القاهرة | جاءت زيارة وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، للعاصمة المصرية القاهرة أمس، لتزيد الطين بلة، في ما يتعلق بالعلاقات المصرية الإماراتية المتدهورة بفعل اعتقال خلية تابعة للإخوان المسلمين في الدولة الخليجية. ووفقاً لتحليل شائع بشدة في وسائل الإعلام، فإن الإمارات، صاحبة الخصومة الممتدة مع إيران، تخشى تقارباً مصرياً معها، وخصوصاً أن التقارب هذا يأتي بعد عقود من العداء بين طهران والقاهرة. إلا أن الأمر ليس بهذه البساطة، من وجهة نظر رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية، مصطفى اللباد، الذي يستبعد أن تكون زيارة صالحي عاملاً مؤثراً على العلاقات بين مصر وإيران. وقال اللباد لـ«الأخبار»، إن زيارة صالحي للقاهرة لا تُعبّر عن تحالف ولا شراكة إقليمية، ولا تنمّ عن أي تقدم حقيقي في العلاقات المجمدة بين مصر وإيران، «وإنما العلاقات بين الطرفين لا تتجاوز وصف علاقات تحت سقف العلاقة الطبيعية. وتلك الزيارات من هذا المسؤول أو ذاك بدورها ربما كانت تهدف فقط إلى إبقاء العلاقة عند هذا الحد من دون تدهور».
ويجزم اللباد بأنه «لا يمكن الاستدلال من تلك الزيارة على تحسن ما في العلاقة مع طهران، وخاصة بعدما انتهت المبادرة الرباعية» التي كان الرئيس المصري محمد مرسي قد أطلقها في سياق محاولات للتعاطي مع الملف السوري ودعا إليها تركيا والسعودية وإيران.
إلا أن اللباد برّر، من جهته، التدهور الواضح في العلاقة مع الإمارات بما قال «إنه تهديد يشعر به النظام هناك من بزوغ نجم جبهة الإصلاح في الإمارات التي يُنظر إليها كظل لجماعة الإخوان المسلمين هناك. وتضع الإمارات في حسبانها طموح الإخوان للهيمنة على العالم العربي وتأثيرات الربيع العربي، بينما المملكة العربية السعودية تخشى من جانبها من قدرة الإخوان على النفاذ إلى النخبة غير المرتبطة بالنظام هناك، ومن تهديد دورها القيادي في العالم العربي». ويتفق اللباد مع رأي المساعد السابق لوزير الخارجية المصري هاني خلاف، الذي انتقد أداء الرئيس مرسي حيال إيران خلال قمة عدم الانحياز التي عُقِدت في طهران، «والتي شهدت إعادة التذكير بخلافات طائفية بين السنّة والشيعة لا مبرر لها في كلمة مرسي».
لكن يبدو واضحاً من جانب آخر، أن العلاقات التي كانت دافئة جداً مع نظام حسني مبارك ستظل تُعكّر صفو علاقات أي نظام جديد مع عدد من دول الخليج، حسبما أفاد خلاف لـ«الأخبار»، قائلاًً: «لكوني لا أجد أي بادرة سابقة على الثورة توحي بتخوف الإمارات من جماعة الإخوان المسلمين بالذات».
وتابع خلاف: «يضاف إلى ذلك تأثير متراكم من رفض الحكومات المتعاقبة بعد الثورة لعروض من قبل نظام الإمارات لدفع فدية مالية ضخمة قد تُقدّر بالمليارات، مقابل العفو عن حسني مبارك أو الإفراج عنه والإبقاء عليه قيد الإقامة الجبرية»، وهي عروض أرجعها خلاف إلى «الوفاء الإماراتي لمبارك»؛ إذ يرى المسؤول المصري السابق أن العلاقات بين مصر ودول الخليج بعد الثورة ليست إلا انعكاساً لنفس العلاقات قبلها، «فمثلاً احتفظ نظام مبارك بعلاقات تقارب مع الإمارات والسعودية والبحرين قبل الثورة، مقابل علاقات أقل دفئاً بعض الشيء مع قطر والكويت، ولذلك فقد احتفظت الدولتان بوضع أكثر تحرراً حيال الثورة من أعباء العلاقة مع النظام السابق، بعكس الإمارات والسعودية بصورة خاصة، في ظل انشغال بحريني أصلاً بالأوضاع الداخلية هناك».
خلاف أرجع الأزمة إلى «تأثير وجود عدد من رموز النظام (المصري) السابق في الإمارات، إضافة إلى عدد من رجال الأعمال المرتبطين بالنظام السابق هناك». وأشار إلى أن «أمثال هؤلاء من أركان نظام مبارك متنفذون نسبياً هناك في الإمارات وحصلوا على حق الإقامة بناءً على علاقات وطيدة مع كبار رجال الدولة» هناك. إلا أن الاهتمام البالغ من قبل مؤسسة رئاسة الجمهورية بملف المعتقلين في الإمارات، سرعان ما استفزّ قطاعات من الرأي العام، حسبما بدا واضحاً على الأقل على مواقع التواصل الاجتماعي. اهتمام وصل إلى درجة انضمام رئيس الاستخبارات المصرية، اللواء رأفت شحاتة، إلى وفد رفيع المستوى من بلده سافر إلى الإمارات لبحث قضية المعتقلين.