غزة | النتائج التي وصلت إليها الحالة الفلسطينية خلال 2014، إن جاز تسميته عام المصالحة والحرب، فاقت توقعات الأصدقاء والخصوم على حد سواء، لكنها لم تحرز تقدماً كبيراً في نقل الملف الفلسطيني إلى صدارة الاهتمام الدولي، أو حتى إيجاد حل لأي من القضايا المعلقة كحصار قطاع غزة أو قضية الأسرى فضلاً على القدس واللاجئين. تجتمع في ذلك عوامل كثيرة، وخاصة أن حالة التوافق الوطني دخلت طور التجمد مع نهاية العام، فيما لم يفتّت أداء المقاومة خلال الحرب الأخيرة جمود الحصار على غزة، أو يخفف الاحتقان في الضفة المحتلة.
ولعل الحدث الأبرز سياسياً كان في الثالث والعشرين من نيسان الماضي، حينما جرى توقيع اتفاق المصالحة المعروف بـ«اتفاق الشاطئ»، بين حركتي «حماس» و«فتح»، ليمهد الطريق أمام تشكيل حكومة وفاق بمهمات ومدة محددة (6 أشهر). لكن تشكيل الحكومة نفسه استغرق شهرين (2 حزيران) بفعل الاختلاف على أسماء الوزراء.

عملياً، لم تنته الصراعات بتشكيل الحكومة، بل زادت، وخاصة أن «حماس» قبلت التشكيلة تحت وطأة التخلص من العبء الحكومي الذي كان يكلفها عشرين مليون دولار على الأقل شهرياً، ثم فتحت سياسات «الوفاق» باباً جديداً أمام المناكفات السياسية، وخصوصاً في مسألة رواتب الموظفين الذين عيّنتهم حكومة «حماس» السابقة (أكثر من 40 ألف موظف)، فحصل المدنيون منهم على دفعة مالية من قطر، فيما صرفت الحركة سلفاً مقتطعة للعسكريين.
يوم أمس تحديداً، وضعت «التوافق» عصا جديدة في الدولاب بإعلانها أن عودة موظفي رام الله القدماء إلى الوزارت خطوة أولى قبل استيعاب «موظفي غزة» وفق «احتياجات الوزارات»، ما يعني إمكانية الاستغناء عن الآلاف. جرى ذلك في الزيارة الثانية لمسؤولين من السلطة والحكومة لغزة على وقع تلميح حمساوي إلى إمكانية استعادة السيطرة. هذا كله ينهي سيناريو تشكيل لجنة مختصة لـ«فلترة الموظفين» كما كان متفقاً عليه، ويزرع فتيلاً جديداً قد يفجر المصالحة في العام الجديد، مع تراكم الاحتقان الناتج من استهداف منازل قيادات «فتح».

3 مستوطنين بألفي شهيد

من أجل مقاربة موضوعية، فإن ما أزّم السير نحو إتمام المأمول من تشكيل الحكومة تحضيراً للتوجه إلى انتخابات رئاسية وتشريعية، هو ما حدث في الثالث عشر من حزيران، حينما أعلنت إسرائيل فقدان ثلاثة من مستوطنيها بالقرب من الخليل (جنوبي الضفة)، الأمر الذي دفع الاحتلال إلى تنفيذ حملة كبيرة في الضفة اعتقل فيها المئات من كوادر «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وخاصة محرري صفقة جلعاد شاليط، الذين صاروا ملفاً شائكاً بحدّ ذاته. وفيما وُجّهت التهمة مباشرة إلى «حماس»، نفت الأخيرة آنذاك مسؤوليتها، في ظل تهديد رئيس السلطة محمود عباس بمحاسبة الفاعلين (22 حزيران)، ثم أعلنت لاحقاً مسؤوليتها «غير المباشرة».
الأمل الوحيد للفلسطينيين في العام المقبل «صفقة أسرى مشرّفة»


