القاهرة | لم يجد النائب العام في مصر، المستشار طلعت عبدالله، وسيلة لترسيخ بقائه في منصبه وتفويت الفرصه على المعارضين لحكم الإسلاميين أو «حكم المرشد»، الذين يعتبرون يوم 25 الجاري موعداً لإستكمال ثورتهم، سوى التمسح بالثورة والتلويح بمحاكمة رموذ النظام السابق، واسترداد ثروات مصر المنهوبة، فأصدر، أمس، قرارا بتشكيل نيابة حماية الثورة برئاسة المستشار عمرو فوزي، المحامي العام الأول بالنيابة العامة، وعضوية 20 آخرين من رؤساء ووكلاء النيابة العامة. الغريب أن النائب العام برّر قراره، الذي سبق أن أصدره الرئيس محمد مرسي في 23 تشرين الثاني الماضي تحت مسمى حماية الثورة بهدف تحسين وجه الإعلان الدستوري، بأن «تلك النيابة أنشئت بهدف التحقيق في الوقائع التي أوردها تقرير لجنة تقصي الحقائق في ما يتعلق بجرائم قتل والشروع في قتل الثوار أو الاعتداء عليهم، وكذلك كل ما يرد للنيابة العامة من بلاغات أخرى تتضمن وقائع ارتكبت بحق الثوار». لكنه لم يذكر ما هي تلك الوقائع.
ومن المعروف أن لجنة تقصي الحقائق شكلت بالقرار الجمهوري رقم 10 لعام 2012 وتتضمن 16 عضواً من قضاة ومحامين وحقوقيين وممثلين عن وزارة الداخلية والمخابرات، بالإضافة إلى أفراد من أسر الشهداء والمصابين. وقامت تلك اللجنة على مدار 5 أشهر بجمع معلومات عن أحداث ثورة «25 يناير» في تقرير أخرجته في 800 صفحة، سلمت نسخته الأخيرة للرئيس مرسي مطلع الأسبوع الماضي والذي قام بدوره بإحالته الى النائب العام.
قرار تشكيل تلك النيابة سبب جدلاً داخل الأوساط القانونية. واعتبر نائب رئيس محكمة النقض، المستشار زكريا عبد العزيز، أن ظهور أدلة جديدة ضمن تقرير تقصي الحقائق الى جانب وجود هيئة قضائية واحدة مختصة بجميع القضايا سيساهم في تلافي جميع السلبيات التي شابت التحقيق في قضايا قتل المتظاهرين قبل ذلك.
لكن استاذ القانون الدستوري، المستشار محمود ذكي، أكد على عدم قانونية قرار النائب العام، مشدداً على استحالة إعادة التحقيقات مع أي متهم حصل على البراءة، تحقيقاً للمبدأ القانوني «تنقضي الدعوة الجنائية بصدور حكم بالبراءة».
النيابة الجديدة، من جهتها، بدأت عملها منذ اليوم الأول لتشكيلها؛ فحسب بيان المتحدث باسم النيابة العامة «بدأ فريق أعضاء نيابة حماية الثورة برئاسة المستشار عمرو فوزي فحص السيديات والفيديوات الخاصة بوقائع قتل المتظاهرين في جميع المحافظات خلال الثورة، وسيقوم ابتداءً من السبت في استدعاء المتورطين في القضية للتحقيق معهم».
ورغم أن الأقراص الإلكترونية والأفلام مصدرها لجنة تقصي الحقائق، ألا أن عضو اللجنة، علي جنيدي أكد لـ«الأخبار» أن «تقارير اللجنة لم تأتِ بجديد وتجاهلت العديد من الأمور الهامة، والتي كانت تستدعي نزول لجان للتحقيق فيها لمعرفة حقيقة الأحداث، كما هو الحال أمام أقسام الشرطة بالقاهرة، التي شهدت سقوط العديد من الشهداء والمصابين وتم تبرئة المتهمين بقضاياها».
واعتبر آخرون أن اللجنة «عملت وفق سيناريو إخواني»، وأن لجنة تقصي الحقائق لم تمتلك إلا نسخة واحدة من تقريرها الصادر بشأن قتل المتظاهرين فى أحداث ثورة «25 يناير»، وقد تأخر عرض نسخة تقرير اللجنة على النائب العام، لعرضها أولا على مكتب الإرشاد العام لجماعة الإخوان.
ويظل الجدل بشأن ما ورد بتقرير لجنة تقصي الحقائق من وقائع، وسيلة جيدة للرئيس الإخواني وجماعته لتحسين صورته واستمالة الشارع المصري، وهو الأمر الذى يعززه تدعيم الجماعة وحزبها للشائعات والتسريبات التي تنسب للتقرير، خاصة ما نقل عن التقرير وجود الفرقة «95» واستهدافها للمتظاهرين عبر القنص.