استمرت حال الانقسام السياسي في العراق، وانعكست أول من أمس تظاهرات مؤيدة لرئيس الحكومة نوري المالكي وأخرى معارضة له، فيما أكد رئيس الحكومة أن وحدة العراق وأمنه واستقراره «رهن بالروح الوطنية التي تخفق بها قلوب العراقيين جميعاً». وأعرب «عن شكره وتقديره لكل المتظاهرين العراقيين في بغداد وجميع المحافظات دون استثناء الذين أكدوا تمسكهم بوحدة بلادهم ورفضهم للعنف والإرهاب والطائفية والتقسيم، وأكدوا تكاتفهم وتمسكهم بالوحدة الوطنية». وكان المئات من العراقيين قد تظاهروا أول من أمس في ساحة التحرير وسط بغداد، بينهم زعماء عشائر ونساء، للتعبير عن دعمهم لحكومة المالكي، ورفعوا صوراً له حملت إحداها عبارة «أنا عراقي أنا أحب المالكي»، وأخرى «نطالب بعدم إلغاء قانون الإرهاب والمساءلة والعدالة»، وهتفوا كذلك: «نعم نعم للعراق... اخرج اخرج يا بعث»، و«كلا كلا للإرهاب. نعم نعم للمالكي».
على الصعيد ذاته، تظاهر العشرات حملوا أعلاماً عراقية ولافتات وسط مدينة البصرة لرفض إطلاق سراح المعتقلين وإلغاء المادة 4 من قانون مكافحة الإرهاب.
في المقابل، خرجت تظاهرات في مدينة الرمادي غرب بغداد وسامراء في محافظة صلاح الدين طالبت برحيل المالكي.
وعلى صعيد متصل بالأزمة، دعا رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، أمس، إلى التزام الدستور والمادة 140 منه «كأفضل علاج» للمشاكل السياسية في البلاد، مؤكداً أنه سيتواصل مع جميع الأطراف للخروج من الأزمة.
وقال بيان للبرزاني، عقب استقباله ممثلي دول عربية وإسلامية وأجنبية في إقليم كردستان، إنه «بُحثت آخر المستجدات والأوضاع السياسية في العراق والمنطقة»، موضحاً أنه «وفقاً لتجارب الحكم ينبغي أن يكون الحكم في العراق بالشراكة ووفقاً للدستور». وأضاف أن «الدستور حدد المهمات والحقوق لجميع الأطراف»، داعياً إلى «التزام هذا الدستور كأفضل علاج لجميع المشاكل، وخاصة المادة 140 التي تخص المناطق الكردستانية خارج إقليم كردستان». وأوضح أنه «سيتواصل مع جميع الأطراف السياسية للخروج من الأزمة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية».
وكان البرزاني قد أكد، أول من أمس، خلال استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر، أنه ليس ضد إجراء الانتخابات المبكرة في العراق، مشترطاً إجراء إحصاء سكاني دقيق بإشراف الأمم المتحدة وتعديل قانون الانتخابات.
وفي سياق متصل، دعا ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر، أمس، جميع الأطراف إلى الحوار لحل الأزمة الراهنة، وفيما رأى أن الأزمة القائمة حالياً داخلية وعلى العراقيين حلها، أعرب عن قلق المنظمة الدولية المتزايد من الأوضاع التي تشهدها البلاد.
وقال كوبلر، خلال مؤتمر صحافي عقب لقائه المرجع الديني الأعلى علي السيستاني: «أبلغت المرجع السيستاني قلق الأمم المتحدة المتزايد نتيجة عدم التوصل إلى إيجاد حل للأزمة التي يمر بها العراق حالياً»، داعياً الجميع إلى «الجلوس والحوار؛ لأن هنالك مطالب على الطاولة يجب مناقشتها». ورأى أن «المشكلة القائمة الآن هي مشكلة داخلية وعلى العراقيين جميعاً حلها في ما بينهم»، مطالباً الحكومة العراقية بـ«التحلي بأقصى درجات ضبط النفس».
وتابع كوبلر بالقول: «نقلت أفكارنا إلى المرجع السيستاني، وقد تطابقت مع أفكاره المتمثلة بأن العراق يجب أن لا يتعرض لهذه المخاطر، ويجب على الجميع الابتعاد عن الطائفية»، مؤكداً أنه «لا مانع من التظاهر، ومن المهم أن يبقى المتظاهرون ضمن القانون ويحافظوا على سلمية تظاهراتهم، وليس مقبولاً استخدامهم لغة تزعج الآخرين وتؤزّم الأمر».
وكان كوبلر قد التقى السبت رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني، في سياق لقاءاته مع عدد من المسؤولين العراقيين لبحث الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد.
(الأخبار، أ ف ب)