«تأكيد» و«تحذير» دوليان، يرافقان أي إعلان عن التدخل العسكري المرتقب في ليبيا. بات المجتمع الدولي، المهتم بالشأن الليبي، منقسماً على نفسه، بين مؤيدٍ ومعارض، وذلك بحسب مصلحته. وأعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، مارتي كوبلر، أمس، أن «الوقت الراهن غير مناسب لشن غارات جوية دولية على أهداف لتنظيم داعش في ليبيا»، معرباً عن خشيته من أي غارة جوية ضد التنظيم، حيث من الممكن أن تؤدي إلى «تدمير الجهود المبذولة لتشكيل حكومة وحدة وطنية في البلاد».
وأشار المبعوث الأممي إلى ضرورة «عدم وضع العربة أمام الحصان»، وذلك ببدء الغارات الجوية في لحظة حساسة، فـ«قتال داعش ليس كافياً بإلقاء القنابل من الجو»، بل «يتطلب إسناد قوات برية لاستعادة السيطرة على البلدات والقرى التي سقطت بأيديهم».
وأكّد كوبلر أن ليبيا بحاجة إلى «قوات ميدانية لأن الغارات الجوية وحدها ليست حلّاً سحرياً»، مشدداً على أن «النضال ضد التنظيم يجب أن يقوده الليبيون». وأوضح أن «الضغط العسكري الدولي المتزايد على داعش في سوريا والعراق سيدفع مزيداً من المقاتلين الأجانب للتوجه إلى ليبيا»، مقدّراً أنه «بين 70 و80% من الميليشيات الموجودة في ليبيا تتكون من أجانب، وهي نسبة متزايدة».
ورغم التحذير الأممي بعدم فرض التدخل «كأمر واقع»، إلا أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أكّد على منع «داعش» من تثبيت مواقعه في ليبيا، وتشكيله قاعدة هناك. وشدّد، بحسب وكالة «فرانس برس»، على أن بلاده ستتحرك أينما وجدت «هدفاً واضحاً»، لافتاً إلى أن واشنطن ستعمل مع شركائها في التحالف لـ«ضمان اغتنام جميع الفرص التي نرصدها لمنع داعش من تثبيت مواقعه في ليبيا».
أما القاهرة فتعارض واشنطن في قرارها، ظاهراً، إلا أنها توافقه إن «طلبت حكومة الوحدة من المجتمع الدولي التدخل». وأكّد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أن الوضع في ليبيا يزداد خطورة، في حين تسعى مصر الى تحقيق الاستقرار السياسي، بدعمها لاتفاق الصخيرات. وطالب شكري بأن لا يكون أي تدخل عسكري في ليبيا إلا بطلب من الحكومة «الشرعية»، لافتاً إلى أن الشعب الليبي يستطيع بإمكاناته الحفاظ على وحدة أراضي بلده، والتصدي لكل التحديات ومنها الإرهاب.
وبانتظار جلسة مجلس نوّاب طبرق، الأسبوع المقبل، لمنح الثقة لحكومة «الوفاق الوطني»، رحبت الحكومة الإسبانية بتشكيل الحكومة، وذلك في بيان لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإسبانية. وقال البيان إن «مدريد تدعو مجلس النواب إلى الاجتماع والتصويت لمنح الثقة للحكومة الجديدة في أقرب وقتٍ ممكن». وأضاف إن المشاكل الخطيرة التي سيتعين على الحكومة الجديدة مواجهتها، ولا سيما الإنسانية ومكافحة الإرهاب، يفرض عليها اتخاذ العاصمة طرابلس مقرّاً لها، مجدداً دعم الحكومة الجديدة والانتقال السياسي للسلطة بمشاركة جميع الفاعلين المعنيين.
وكان المستشار الإعلامي لرئيس البرلمان الليبي، فتحي المريمي، قد أعلن أن جلسة برلمان طبرق المخصصة لمنح الثقة لحكومة «الوفاق»، التي يرأسها فايز السراج، أُجّلت إلى الأسبوع المقبل. وقال المريمي إن «المجلس الرئاسي طلب تأجيل جلسة منح الثقة حتى الاثنين المقبل، لأسباب لوجستية تتعلق بصعوبة نقل الرئيس ونوابه إلى مدينة طبرق، وهذا سبب مقنع جداً». وأوضح أن «التشكيلة الوزارية الجديدة لا تزال قيد المناقشة والحوار ما بين الأعضاء، وستتم مناقشة كل شيء في جلسة البرلمان».
إلى ذلك، اعتبر ابن عم الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، أحمد قذّاف الدم، أن الغرب يحمي المسلحين المتحكمين بالبلاد. وأضاف أن ليبيا تحوّلت إلى دمار، في وقت ينزح فيه الليبيون من بيوتهم، محملاً الحلف «الأطلسي» مسؤولية ذلك.