طرابلس | فيما تسعى الحكومة الليبية إلى إنشاء ركن موازٍ للجيش وآخر للشرطة لضم كافة كتائب الثوار، حسبما جاء في كلمة رئيس الوزراء علي زيدان، التي ألقاها عقب ازدياد وتيرة العنف في المدن الرئيسية في البلاد، أعلنت الحكومة الليبية أمس استحداث مجلس أعلى لشؤون الشرطة. وأكدت وكالة الأنباء الرسمية أن «مجلس الوزراء أصدر القرار رقم 1 لسنة 2013 باستحداث مجلس أعلى لشؤون الشرطة، وذلك ضمن الهيكلة الجديدة لوزارة الداخلية». ونقلت الوكالة عن المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية، مجدي العرفي، قوله إن «المجلس يضم 10 ضباط برتب عليا»، موضحاً أن من مهمات المجلس «معاونة وزير الداخلية في رسم السياسات العامة للوزارة ووضع خطط لتطوير أجهزتها وأسلوب عملها وتحديد احتياجاتها للرفع من مستوى أدائها وتحقيق المهمات المسندة إليه».
من جهة أخرى، نقلت الوكالة عن وزير الداخلية عاشور شوايل، قوله إن اكثر من خمسة آلاف عنصر من عناصر «اللجنة الأمنية العليا»، التي ضمت الثوار الليبيين بعد القضاء على نظام العقيد معمر القذافي، انضموا إلى جهاز الشرطة خلال الأيام العشرة الأخيرة، مشيراً إلى توقيع «اتفاق أمني» مع الجيش لتأمين مدينة بنغازي (شرق)، مؤكداً أن «إجراءات مشددة» ستُتّخذ حيال الميليشيات غير الشرعية.
وأعلن الوزير، خلال مؤتمر صحافي أول من أمس، أن «هناك عدداً من أعضاء اللجنة الأمنية العليا فضّلوا أن تكون لديهم إدارة أو جهاز أمني منفصل موازٍ لوزارة الداخلية، لكن هذا الموضوع محل دراسة وبحث». وشدد على وجوب دمج كل المجموعات المسلحة في مؤسسات الدولة، متوعداً من يرفض الاندماج في هذه المؤسسات بـ«إجراءات مشددة».
وفي سياق ضبط الفلتان الأمني الذي شهدته بنغازي، كبرى مدن الشرق الليبي، في الآونة الأخيرة، أعلن شوايل توقيع قرار يقضي بتشكيل «لجنة مشتركة بين الجيش والشرطة واللجنة الأمنية لتأمين مداخل المدينة ومخارجها».
ففي بنغازي «عاصمة الثورة»، أو كما يصر البعض على تسميتها «ترموميتر ليبيا» اختفى رئيس البحث الجنائي المقدم عبد السلام المهدوي، مساء الأربعاء الماضي. لكن صباح اليوم التالي، عُثر على جثة متفحمة تناقلت وسائل إعلامية متفرقة أنها جثة المقدم المفقود. إلا أن المتحدث باسم جهاز البحث الجنائي سارع إلى النفي، موضحاً أنها جثة «لمواطن».
شوايل ابن مدينة بنغازي ومدير أمنها السابق أعلنها حرباً شرسة على الفوضى والإرهاب. لكنه فيما أكد أنه بصدد إعادة توظيف 15 ألف عنصر من جهاز الأمن الداخلي للاستفادة من خبرتهم، قُوبل بهجمة شرسة من بعض النواب، اعتراضاً منهم على توظيف أشخاص من جهاز عُرف في عهد العقيد القذافي بشراسته، وخصوصاً مع الجماعات الإسلامية حينها.
الأمر لم يقف هنا، ففي طرابلس العاصمة، حيث يعاني ساستها الأمرّين من التهديدات المتكررة من ميليشيات، اقتحم أعضاء اللجنة الأمنية العليا المؤقتة مقر البرلمان الليبي، رافضين قرارات شوايل مطالبين باستقالته. والغريب في الأمر أن اللجنة الأمنية العليا، هذا الجسم الذي أُسّس في فترة تولي فوزي عبد العال لوزارة الداخلية، وقيل إنه ضم كتائب الثوار إلى وزارة الداخلية، وخُصّص بزي وسيارات مميزة عن تلك المعهودة لأجهزة ليبيا الأمنية، رفضت أثناء اقتحامها لمقر البرلمان، الانضمام إلى جهاز الأمن في وزارة الداخلية، مطالبة بأن يبقى الأمر كما هو عليه، حيث أوضحت أنها لا تتبع لجهة معينة.
أما في سبها، عاصمة الجنوب الليبي، فالأمر لم يكن أفضل حالاً من باقي المدن، حيث حدث ما كان يحاول الجميع غض النظر عنه حتى تفجرت الأوضاع. فالاقتتال المستمر في الجنوب الذي تصر الدولة على تجاهله وصل إلى نقطة اللارجوع؛ في اليومين الأخيرين اقتتل أبناء قبيلة القذاذفة، إحدى أكبر القبائل الليبية، مع أبناء قبيلة أولاد سليمان، التي لا تقل أهمية عن الأولى. الاقتتال الذي لم تُعلَن أسبابه، والذي لم يكن الأول من نوعه، أودى بحياة 10 أشخاص على الأقل، وكان سيستمر لولا تدخل أعيان القبائل للتهدئة. إلا أن المراقبين يتوقّعون استئناف القتال مجدداً في ظل فوضى السلاح والتهريب عبر المنافذ.
هذا التوتر الذي أطبق قبضته على أغلب المدن الأمنية، بات من الواضح أنه الخطر الأكبر الذي يواجه ليبيا في ظل غياب خطة حقيقية لجمع السلاح، الأمر الذي سبب ازدياد حالة التوتر لدى الشارع.