توترت الضفة، ثم القدس، ولحقتهما الأراضي المحتلة عام 48، وعقب عشرة أيام من فقدان الثلاثة أقدم مستوطنون على حرق الفتى محمد أبو خضير (القدس) بعد اختطافه ثم قتله، فكانت الشرارة التي قصمت ظهر البعير وأثارت سخطاً شعبياً وفصائلياً واسعاً.
قبل ذلك، كانت المؤشرات تذهب صوب فتح النار على إسرائيل، كما كان كثيرون يرون التوتر فرصة مناسبة لـ«حماس» من أجل خوض مواجهة، ولو قصيرة، لكسر العزلة الدولية التي فرضت عليها إثر حل جماعة «الإخوان المسلمون» في مصر وأزمتها المالية المترتبة على إغلاق الأنفاق الحدودية كلياً. وفعلاً، بعد خمسة أيام من قتل الطفل أبو خضير، تحديداً في السابع من تموز، تفجرت المواجهة بين المقاومة والاحتلال، بعدما استهدفت الطائرات الإسرائيلية ستة مقاومين من كتائب القسام (حماس) كانوا متمركزين في نفق شرقي محافظة رفح (جنوب)، ما استدعى ردّ «حماس» بإطلاق نحو 70 صاروخاً على الأراضي المحتلة تحت عنوان «رسالة على الاحتلال تلقفها»، ومن الفور (8 تموز) أعلنت تل أبيب عملية عسكرية واسعة سمّتها «الجرف الصامد»، تدحرجت إلى عملية برية في السابع عشر من الشهر نفسه.
هنا انقطع السجال السياسي بين «حماس» و«فتح» على وقع القصف الشديد، مع أنه وصل قبل أيام من اشتعال المواجهة إلى حدّ إغلاق البنوك في القطاع واستهدافها بالرصاص. ورغم أن الحرب وحّدت «شكلياً» مواقف السلطة والحركة، فإنه خلال 51 يوماً من المواجهة ودماء 2200 شهيد و11 ألف جريح (انتهت في 26 آب)، بدأت تتسرب بوادر الشقاق في المواقف، وهو ما تجلى مباشرة بعد الحرب، إذ دخل الفلسطينيون دوامة إعادة إعمار غزة والصراع على المعابر، ما سمح بزيادة اشتراطات المانحين (مؤتمر القاهرة في 10 تشرين الأول) وممارسة لعبة الابتزاز.

