في الوقت الذي يواصل فيه رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، مساعيه لتأليف حكومة تكنوقراط، برز اختلاف في الرؤى على مستوى الكتل السياسية في ما يتعلق بشمول التغيير الوزاري العبادي نفسه، الذي دعا إليه المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم. إلا أن "التيار الصدري" أبدى "عدم اعتراضه على بقاء العبادي في منصبه لعدم هدم العملية السياسية"، وفقاً لما صرّح به نائب رئيس الهيئة السياسية للتيار، جعفر الموسوي.
وأشار الموسوي إلى أن "زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أطلق مشروعاً متكاملاً للإصلاح، شمل مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية، وما يتعلق بالظرف الحالي ومعاناة الشعب العراقي". وأضاف أن "المشروع يساند توجه العبادي للإصلاح الحقيقي"، لافتاً إلى أن "التيار الصدري يخول العبادي اختيار من يراه كفوءاً، وإن كان من وزرائه، شرط عدم الميل إلى جهة سياسية أو حزب السلطة، لأن المسألة حينها لا تُعَدّ إصلاحاً، بل تلاعباً بالأمور".
من جهته، أشار ائتلاف "دولة القانون" إلى أن دعوة العبادي للتغيير الوزاري "لا تزال محل تداول بين الكتل عامة والتحالف الوطني خصوصاً، بانتظار إعداد العبادي خريطة واضحة للتعديل، في إطار الدستور والنظام السياسي القائم حالياً". وقال خالد الأسدي، القيادي في الائتلاف الذي يرأسه نوري المالكي، إن "الكتل السياسية كافة عبّرت عن مواقفها تجاه مختلف القضايا، كذلك طالب بعضها بتغيير جزئي للحكومة، فيما طالب آخرون بأن يكون التغيير شاملاً".
بدورها، دعت منظمة "بدر" الجميع إلى الوقوف موقفاً موحداً من أجل "إنقاذ" البلد، معتبرة الانسحاب من الساحة وإلقاء اللوم على الآخرين والتهرب من تحمل المسؤولية "خيانة"، فيما أبدت استعدادها للتضحية بكل موقع أو منصب ومساندة أي خطوة إصلاحية جذرية.
وأكدت المنظمة، في بيان، أن "الجميع يتحملون مسؤولية ما وصل إليه العراق"، مشيرة إلى أن "السياسات الخاطئة والإصرار على المناهج غير المجدية والحلول الترقيعية هي التي أوصلتنا إلى هذا المستوى، لذلك على الجميع أن يتحملوا مسؤوليتهم التاريخية من أجل إنقاذ العراق".
أما المتحدث باسم مكتب العبادي، سعد الحديثي، فقد أوضح أن "البحث عن تغيير الكابينة الوزارية من صلاحيات رئيس الوزراء وتُدعم بموافقة من مجلس النواب"، مضيفاً أن "البحث عن استبدال رئيس الوزراء هو من صلاحية البرلمان، وليس من رئيس الوزراء نفسه".
وكشف الحديثي عن الانتهاء من وضع شروط ومعايير اختيار الشخصيات التكنوقراط في الدرجات الخاصة ومناصب مهمة في الدولة، موضحاً أن "ورقة الإصلاحات الأولى التي أطلقتها الحكومة في آب الماضي، كان فيها بند يشير إلى تشكيل لجنة من الخبراء والمتخصصين في مجلس الوزراء بالاستعانة بأكاديميين وأساتذة جامعات لوضع معايير وشروط وضوابط وأسس للكوادر العليا للدولة للدرجات المذكورة". ولفت إلى أن "هذه اللجنة أدت عملها، قبل فترة، ووضعت مجموعة من المعايير والضوابط والمقاييس والشروط والأسس التي يجب توافرها في من يتولى الإدارات المهمة في الدولة".
في سياق منفصل، وربطاً بتصريحات العبادي، أول من أمس، عن وجود "فساد كبير" في "الحشد الشعبي" وعن نية الحكومة إعادة هيكلته، أصدر نائب رئيس هيئة "الحشد" أبو مهدي المهندس، في ساعة مبكرة من صباح أمس، أمراً باعتقال من ينتحل صفة "الحشد الشعبي" وغلق المقرات الوهمية التابعة لـ"الحشد" بالتنسيق بين مديرية أمن "الحشد" وعمليات بغداد، وفق القانون وبأوامر قضائية.
ميدانياً، أحرزت القوات العراقية المشتركة ومقاتلو العشائر تقدماً كبيراً في القاطع الشرقي لمدينة الرمادي، بعد اقتحام منطقتي الحامضية وجزيرة الخالدية. مصدر عسكري في عمليات الأنبار أكد لـ"الأخبار" أن قواته تمكنت من إحكام السيطرة على معظم الحامضية ورفع العلم العراقي فوق جسرها. وأوضح أنه بتطهير المنطقتين المذكورتين تكون مدينة الرمادي تحت سيطرة الحكومة بالكامل، ما يمهد لانطلاق عمليات عسكرية كبرى لتحرير بقية المناطق الخاضعة لسيطرة "داعش" في الأنبار. كذلك، تمكنت القوات الأمنية من تحرير محطة القطار في منطقة الفلاحات غربي الفلوجة. وقال مصدر أمني إن "القوات الأمنية قامت بنصب السيطرات الأمنية وكثفت من وجودها حول المنطقة".