بعد أقل من 24 ساعة على محاولة اغتيال استهدفت محافظ عدن عيدروس الزبيدي ومدير أمنها شلال علي شائع، هزّ انفجار عنيف، يوم أمس، معسكر «راس عباس» التدريبي في مديرية البريقة غربي عدن، ما أدى إلى مقتل وجرح نحو 60 شخصاً. وأفاد شهود عيان بأن انتحارياً كان يلبس الزي نفسه الذي يرتديه متدربو المعسكر ترجل في الناحية الشمالية واقتحم تجمعاً غفيراً من طالبي التجنيد، ثم فجر نفسه مخلفاً ما لا يقل عن 13 قتيلاً وعشرات الجرحى. وعلى الأثر، سُجل تحليق لطيران التحالف السعودي فوق «راس عباس»، إضافة إلى اختراق حاجز الصوت. وفيما دفعت «السلطات المحلية» المدعومة سعودياً وإماراتياً قوة عسكرية إضافية إلى المعسكر، شوهد عدد كبير من طالبي التجنيد وهم يلوذون بالفرار.
قال التنظيم إن الانتحاري فجر نفسه «وسط تجمع لجنود الطاغوت»

وأشار بعض هؤلاء في روايتهم لملابسات التفجير، إلى أن قيادة «راس عباس» تلقت مساء الثلاثاء معلومات حول «تسلل عناصر غريبة من الجبال المحيطة بالمعسكر إلى داخله، وأضافوا أن المتدربين ألقوا القبض صباح الأربعاء على شخص غريب بحوزته سكين، وعند استجوابه اعترف بانتمائه إلى تنظيم متشدد. ولفت الفارون إلى أنه ضُبط عقب التفجير اثنان آخران أقرا إثر التحقيق معهما بوجود انتحاريَّين إضافيَّين داخل المعسكر. وبعد ساعات قليلة من الواقعة، أعلن تنظيم «داعش» في بيان صادر عنه مسؤوليته عن العملية، قائلاً: «إن أحد استشهادييه فجر حزامه الناسف وسط تجمع لجنود الطاغوت». وأضاف البيان أن منفذ الهجوم هو المدعو أبو عيسى الأنصاري الذي تفيد المعلومات المتداولة عنه بأنه من أبناء شارع خليفة في مديرية المنصورة وبأنه كان يعمل في إحدى البسطات قبل أن يختفي عن الأنظار. كما تفيد المعلومات بأن الأنصاري قاتل فترة في صفوف «المقاومة الشعبية» قبل أن يغادر عدن إلى حضرموت، حيث أعلن مبايعته لـ«داعش».
وتحمل هذه الواقعة مؤشرات إضافية إلى تنامي نفوذ التنظيم داخل مدينة عدن، كما تحمل دلائل على ضعف الخطة التي أقرتها «اللجنة الأمنية العليا» لاستعادة الاستقرار في المدينة. يعزز الاستنتاج المتقدم أن عناصر «الشرطة العسكرية» انسحبوا قبل يومين من وقوع الحادثة من مواقعهم في الناحية الشمالية لمعسكر «راس عباس» بحجة عدم تقاضيهم مستحقاتهم. وعلى الرغم من وجود أزمة حقيقية في سداد رواتب «الجيش الوطني» و«المقاومة الشعبية»، إلا أن مصادر قالت لـ«الأخبار» إنها لا تستبعد أن يكون سيناريو معسكر العمري في ذوباب في تعز قد تكرر في «راس عباس» في البريقة، بالنظر إلى أن «الشرطة العسكرية» تتبع قيادة «المنطقة العسكرية الرابعة» التي كانت قد أوعزت للمقاتلين السلفيين بالانسحاب من «العمري» واستجلبت مكانهم متدربي الصولبان ذوي الخبرة المحدودة.
ويشهد معسكر «راس عباس» تقاطر المئات من أبناء عدن العاطلين من العمل طمعاً في المعاشات الشهرية، غير أن «السلطات المحلية» تبدو عاجزة عن الإيفاء بوعودها لهم، ما قد يدفع الكثيرين منهم إلى الالتحاق بالتنظيمات التكفيرية. وهذا ما تؤكده حالات متعددة تم تسجيلها خلال الأشهر القليلة الماضية.
تجدر الإشارة إلى أن المعسكر الذي استُهدف أمس يعود إلى أيام الاحتلال البريطاني، حيث أسسته سلطة الانتداب لأغراض عسكرية، وبعد الاستقلال تحول إلى مخزن للأسطول الروسي، ثم استتبع لـ«اللواء 11» عقب انهيار المعسكر الاشتراكي، حيث كانت تودع فيه صواريخ «سكود». وبفعل الوقائع التي أفرزتها حرب 1994 أخلي المعسكر من هذه الصواريخ واستحال مخزناً للمنطقة العسكرية الرابعة. ومع اندلاع العدوان على اليمن، أدت المواجهات في عدن إلى تدمير أجزاء منه، إلا أن الإماراتيين تولّوا تأهيله إثر انسحاب الجيش و«اللجان الشعبية» من المدينة وحوّلوه إلى معسكر تدريبي.
إلى ذلك، أفيد يوم أمس أيضاً عن مخطط لعملية انتحارية موازية كانت ستستهدف معسكر الصولبان في مدينة خور مكسر في عدن، غير أن حراسة المعسكر أطلقت النار على سيارة من نوع «كورولا» مفخخة كانت تتجه بسرعة كبيرة إلى البوابة الرئيسية، ما أفقد سائقها الوعي وأفشل العملية.