القاهرة | لم يكد الإعلان عن المساعدات المالية القطرية المقدرة بـ 5 مليارات دولار (مليار منحة و4 مليارات وديعة) ينتشر حتى سادت تساؤلات حول أسباب هذا «الكرم» القطري، فيما كان مفاجئاً إعلان الحكومة المصرية أمس عن تعيين الرئيس محمد مرسي هشام رامز محافظاً جديداً للبنك المركزي بعد قبول استقالة فاروق العقدة. وسيتولى رامز مهام منصبه في الثالث من الشهر المقبل بعد أن يوافق مجلس الشورى على التعيين الذي يأتي بعد فترة وجيزة من نفي استقالة المحافظ السابق وفي وقت يمر فيه الجنيه المصري بتدهور غير مسبوق.
وفي محاولة لاستباق أي ردة فعل من الأسواق المالية على قرار تغيير المحافظ، عقد العقدة ورامز مؤتمراً صحافياً، تخلله تأكيد المحافظ السابق ثقته بخلفه وبأنه «سينجح نجاحاً كبيراً فى القطاع المصرفي».
أما رامز فأكد أنه لا يوجد ما يدعو إلى القلق بشأن الوضع في سوق العملة، لافتاً إلى أنه «تجري متابعة الأسعار بصفة لحظية، والوضع ليس خارج نطاق السيطرة». كما شدد على أن البنك لديه «كل الأدوات» للتدخل إذا وجد مضاربات.
في هذه الأثناء، رأت صحيفة «الفاينانشيال تايمز» البريطانية أن قرض صندوق النقد الدولي الذي يجري التفاوض عليه مع مصر ربما يتأخر الى ما بعد شباط المقبل بعد اجراء الانتخابات البرلمانية المزمعة، وهو ما يجعل الوديعة القطرية، التي أعلن البنك المركزي المصري عن تلقي أول جزء منها (ملياري دولار)، تشكل «مساحة للمناورة» ستمكن الحكومة المصرية من تحمل تأخر اتمام الاتفاق على التسهيل الائتماني مع ادارة الصندوق.
بدوره، اعتبر مدير وحدة العدالة الاقتصادية والاجتماعية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، عمرو عادلي، أن الوديعة القطرية محاولة لعلاج آثار تأجيل تطبيق الاجراءات التي اتفقت الحكومة المصرية مع صندوق النقد، في ظل تحالف شبه معلن بين قطر والادارة المصرية بعد وصول جماعة الاخوان المسلمين الى حكم البلاد.
وأكد عادلي الناشط في الحملة الشعبية لاسقاط ديون مصر أنه «لا يمكن قراءة زيارة بعثة الصندوق قبل أيام لمصر الا في سياق محاولة لاعادة التفاوض حول جدول زمني جديد لتطبيق الاجراءات المثيرة للجدل من قبيل التعديلات الضريبية الجديدة وخفض الدعم الموجه للطاقة، لكون الصندوق كان قد أعلن عن اتفاق مبدئي مع الحكومة المصرية حول التسهيل الائتماني في تشرين الثاني من العام المنصرم».
وكانت الخطوة الأخيرة بعرض ملف مصر أمام مجلس ادارة الصندوق مزمعة في منتصف كانون الأول. وحتى بعد الاعلان عن طلب الحكومة المصرية تأجيل الأمر كان من المقرر أن يجري هذا العرض في منتصف الشهر الحالي، وليس العودة للتفاوض مجدداً.
ويبدو الأمر من وجهة نظر عادلي واضحاً في اطار ما يعتقد أنها محاولة من جماعة الإخوان لتأجيل العمل بالاجراءات المثيرة للجدل شعبياً إلى ما بعد اجراء الانتخابات وضمان الهيمنة على اغلبية مجلس النواب، ثم تطبيقها لاحقاً على نحو يؤجل العقاب الشعبي عدة سنوات، حتى اول استحقاق انتخابي قادم، «وهو ما يستلزم بطبيعة الحال تأجيل التوقيع النهائي على اتفاق حول التسهيل الائتماني (الذي يجري التفاوض عليه منذ نحو سنتين) مع صندوق النقد الدولي مجدداً. ويريد الصندوق أن يضمن أن القرض سيذهب لاعادة هيكلة عجز الموازنة لخلق آلية لخفضه لا لسد العجز على نحو مباشر.
في المقابل، يرى عادلي أن الوديعة القطرية تهدف في الأساس لسد العجز بمواجهة المتطلبات الضرورية كسداد فاتورة الواردات وأعباء الدين لنحو شهرين كافيين لاجراء الانتخابات والتوجه مجدداً نحو صندوق النقد.
من جهته، رأى محمود عبد الفضيل، استاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة، أن سعر الصرف قد يشهد تحسناً بعد الوديعة القطرية التي سترفع من حجم الاحتياطي النقدي ومن ثم تحجم من شهية المضاربين على الدولار.