القاهرة | يبدو أن وزير المالية المصري، ممتاز السعيد، قد دخل إلى عرين حزب الحرية والعدالة عارياً من مساندة مجلس الشورى، الذي يمتلك السلطة التشريعية وفقاً للدستور الجديد في ظل غياب مجلس نواب. فالخلاف بين الحكومة والحزب حول مشروع قانون الصكوك الاسلامية وصل إلى حدود المواجهة المفتوحة وامتد إلى الأزهر، بعدما أعلن مجمع البحوث الاسلامية أول من أمس رفضه المشروع بدعوى أنه يتضمن «امكان رهن بعض أصول الدولة والحكومة»، وفقاً لملاحظات اللجنة الفنية في مجمع البحوث الاسلامية التي ارسلتها الى مجلس الوزراء ووزارة المالية. على أثر موقف الأزهر، أعلن وزير المالية عن لقاء مزمع مع شيخ الأزهر أحمد الطيب لمناقشة رد وزارة المالية على ملاحظات المجمع على مشروع قانون الصكوك الإسلامية الحكومية (السيادية) الذي أعدته وزارة المالية.
ودافع السعيد في بيانه عن المشروع قائلاً «إن ملاحظات مجمع البحوث الاسلامية حول مشروع القانون تركزت كلها على التخوف من نقل ملكية الأصول العامة للدولة لمالكي الصكوك، وهو ما قد يؤدي إلى تسرب ملكية هذه الأصول للأجانب». وأشار إلى أن «هذه الملاحظات والمخاوف من البداية راعتها وزارة المالية، حيث استبعد مشروع القانون العقارات المملوكة للدولة ملكية عامة، من استخدامها كأصول تصدر مقابلها الصكوك، وفي ذات الوقت كفل المشروع حماية العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة، التي تستخدم في هذا الغرض. وتتمثل هذه الحماية في عدم جواز بيع أو رهن أو حتى الحجز على هذه العقارات، كما أنه لن يترتب عليها أية حقوق عينية لمالكي الصكوك».
وبغض النظر عن طبيعة مشروع السعيد، إلا أن حزب الحرية والعدالة يبدو متبنياً نموذجاً مختلفاً ربما يتيح ما تخوف منه مجمع البحوث الاسلامية، كما يظهر من دراسة أعدها حسين حامد حسان، رئيس الهيئة الشرعية العليا للبنوك والمؤسسات الماليه الاسلامية في الامارات العربية المتحدة.
فالأستاذ السابق في جامعة القاهرة، الذي اعتمد عليه حزب الحرية والعدالة في صياغة رؤيته حول المشروع، يفسر في دراسته معنى «الصكوك الصادرة على أساس عقد بيع اصل موجود عند الاصدار مؤجراً أو قابل للتأجير»، بأنها تلك التي تلجأ إليها الحكومة حين تحتاج إلى تدبير موارد مالية لاستخدامها في تمويل انشاء مشروع جديد، أو تطوير مشروع قائم، أو في تمويل رأس المال العامل لهذا المشروع. ويوضح أنه عند هذه النقطة تصدر «صكوك أصول مؤجرة أو قابلة للتأجير تبيع الحكومة بمقتضاها لحملة الصكوك أصلا تملكه، مؤجراً أو قابلا للتأجير، وتكون حصيلة اصدار الصكوك هي ثمن هذا الأصل. واذا كانت الحكومة المصدرة في غير حاجة الى استخدام هذا الأصل فإن لها أن تستأجره من حملة الصكوك إجارة تشغلية أو تمويلية»، وهو عرض يكشف التشابه الواضح بين هذا النمط والخصخصة بل ويعد باباً خلفياً لها.
ضمن هذا الإطار، فإن الخلاف بين حزب الحرية والعدالة ووزير المالية يعود الى بيان مشترك شديد اللهجة من اللجنة الاقتصادية في حزبي الحرية والعدالة والنور السلفي والجمعية المصرية للتمويل الإسلامي، قبل نحو أسبوعين، في مواجهة ما قالوا إنهم فوجئوا به من مشروع قانون للصكوك الاسلامية السيادية عرضته الوزارة على مجلس الوزراء متجاهلة اقتراحاتهم.
فالصكوك الاسلامية ظلت مسعى تطارده الأحزاب الاسلامية في مجلس الشعب قبل حله، لكنها لاقت حينها تحفظاً من نفس الوزير الذي كان عضواً كذلك في حكومة كمال الجنزوري قبل الانتخابات الرئاسية.



يأتي الجدل حول مشروع قانون الصكوك الإسلامية في ظل تناقض التصريحات الحكومية حول الخصخصة. فوزير الاستثمار أسامة صالح، استبعد في تصريحات متواترة احتمال اللجوء إلى هذا الاحتمال بتأكيده أنه «ليست هناك نية للخصخصة في الوقت الحالي على الإطلاق. أما وزير الصناعة حاتم صالح، فبدا مقتنعاً بضرورة العودة إليها بقوله «إن كلمة خصخصة ليست معيبة ولا نهضة دون الاعتماد على القطاع الخاص ولا يمكن أن يقوم القطاع العام بدوره بعيداً عنه». وأضاف «لو كان هناك عيب في الخصخصة فليس في المبدأ ذاته، لكن في القائمين عليها، سواء من خلال فساد أو غيره». أما وزير المالية، فسبق أن رأى أن الخصخصة «لو جرت على نحو جيد فسيوفر ذلك للدولة الكثير من الأموال».