مصارعة المحاور

في الحرب، عقدت عدة هدن مجموعها نحو 10 أيام، وخلالها كان طرفا الخلاف الفلسطيني (فتح وحماس) يعوّلان على حلفاء المنطقة لفرض الاشتراطات الخاصة بوقف القتال. ففي الوقت الذي كانت تتمسك فيه «حماس» بالحلف التركي ـ القطري، كانت العلاقة مع نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (الراعي للتهدئة) إضافة إلى الدور السعودي والأميركي أكثر ما يشد أزر «فتح» ويدعم موقف عباس الذي كان يتطلع إلى وقف غير مشروط لإطلاق النار.
مع اشتداد المفاوضات، عاد اختلاف الرؤى ليفتت جدار الوفد الفلسطيني المشترك الذي خرج إلى القاهرة في الأول من آب، ما أدى إلى إضعاف الموقف الفلسطيني في مقابل «تعنت» الطرف الإسرائيلي. ظهرت آثار ذلك في المحضر الذي نشرته «الأخبار» للقاء جمع «أبو مازن» ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خالد مشعل في الدوحة، خلال الثاني والعشرين من الشهر نفسه. لكن الحرب انتهت وفق المبادرة المصرية من دون الحصول على ضمانات لإزالة الحصار وفتح معبر رفح (مغلق حتى الآن)، أو إقامة ميناء ومطار، بل ظلت ملفات كبرى كالانتخابات وإعادة إحياء منظمة التحرير وإجراء المصالحة المجتمعية ملقاة على الرف.
منذ تلك اللحظة، بدأت حكومة «الوفاق» تشدد مواقفها تجاه غزة التي خلقت فيها أزمات صحية وبيئية كبيرة، من بعد الحرب، تحت عنوان أن هناك «حكومة ظل» تسيطر كلياً على غزة. وما كاد يتنفس الغزيون قليلاً عبر معبر رفح بآلية عمل جزئية، حتى جاء «الخبر الطامة» بمقتل عشرات الجنود المصريين في سيناء وإلصاق التهمة مجدداً بغزة، فأعيدت قضية المعبر إلى النقطة الصفر، ومهّد لإقامة منطقة عازلة كبيرة مع سيناء.
ورغم تهديد «حماس» بفرط المصالحة، في ظل ظهور تحالفها إلى العلن مع القيادي المفصول من «فتح» محمد دحلان، وإشهارها العودة إلى طهران، فإن الإقدام على فرط عقد الحكومة والعودة إلى الانقسام، يظلان صعبين على الحركة التي تفتقد الموارد، فضلاً عمّا قد تواجهه شعبياً، وحتى إقليمياً ودولياً، في حال إعلان غزة «منطقة متمردة».
في المقابل، فإن تعرقل مفاوضات الأشهر التسعة التي قادها الراعي الأميركي في بداية العام بين السلطة وإسرائيل (التي رفضت الإفراج عن رابع دفعة من الأسرى القدامى)، كان هو الدافع نحو المصالحة مع «حماس». ومنذ ذلك الحين، ترفع السلطة شعار «الدولة وإنهاء الاحتلال» عبر بوابة مجلس الأمن، فيما ينتهي العام من دون أن تثمر خطواتها عن جهود، مع تواصل الإعلان عن مئات الوحدات الاستيطانية.
في ما سبق، ظل البارز على المشهد الحمساوي عودة الحركة إلى حضن طهران، ولا يمكن قراءة هذه الخطوة بعيداً عن المصالحة المصرية ـ القطرية التي ظلت «حماس» تنفي تأثيرها في علاقتها بالدوحة. وإذ يرحل 2014 تُقبل المقاومة والسلطة على أزمة سياسية معقدة ضمن تغيرات إقليمية متسارعة، وكل طرف يقول إن لديه من الأوراق ما يكفيه لمواجهة العام الجديد. كذلك يبقى احتمال اندلاع مواجهة جديدة في غزة قائماً مع الاختراقات الفعلية والمتكررة للهدنة غير المثبتة، واستمرار الحصار للعام التاسع، لكن أكثر ما يأمله الفلسطينيون أن تكون 2015 سنة سعيدة على الأسرى بصفقة تحرير مقبلة، بجانب حل الأزمة الاقتصادية، ومنها الرواتب، التي دفعت بالعشرات بعد الحرب إلى الهجرة وملاقاة مصير الموت في البحر المتوسط.




القدس أولاً وأخيراً

بعدما أخذت غزة حيّز المشهد في تموز وآب الماضيين، عادت القدس المحتلة إلى الواجهة، وخصوصاً في شهري تشرين الأول والثاني مع سلسلة من العمليات الفردية التي تنوعت بين الطعن والدهس وإطلاق النار. العمليات غير المنظمة خطفت الأضواء عن الانقسام بحد ذاته وأثارت ارتياحاً شعبياً، ولا سيما في غزة، لكنها حظيت بتأييد «حماس» التي أعلنت بوضوح أنها تتطلع إلى أن تكون العمليات شرارة تشعل الانتفاضة الثالثة انطلاقاً من الضفة، لكن السلطة كانت بالمرصاد عبر التنسيق الأمني.
خيار التنسيق الأمني نفسه كان على المحك «شكلياً»، حينما قتل الوزير في السلطة، زياد أبو عين، على مرأى الكاميرات، وهو ما أحرج رام الله. رغم ذلك لم يتخذ محمود عباس أي قرار بشأن التنسيق الذي ظل «مقدساً»، وسارع إلى إلهاء الضفة والفصائل بمشروع الدولة. حتى «حماس» حاولت أن تتنفس الصعداء مع السلطة في ظل سلسلة اعترافات رمزية في البرلمانات الأوروبية واستئناف قانوني بشأن وجود الأولى على قائمة الإرهاب، وقد عبّرت عن رغبتها، صراحة وضمناً، في التفاوض مع الأميركيين والأوروبيين، وحتى الاحتلال لو اقتضى الأمر.




... وسنةُ المقاومة بامتياز




لم يكن 2014 عاماً عاديا في إطار الأداء الأمني والعسكري للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، فدائرة النيران انطلقت من غزة وبلغت شمال فلسطين المحتلة. حتى مستوى المقاومة في الضفة والقدس المحتلتين كان أفضل من السنة التي قبلها، إذ برزت العمليات الفردية وأخرى غيرها منظمة.
وبمقارنة حرب 2014 بسابقتيها في (2008، 2009) و(2012)، فلا جدال أنها الحرب الأكثر إنجازا وألما في آن واحد. ولمعرفة البداية، فإن اتفاق الهدنة في 2012 لم يمنع الاحتلال من خرقها على مدار عامين، إذ إنه في الثامن من كانون الثاني الماضي استهدفت قوات الاحتلال مواطنين شمال قطاع غزة بطائرة استطلاع، ما دعا كتائب المقاومة الوطنية، الجناح العسكري للجبهة الديموقراطية، إلى الدعوة لتشكيل غرفة عمليات مشتركة والرد على التصعيد الإسرائيلي، لكن سياسة «ضبط النفس» كانت كابحا للمواجهة، إذ نشرت حكومة «حماس» السابقة عناصر «الضبط الميداني» على الشريط الحدودي الشرقي والشمالي لمنع إطلاق الصواريخ على الأراضي المحتلة عام 1948.
سرعان ما تجدد التصعيد إثر إعلان إسرائيل سيطرتها على سفينة إيرانية في الخامس من آذار داخل البحر الأحمر، وقالت إنه كان على متنها أسلحة وصواريخ متجهة إلى القطاع. ترافق مع ذلك توجيه ضربات جوية خاطفة في الشهر نفسه إلى غزة، وإطلاق النار في اشتباكات في الضفة المحتلة، حصدت كلها أرواح عشرة شهداء فلسطينيين. ردا على ذلك، أعلنت سرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي» عملية سمتها «كسر الصمت»، وأطلقت فيها 90 صاروخا دفعة واحدة على المستوطنات المحاذية للقطاع مع «تعمد عدم إيقاع خسائر في الصفوف الإسرائيلية»، فيما رد الاحتلال بقصف لبعض المواقع الخالية.
كان المتوقع
ألا تطول الحرب الأخيرة لكنها كانت الأصعب بين سابقتيها

ظلت المواجهة قائمة في غزة على نحو فاتر، فيما تنامى الغليان الشعبي في الضفة على وقع الاعتقالات المستمرة والاعتداءات اليومية في مختلف المحافظات مقابل اشتباكات شبه يومية على الحواجز الإسرائيلية مع ثلاث محاولات لطعن جنود الاحتلال في آذار نفسه وإصابة 12 مستوطنا.
وتسبب أسر ثلاثة مستوطنين وقتلهم في مدينة الخليل، مع المدة الزمنية بين اختفائهم والعثور على جثثهم، في قلب جغرافيا الضفة وواقعها. ورغم مواراة «حماس» مسؤوليتها عن العملية، فإن الاحتلال أعلن اسمين لأسرى محررين تمكن من اغتيالهما بعد نحو شهرين. قبل ذلك، توجت حالة الاحتقان إثر الحادثة بإعلان إسرائيل بدء عملية عسكرية «كبيرة» ضد غزة في الثامن من تموز بعد ثلاث عمليات اغتيال ورد فلسطيني محدود.
كان المتوقع أولا ألا تطول الحرب، لذا بدأت التحركات السياسية العربية والدولية لاحتواء الموقف، وقدمت القاهرة مبادرة في الرابع عشر من الشهر نفسه مقترحا لوقف العدوان وافق عليها الاحتلال، لكن المقاومة رفضتها، على اعتبار أنها لا تلبي الحد الأدنى من الشروط.
إثر ما سبق، بدأت المقاومة تقديم مفاجآتها، وسجلت الحرب أداء نوعيا لها ولاسيما حركتا «حماس» و«الجهاد الاسلامي» بصفتهما رأس الحربة، فجرى الكشف عن صواريخ أصابت العمق الإسرائيلي، منها (R160) الذي بلغ مشارف حيفا، و(فجر 5 وفجر 3 وجعبري 80 ومقادمة 75 وبراق 100 و90 و70)، والأنواع الأخيرة غطت مدن هرتسليا وتل أبيب، إضافة إلى القدس المحتلة وديمونا في النقب. وشاركت باقي الفصائل في وضع أكثر من سبع مدن ومستوطنات داخل الأراضي المحتلة (بئر السبع، واوفكيم، وعسقلان، وسديروت، ونتيفوت، وكريات جات، وغوش دان) في دائرة النار المستمرة، كما أدخلت أكثر من أربعة ملايين إسرائيلي إلى الملاجئ.
وكان لعمليات كتائب القسام البرية والبحرية «خلف خطوط العدو»، بجانب تحليق طائرة استطلاع بلا طيار، بالغ الأثر في رفع الروح المعنوية فلسطينيا. أيضا للتصدي القوي للمقاومة للاجتياح البري، الذي بدأ في السابع عشر من تموز، والإعلان عن أسر جندي واختفاء آخرين، الوقع نفسه. ومع أن الاحتلال استطاع في الحرب الأولى (2008) تقطيع أوصال القطاع واجتياح مناطق فيه، فيما أحجم عن الدخول البري في 2012، فإنه لم يقدر خلال المواجهة الأخيرة على تحقيق إنجاز في البر أو الساحل، ما دفع به إلى حملة جنونية في قصف عشرات آلاف البيوت وصولا إلى استهداف الأبراج السكنية.
المفارقة، أنه كلما تصاعدت حدة المواجهة في غزة، كانت المقاومة الشعبية في الضفة تتراجع على ضوء القبضة الأمنية لكل من إسرائيل والسلطة، منعت لاتساع دائرة النيران، وهو الأمر نفسه الذي جرى في الأراضي المحتلة عام 48.
وأعلنت إسرائيل أن الحراك الدولي اتجاه تطويق العدوان يجب أن يثمر نزع سلاح المقاومة مقابل وقف النار وإعمار غزة، لكن الفصائل الفلسطينية بمختلف أذرعها العسكرية رفضت ذلك، ووصفت السلاح بـ«الخط أحمر»، حتى جاء السادس والعشرون من آب ليعلن التوقيع على اتفاق «غير نهائي» لوقف الحرب في القاهرة. وكي لا يساء فهم موقف المقاومة وقبولها وقف النار، دون الموافقة على شروطها التي أصرت عليها بعد سلسلة اغتيالات طاولت قيادات في القسام والسرايا، فإنها ربطت استمرار التهدئة بمدى الاستجابة لمطالبها.
لم تمض الأيام حتى بدأ الحراك الشعبي في الضفة مجددا، فيما فجرت مدينة القدس سابقة بسلسلة عمليات فردية مع توتر غير مسبوق وصل حد إغلاق المسجد الأقصى ومنع المقدسيين الصلاة فيه.
في الميدان الغزي، ومنذ اليوم الأول لانتهاء العدوان باشرت قوى المقاومة ترميم قوتها من جديد، وشهد شهرا تشرين الأول والثاني إجراء تجارب صاروخية قالت مصادر عسكرية إنها ترمي إلى وصول صواريخها إلى أبعاد أطول من تلك التي جرى إتمامها خلال الحرب الأخيرة.
واستغلت كتائب القسام ذكرى انطلاقة «حماس» في الرابع عشر من كانون الأول لتقدم عرضا عسكريا تضمن أسلحة متنوعة، مع إعلانها صراحة طبيعة الدور الإيراني في هذا التسليح. إلى جانب ذلك تبدو القوى الأخرى، وخاصة سرايا القدس، أكثر حماسة وصرامة في التعامل مع الخروق الإسرائيلية للتهدئة.
تأسيسا على ما ذكر، فإن عام 2014 أبرز حجم التطور النوعي في أداء المقاومة الفلسطينية والتكتيكات المستخدمة في مواجهة إسرائيل، إلى جانب دخول القدس المحتلة على خط المواجهة. وقد يعيد العام المقبل سيناريو مشابها لما مضى، ولكن أي انفجار مقبل قد يبدأ بعدوان، ولا ينتهي بانتفاضة ثالثة جديدة.
بيان...