مع اقتراب موعد الانتخابات العامة يوم الثلاثاء المقبل، انتقل جزء من الاهتمام الحزبي والإعلامي الإسرائيلي إلى اليوم الذي يلي إجراء الانتخابات لجهة مقاربة السيناريوات المحتملة بشأن تركيبة حكومة بنيامين نتنياهو المقبلة، رغم أن أحداً لا يستبعد حصول مستجدات تعدل في النتائج المقدرة التي تعكسها استطلاعات الرأي.
أحد أبرز السيناريوات يتمثل في احتمال عقد نتنياهو ائتلافاً حكومياً مع من يعتبرون شركاءه الطبيعيون، في حال حصل «الليكود بيتنا» على مقاعد تتراوح بين 38 و40 مقعداً.
ورغم أن الأحزاب الحريدية، «شاس» و«يهدوت هتوراة»، و«البيت اليهودي اليميني» تمثّل الشركاء الطبيعيين، إلا أن عدداً غير قليل من الشخصيات داخل حزب الليكود يرجّحون أن نتنياهو سيفضّل التخلّي عن الأحزاب الحريدية، ولا سيما بسبب صعوبة التوصل إلى اتفاق مع هذه الأحزاب على السياسة الاقتصادية التي سيضطر إلى اتباعها، والتي ستتضمن تقليصات قاسية للغاية.
وعليه، ترى هذه الشخصيات أن نتنياهو سيتوجه قبل أي شيء آخر إلى رئيس «يوجد مستقبل» يائير لابيد، ورئيسة حزب «الحركة» تسيبي ليفني، وأغلب الظن إلى رئيس حزب «كديما»، شاؤول موفاز، في حال اجتاز الأخير نسبة الحسم، على أن يتوجه نتنياهو في مرحلة ثانية إلى الحريديم و«نفتالي بينيت» للانضمام إلى الحكومة. ويرتكز هذا التقدير الذي تتقاطع حوله آراء جهات في الليكود و«يوجد مستقبل» و«الحركة» إلى أن التقليص الحاد في الموازنة والضغط الأميركي المتوقع حصوله في المجال السياسي سيدفعان نتنياهو إلى تشكيل ائتلاف واسع.
أما بخصوص سيناريو تأليف حكومة من اليمين والحريديم، أي من «الليكود بيتنا» و«البيت اليهودي» و«شاس» و«يهدوت هتوراة»، فلا يوجد خلاف على أنه الخيار الأسهل لنتنياهو، إلا أن قليلين في الساحة السياسية، بحسب صحيفة «معاريف»، يراهنون على مثل هذا الائتلاف، إذ إنه مع تشكيلة من هذه الأحزاب لن يكون ممكناً إقرار تقليص دراماتيكي في الموازنة، وتشريع قانون جديد للمساواة في العبء، والاستجابة للضغوط الدولية في ما يتعلق بالمفاوضات.
كذلك يطرح سيناريو تشكيل ائتلاف حكومي يضم اليمين والحريديم ولابيد أو ليفني أو كليهما. لكن ما يميز هذه التركيبة هو المشاكل التي يمكن أن تنشأ داخل الائتلاف، حيث إن لكل حزب مشاكل جوهرية مع حزب آخر. وبحسب جهات سياسية إسرائيلية مطلعة، فإن «هذا الأمر لن يكون بسيطاً، ولكن نتنياهو يفهم أنه إذا كان الأمر ينتهي فقط بشركائه الطبيعيين، فإنه لن ينجح».
أما بخصوص السيناريو الذي يضم «الليكود بيتنا»، و«العمل» و«يوجد مستقبل» و«الحركة»، إلى جانب أحد الأحزاب الحريدية، فقد وصفته صحيفة «معاريف» بالمتعذر، فضلاً عن استبعاد تراجع رئيسة حزب «العمل» شيلي يحيموفيتش عن موقفها بعدم المشاركة في الحكومة التي يرأسها نتنياهو.
في ضوء هذه الخيارات، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن رئيس البيت اليهودي، نفتالي بينيت، وجه في الفترة الأخيرة رسائل إلى نتنياهو يطمئنه فيها بشأن مواقف حزبه من مسألة الاستيطان وطرح «أرض إسرائيل الكاملة»، وهو ما عَكَس خشية لديه من أن يفضّل نتنياهو تأليف حكومته المقبلة بمشاركة الأحزاب الحريدية بدلاً من البيت اليهودي، لضمان دخول أحزاب الوسط واليسار إلى ائتلافه الحكومي. ونقلت «هآرتس» عن بينيت قوله، في جلسات مغلقة، إنه سيكون شريكاً مسؤولاً في حكومة نتنياهو الثالثة ويكون موالياً له من دون العمل على إحراجه أو توجيه الإنذارات للحكومة. وأوضحت الصحيفة الخط الأحمر بالنسبة إلى بينيت من خلال قوله «ما لم تقرر الحكومة التنازل عن أراض وتسليمها إلى طرف آخر فلا يوجد سبب لأن نتركها»، مؤكداً أنه يأتي للمشاركة في الحكومة بـ«رؤية منفتحة واسعة الآفاق ورسمية وغير محدودة». رغم ذلك، رفض بينيت تحديد كيفية تصرفه، بحسب «هآرتس»، في حال قررت الحكومة إخلاء وإزالة مستوطنة غير قانونية، أو في حال استؤنفت المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، لكن ما يفهم من تصريحاته أنه «ما دامت هذه المفاوضات لم تنضج لصيغة اتفاق سياسي فإنه لن يكون الطرف الذي سيسقط حكومة يمينية».