أن العدد قد يتجاوز الـ20 وفية وأكثر من 400 مصاب، حيث قالت أغلب روايات المصابين بأنهم كانوا يجلسون 4 ركاب على مقعد مخصص في الأصل لإثنين فقط، وبعضهم كان يفترش الأرض والبعض الآخر كان ينام على الرفوف المخصصة للحقائب. الحادثة هي الثانية خلال تولي مرسي الحكم بعد حادث تصادم بين قطار ركاب وحافلة مدرسية في أسيوط أسفر عن مقتل 47 شخصاً على الأقل، بينهم 44 طفلاً. وهي أيضاً ليست الحادثة الأولى التي يروح ضحيتها مجندون، فلم يعد يمر يوم إلا وتتناقل وسائل الإعلام أخباراً عن انقلاب سيارة مجندين ومقتل من فيها. ودائماً ما تكون حمولة العربة أكثر من الطبيعي فيكون الضحايا أكثر.
حادثة أمس تؤكد أن الفساد لا يزال يتغلغل في تلك المؤسسة الأضخم والأهم، «الهيئة العامة لسكك حديد مصر». فغالبية سكان الأقاليم يعتمدون على تلك الوسيلة من النقل. وحسب الإحصائيات الرسمية يستخدمها 1.4 مليون راكب يومياً، كونها أقل تكلفة وأكثر تغطية لمحافظات الجمهورية. ويعتبرها البعض من أكثر الوسائل أماناً، إلا أن الأمان يبدو أسطورة بدأت تتهاوى أمام هذا الكم من الحوادث الذي أصبح يتكرر كثيراً. الفساد المتفشي في الهيئة دفع البعض إلى تسميتها مقبرة الوزراء، كونها كانت سبباً طوال الوقت في رحيل وزراء النقل من مناصبهم سواء قبل الثورة وحتى بعدها، ما يؤكد أن الثورة لم تغير شيئاً في ذلك الكيان العملاق الذي يضم قرابة 75 ألف موظف وعامل. وما يؤكد أن الأمور لم تتغير بتلك التصريحات التي تخرج من المسؤولين بعد كل حادثة. بالأمس قال وزير النقل حاتم عبد اللطيف إنه سيتم صرف تعويضات للمتوفين والمصابين بواقع 20 ألف جنيه لأسرة المتوفى وللمصاب حسب درجة اصابته، وذلك من خلال المجمعة التأمينية للسكة الحديد، بالاضافة إلى مبلغ 10 آلاف جنيه لأسرة المتوفى وألفي جنيه للمصاب يتم صرفها من وزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية، وهي نفسها تلك التصريحات التي كان يرددها وزارء حسني مبارك، وكأن الحل الوحيد هو صرف التعويضات للضحايا.
كما لم تتردد وزارة النقل في إرسال بيان إلى وسائل الإعلام يحمل نفس الصيغة التي كانت ترسلها من قبل في الحوادث السابقة. وقالت، في بيانها، «إن وزير النقل عقد اجتماعاً بقيادات هيئة السكك الحديدية ومسؤولي الصيانة بالهيئة على نحو عاجل صباحاً حيث تم مناقشة الأسباب المبدئية للحادث ومراجعة منظومة السلامة والصيانة في السكة الحديد وتحديد الخلل، وكذلك تحديد الإجراءات اللازمة خلال الفترة القادمة ووضع إجراءات تنفيذية لمنظومة الصيانة والسلامة».
وفيما تحدثت الوزارة عن لجان تحقيق، قررت النيابة العامة أمس حبس سائق القطار 4 أيام على ذمة التحقيقات. إلا أن العمال بالسكة الحديد تبرأوا من التهم التي ستطالهم من المسؤولين في الحكومة. وقال رئيس النقابة المستقلة للعاملين في السكة الحديد، محمد عبد الستار، إن عمال الهيئة قاموا بتقديم بلاغ للنائب العام الأسبوع الماضي يتهمون فيه مجلس الإدارة بإهدار المال العام داخل السكة الحديد. وأضاف في تصريحات لـ«الأخبار» إن السبب الرئيسي وراء كل حادثة قطار هو فساد مجلس إدارة هيئة السكة الحديد. وأضاف «كثيراً ما نادينا طوال العام الماضي بتغيير مجلس إدارة الشركة ولكن دون أي جدوى».
إلى ذلك، نظم عدد من العمال وشباب القوى السياسية تظاهرات في محطة رمسيس، المحطة الرئيسية للهيئة، مطالبين بتطهير الهيئة، بينما خرجت هتافات أخرى ضد جماعة الإخوان ورئيس الجمهورية محمد مرسي نفسه رغم زيارة الأخير ورئيس الوزراء هشام قنديل ووزير الدفاع وعدد من الوزراء مستشفى المعادي العسكري الذي استقبل عدداً من مصابي الحادث.
وفيما أكد مرسي أن النيابة العامة تتولى التحقيق في الحادث، وأنه سيتم محاسبة المقصرين والمسؤولين أيا كانت مناصبهم، حمّلت الأحزاب السياسية ذات التوجه الإسلامي الحكومة مسؤولية الحادث. أما التيارات الأخرى فحملت مرسي نفسه المسؤولية.



قطر تدعم وأميركا تحذر

أكد رئيس الوزراء القطري، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، أن قطر ستقف بجانب مصر ولا تريدها أن تفلس، وذلك بعد أسبوع من إعلان قطر إعطاء مصر قرضاً إضافياً بملياري دولار ومنحة أخرى قيمتها 500 مليون دولار لتبلغ المعونة القطرية لمصر 5 مليارات دولار بينها مليار دولار منحة.
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كانت قطر ستزيد مساعداتها لمصر، قال الشيخ حمد إن بلاده ستقف إلى جانب مصر والشعب المصري.
وأعرب عن اعتقاده «أن من مصلحة البنك الدولي والمجتمع الدولي ألا تفشل مصر».
من جهةٍ ثانية، أدان البيت الابيض أمس تصريحات أفادت تقارير بأن الرئيس المصري محمد مرسي أدلى بها عام 2010 حين كان زعيماً في جماعة الاخوان المسلمين دعا فيها إلى تربية الأولاد على كراهية «اليهود والصهاينة».
وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني، للصحافيين إن اللغة التي استخدمها مرسي «مهينة بشدة» وأن المسؤولين الأميركيين عبروا للحكومة المصرية عن القلق في هذا الشأن.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن مرسي ألقى خطبة قبل ثلاث سنوات كزعيم سياسي اسلامي حث فيها المصريين على تربية أولادهم وأحفادهم على كراهية «اليهود والصهاينة». وأضافت الصحيفة أنه في مقابلة تلفزيونية بعد ذلك بأشهر، وصف مرسي الصهاينة بأنهم «مصاصو دماء هاجموا الفلسطينيين، ومثيرو حروب وأحفاد القردة والخنازير».
مع ذلك، لم يغفل كارني الإشارة إلى أن مرسي كرئيس ساعد في التوسط في وقف لاطلاق النار بين اسرائيل وحركة حماس الفلسطينية في غزة وتعهد بدعم اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل.