سيناء | بعد هدوء غير معلن ناهز الأسبوعين بين القوات المصرية والجماعات المسلحة في سيناء، عادت العمليات لتحصد أرواح الجنود المصريين، مع أن الجيش يعلن مراراً وتكراراً قتله واعتقاله العشرات. ولا يمكن التحقق من ذلك بسبب الحظر المفروض على وسائل الإعلام، لكن مصادر ميدانية تقلل من صدقية هذه الأرقام، علماً بأن الاستهداف الأخير للجيش قتل فيه ضابط وجندي حينما فجرت عبوة ناسفة، قبل أيام، في سيارة تابعة للجيش شمال سيناء.
وقطعت حالة الطوارئ التي أعلنتها الحكومة المصرية، مبايعة جماعة أنصار «بيت المقدس» العاملة في سيناء، لتنظيم «الدولة الإسلامية ـ داعش»، لتمثل نقطة تحول مهمة في طريقة عمل الجماعة التي تُعَدّ أكبر «جماعة جهادية» في مصر. نتيجة المبايعة التي أعلنت عبر الحساب الرسمي في «تويتر»، أضيفت عبارة «ولاية سيناء» إلى اسم الجماعة، وهو ما يطرح تساؤلات عن طبيعة تحركها في المرحلة المقبلة. ويمكن من هنا فهم سبب «الكمون» خلال الأيام الماضية.
تتسابق التنظيمات
غير الموالية
لـ«داعش» لإثبات نفسها بتنفيذ العمليات

يقول مراقبون إن إعلان مبايعة «أنصار بيت المقدس» لـ«داعش» كان متأخراً، لكنه حسم أي تقدير بأنها جماعة تتبع لتنظيم «القاعدة». في المقابل، لا ترى وزارة الداخلية خطورة وراء هذه المبايعة، إذ يقول المتحدث باسم الوزارة، اللواء هاني عبد اللطيف، إن مصر «تواجه جريمة الإرهاب وفق القانون، دون النظر إلى اللافتة التي يعمل تحتها أي تنظيم».
وتكشف مصادر جهادية لـ«الأخبار» أن مبايعة «أنصار بيت المقدس» لـ«الدولة الإسلامية» جرى منذ مدة طويلة، وقد أوصل قادة التنظيم البيعة إلى «الأمير أبو بكر البغدادي» بصورة سرية، وهو ما تعرفه الأوساط الجهادية داخل مصر وخارجها، ولكن إعلان ذلك جرى تأخيره. ورفضت تلك المصادر الحديث عن أسباب تأخر الإعلان، مكتفية بالإشارة إلى أن علاقته تكون بالحفاظ على بنية التنظيم.
تضيف المصادر نفسها: «الارتباط بين الجماعات الجهادية وتنظيم الدولة أقوى من الارتباط بالقاعدة، لأن الارتباط بالدولة يكون مركزياً، أي إن تحركات ولاية سيناء قريباً ستكون نابعة من إدارة التنظيم ومجلس الشورى العام في العراق». وتزيد: «لو أراد أميرنا البغدادي تصعيد العمليات في مصر أو تقليلها، فنحن رهن إشارته»، في حين أن «القاعدة تترك الحرية لكل التنظيمات التي تعمل تحت إمرتها بتقرير العمليات التي تراها مناسبة في ضوء الوضع المتاح في كل دولة، أما قراراتنا كلها، فنرجع فيها إلى البغدادي».
وظهر منذ المبايعة أن «ولاية سيناء» طورت تكتيكاتها العسكرية، وبدا التطوير جلياً في عرض مصور لآخر عملياتها خلال الشهر الماضي شمل نحو 16 عملية جميعها داخل سيناء. والمثير أن غالبية العمليات التي كشفتها «أنصار بيت المقدس» لم تتحدث عنه الجهات والأجهزة الأمنية المصرية. ويرجع عضو سابق في «أنصار بيت المقدس» سبب تطوير أسلوب العمليات إلى الحاجة إلى «إثبات الثقة والحضور بصورة كبيرة»، ملمّحاً في الوقت نفسه إلى إمكانية نقل بعض العمليات خارج شبه الجزيرة، وفق معلومات جديدة لديه.
ومنذ عزل الرئيس، محمد مرسي، في30 حزيران الماضي زادت وتيرة العمليات ضد قوات الجيش والشرطة التي دفعت بثلاثة ألوية إلى مناطق شرق العريش ومدن الحدود (الشيخ زويد ورفح) تحت مظلة جوية من قرابة 12 طائرة أباتشي لبدء «حرب شرسة على الإرهاب في سيناء». لكن رغم مرور قرابة عام ونصف عام من إطلاق هذه الحرب، فإن «أنصار بيت المقدس ـ ولاية سيناء» تواصل عملياتها في ساعات النهار وأيضاً خلال حظر التجوال، كما تتمدد من مناطق شرق العريش إلى غربها، فيما تتزايد الهجمات على الأفراد وأخيراً المدرعات وحافلات النقل. والأخطر، وفق وجهة نظر الأمنيين، وصول العمليات إلى قلب مدينة العريش، عاصمة شمال سيناء.
على الجهة الرسمية، يعترف مصدر أمني في شمال سيناء، رفض ذكر اسمه، بوجود خلل أمني كبير لدى أجهزة الأمن في مواجهة «الإرهاب»، مؤكداً أن الحل الأمني لا يكفي، إذ لا بد من النظر إلى «الأمن الاقتصادي والاجتماعي الذي يمنع توافر بيئة داعشية». وكشف المصدر، في حديث مع «الأخبار»، أن أداء الأجهزة الأمنية، على اختلافها، لا يجدي نفعاً مع المجموعات المسلحة في سيناء، لذلك «من المهم تعديل الاستراتيجيات قريباً». ويتابع: «لا نستهين بمبايعة ما تسمى أنصار بيت المقدس لتنظيم الدولة، فهذا أمر له وجاهته بين التنظيمات الجهادية التي ستسعى إلى أن تصعد عملياتها لتبرز قدراتها».
بالسؤال عن الشق غير الأمني من الحل، يكتفي مساعد مدير الأمن في شمال سيناء، اللواء علي العزازي، بالقول لـ«الأخبار»، إن «ولاية سيناء دأبت على استمالة الأهالي على قاعدة التعامل الأمني العنيف الذي تفرضه المرحلة، وأيضاً وقوع خسائر بشرية مدنية في المواجهات أو خلال القصف الجوي».
في موضوع متصل، بدأت السلطات المصرية إجراءات المرحلة الثانية من إخلاء المساكن في رفح بعمق جديد مقداره 500 متر، وذلك لإكمال المنطقة العازلة على الحدود مع غزة. وفي حال إتمام هذه المرحلة، سيصير عمق المنطقة المذكورة 1000 متر، وهي على طول نحو 13 كيلومتراً.
وأكد سكان في حي الجندي المجهول في المدينة، لـ«الأخبار»، أن جنوداً من قوات حرس الحدود نفذوا حملة «طرق أبواب»، وأخبروا السكان بالاستعداد لإخلاء مساكنهم تمهيداً لهدمها وضمها إلى المنطقة العازلة. وبلغ إجمالي المساكن التي دُمِّرت في المرحلة السابقة قرابة 820 منزلاً، فيما تقول السلطات إنها صرفت نحو 235 مليون جنيه لتعويض أولئك السكان، كما تستمر أعمال لجان الحصر والتعويض.
وكان وزيرا الدفاع والداخلية، صدقي صبحي ومحمد إبراهيم، قد نفذا زيارة لمكان المرحلة الأولى من المنطقة العازلة. ووفق توصيف وزارة الدفاع، شملت الجولة تفقد عناصر القوات المسلحة والشرطة لمتابعة «تنفيذ خطط مواجهة الإرهاب وإقامة منطقة مؤمنة على الشريط الحدودي مع غزة».




الأردن يخاف من «السيناويين»

تفاجأ مواطنو شبه جزيرة سيناء، عند وصولهم إلى ميناء العقبة الأردني ومطار الملكة علياء في عمان، بمنع السلطات الأردنية دخولهم إلى المملكة «لأسباب أمنية». وطلبت منهم الحصول على تصريح خاص من وزارة الداخلية المصرية، علماً بأنه يحق لحملة الجنسية المصرية دخول الأردن من دون إذن مسبق.
ويؤكد مصدر أمني في مطار القاهرة أن أمن الجوازات بدأ منذ ثلاثة أسابيع تطبيق القرار الصادر بضرورة حصول أبناء سيناء على تصريح للسفر إلى الأردن. وأوضح المصدر أن القرار الأردني جاء بالتنسيق مع الجانب المصري «نتيجة الأوضاع الأمنية المُتردية، والإمساك بعدد من السيناويين يعبرون من الحدود الأردنية إلى سوريا للتدرب في معسكرات تابعة لداعش، ثم العودة لقتال الجيش المصري في سيناء». ومن المعلوم أن جماعة «أنصار بيت المقدس» هددت، في إصدار مرئي، بأنه لن تصل إلى الأردن «قطرة غاز واحدة حتى يأذن أمير المؤمنين أبو بكر البغدادي»، وأرفقت بذلك الشريط عمليات تفجير لخطوط الغاز بين الجمهورية والمملكة.