تواصل في ليبيا، الخميس، مسلسل العنف الدامي، حاصداً مزيداً من الأرواح، حيث قتل ما لا يقل عن 46 شخصاً بين جنود ومسلحين إسلاميين ومدنيين، خصوصاً في نواحي سرت وبنغازي، إضافة إلى غارة غربي طرابلس، بحسب ما أفادت مصادر عسكرية.
وأعلنت مصادر عسكرية متطابقة مقتل 22 جندياً في سرت والسدرة إثر هجمات لقوات «فجر ليبيا» التي تسببت باحتراق أول خزانات النفط الخام في مرفأ السدرة، أكبر المرافئ النفطية في ليبيا.
وتحاول هذه القوات التي بدأت هجماتها على ما يعرف بمنطقة «الهلال النفطي»، منذ نحو أسبوعين، السيطرة على هذه المنطقة التي تعدّ أغنى مناطق البلاد بالنفط.
وتضم منطقة «الهلال النفطي» مجموعة من المدن بين بنغازي وسرت (500 كلم شرق العاصمة وتتوسط المسافة بين بنغازي وطرابلس)، وتحوي المخزون الأكبر من النفط إضافة إلى مرافئ السدرة وراس لانوف والبريقة وهي الأهم في ليبيا.
وقال مصدر عسكري إن «18 جندياً قتلوا خلال هجمات لميليشيات فجر ليبيا على سرت وما يعرف بمنطقة الهلال النفطي شرقي البلاد، فيما أصيب خزان نفطي في مرفأ السدرة النفطي بقذيفة صاروخية تسببت باشتعال النيران به».
وأوضح أن «هجوماً مباغتاً شنّه مسلّحون تابعون لميليشيات فجر ليبيا الإسلامية، التي تضم مقاتلين في أنصار الشريعة، الخميس على حراس محطة الكهرباء البخارية غرب سرت، التابعين لكتيبة (الجالط) 136 مشاة التابعة للجيش، وقتلوا 14 جندياً».
وأضاف المصدر العسكري الذي طلب عدم ذكر اسمه أن «أربعة جنود آخرين من هذه الكتيبة قتلوا بعد اشتباكات دارت مع ميليشيات فجر ليبيا بسبب هذا الهجوم المباغت»، فيما قتلوا أحد أفراد هذه الميليشيات كرد فعل على الحادث بحسب مسؤول محلي.
وأعلن متحدث باسم الجيش الليبي لاحقاً مقتل أربعة جنود من حراس المنشآت النفطية في منطقة «الهلال النفطي»، فيما أكد مستشفى محمد المقريف في أجدابيا (160 غرب بنغازي) الحصيلة.
والكتيبة 136 مشاة (الجالط) هي إحدى الكتائب التابعة للجيش، لكنها مبنية في الاصل على أساس قبلي، كون معظم عناصرها من قبيلة (الفرجان)، وهم أبناء عمومة للواء خليفة حفتر الذي يقود منذ أيار «عملية الكرامة» العسكرية لـ«تطهير بلاده من الإرهاب»، بحسب ما قال.
في الأثناء، صدّت وحدات الجيش المرابطة في «الهلال النفطي» هجوماً عنيفاً لميليشيات «فجر ليبيا» شنّته على المنطقة من عدة محاور، من بينها البحر والصحراء.
وقال المتحدث باسم غرفة عمليات الجيش في «الهلال النفطي»، علي الحاسي، إن «قوات الجيش صدّت اليوم هجوماً على المنطقة حاولت من خلاله ميليشيات فجر ليبيا السيطرة على مرفأ السدرة النفطي».
وأوضح أن «قوات المشاة المؤلف معظمها من حرس المنشآت النفطية، صدّت الهجوم بالمدفعية الثقيلة والمتوسطة، فيما أجبر سلاح الجو من خلال غارات مكثفة القوات المهاجمة على الانسحاب غرباً باتجاه سرت، وأعطبت ثلاثة زوارق بحرية هاجمت بها المرفأ من المياه المقابلة له». وقال الحاسي إن «الزوارق البحرية أطلقت عدة صواريخ باتجاه مرفأي السدرة وراس لانوف وأصابت خزاناً للنفط جنوب ميناء السدرة بقذيفة صاروخية، وتسببت باحتراقه».
وفي أول ردّ فعل رسمي، رأت الحكومة الليبية المؤقتة أن الهجوم يشكل تطوراً سريعاً في طبيعة الصراع ويهدد الوحدة الوطنية لليبيا، وقد يجرّها إلى حرب أهلية.
وأضافت الحكومة في بيان أن «الهجوم على الموانئ النفطية يفتح الطريق أمام سيطرة المجموعات الإرهابية على الموارد النفطية، ما يوفر لها دعماً لتعزيز قدرتها كي تتمكن من شنّ المزيد من الهجمات الإرهابية، وهو أمر يهدد استقرار ليبيا ودول الساحل الأفريقي وبلدان الجوار، بما في ذلك دول الساحل الجنوبي لأوروبا».
وأكدت أنها «تضع المجتمع الدولي، وعلى رأسه بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ورئيسها برناندبنو ليون شخصياً ومجلس الأمن، أمام مسؤولياتهم في اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية على مستوى مجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية لإصدار مذكرات قبض دولية لمنع سيطرة الجماعات الإرهابية ممثلة في فجر ليبيا وكل من يموّلها ويدعمها عسكرياً ومالياً وسياسياً لردعهم عن مثل هذه الأعمال التي تهدد الأمن والسلم».
أما في بنغازي، فقد خسر الجيش والقوات الموالية للواء خليفة حفتر مواقع مهمّة في المدينة، وتحديداً في منطقة الليثي، معقل الجماعات الإسلامية المتشدّدة التي أحرقت في 24 ساعة نحو 45 بيتاً لأنصار حفتر، فيما قتلت أكثر من 20 شخصاً في أعمال إعدام انتقامية واشتباكات، بحسب مسؤولين عسكريين.
وقال مسؤول عسكري إن «مسلّحين إسلاميين سيطروا على أجزاء كبيرة من منطقة الليثي جنوبي وسط مدينة بنغازي وأقدموا على حرق نحو 45 بيتاً لموالي الجيش واللواء حفتر، فيما أعدموا نحو ستة أشخاص ذبحاً، وقتلوا نحو 14 آخرين خلال الاشتباكات في الـ24 ساعة الماضية».
وفي الوقت ذاته، أعلن وزير الداخلية في حكومة عبدالله الثني، عمر السنكي، أن «وزارته ستباشر مهامها مطلع الأسبوع من مدينة بنغازي»، لتكون أول وزارة تعمل في هذه المدينة منذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011.
(رويترز، أ ف ب)