بعينين متعبتين وغليون بنّي لا تخمد ناره، يرسم رئيس «المؤتمر السوري الوطني العام» والقائد السابق لـ«جيش صلاح الدين» المعارض محمد رحّال، معالم الفصول الأخيرة للحرب السورية من وجهة نظره. اختار ابن بلدة مرعيان في جبل الزاوية في إدلب العاصمة اللبنانية بيروت، كواحدة من ثلاث محطات إلى جانب القاهرة وإسطنبول، ليعلن أن لا حلّ للأزمة السورية إلّا الحلّ السياسي، وليشنّ هجوماً عنيفاً على تركيا وقطر، ويوجّه انتقادات «هادئة» إلى الدور السعودي.
والحلّ بالنسبة إلى رحّال لا يختلف كثيراً عن «المبادرة الروسية»، طبعاً، من دون ذكر الانتقادات اللاذعة التي يوجّهها إلى الرئيس السابق لـ«الائتلاف الوطني السوري» أحمد معاذ الخطيب، الذي يبدو «جوكر» المبادرة الروسية.
ما قاله رحّال خلال مؤتمره الصحافي الذي عقده في فندق «ريديسون» بعد ظهر أمس (وغابت عنه الحشود!)، لم يكن يقوله في بداية الأزمة، بالتحديد في ما خصّ الدعوة إلى «هدنة عامة» و«إعطاء الوقت الكافي للحكمة لبدء حوار سوري ــ سوري»، فحالما انتقل «الدكتور» من مغتربه في السويد إلى تركيا قبل الأزمة بفترة قليلة، شُغل بإنشاء «التنسيقيات» والدعوة إلى التسلّح «لحماية المتظاهرين»! وبالمناسبة، لم تكن لدى رحّال أي مشكلة بمصدر السلاح، وهو إن اختلف أخيراً بحسب ما يقول لـ«الأخبار»، مع شريكه قائد «جبهة ثوار سوريا» جمال معروف، فليس لأن الأخير «تلقّى دعماً أميركياً، لأنه عندما تريد أن تقاتل، لا تسأل من أين يأتي السلاح»، بل لأنه «تحوّل إلى تاجر مازوت، وباع الثورة ومن فيها، وعمل دكتاتوراً كأي مواطن عربي يصل إلى السلطة».
اختلفت الأمور اليوم بالنسبة إلى رحّال، فـ«الثورة التي حصلت بناءً لمطالب محقّة والظلم الواقع على الشعب السوري، سرقتها تركيا وقطر. وسوريا الآن تتدمّر، لا النظام... سوريا الدولة المواطن والأرض والممتلكات».
في كلمته باسم «المؤتمر السوري الوطني العام»، طالب رحّال بجملة نقاط، تبدأ بعدم الاعتراف بـ«الائتلاف» والحكومة المنبثقة عنه، والطلب من مجلس الأمن الدولي إرسال لجنة تقصي الحقائق حول الدورين القطري والتركي في مساندة التنظيمات الإرهابية، وأن تعيد تركيا كامل المسروقات من المعامل والمصانع في الشمال السوري، ودعوة الجماعات غير السورية لمغادرة البلاد. وتنتهي مطالب «المؤتمر» بـ«اعتبار جماعة الإخوان المسلمين وتوابعها منظمات إرهابية».
شُغل رحال بإنشاء التنسيقيات والدعوة إلى التسلّح «لحماية المتظاهرين»!


ماذا عن السعودية؟ لا يبدو الرجل متحمّساً للهجوم على الدور السعودي: «تركيا وقطر كانتا تحرّضان التنظيمات الإسلامية الإرهابية على تدمير مقدرات الشعب السوري، لا جيش النظام فقط، بينما السعودية لم تكن تطلب ذلك»، يبرّر. هذا في الشكل، أمّا في السياسة، فيجزم رحّال بأن «الموقف السعودي سيتغيّر قريباً، وهناك توافق عربي أوروبي أميركي روسي على الحلّ وإنهاء الحرب، والسعودية في هذا التوجّه».
حتى دور روسيا بالنسبة إلى رحّال اختلف خلال العام الحالي. بنظر رئيس «المجلس الثوري للتنسيقيات» في بداية الأزمة، «روسيا غيّرت موقفها، وهي تبحث عن حل سوري بأي ثمن». يقول رحّال إن «روسيا كانت تقول للمعارضين اذهبوا إلى النظام إن أردتم حلّاً، أما الآن فهي تحاول التواصل معهم بسبب الضغوط التي تتعرّض لها، وتحاول إعداد جهة سياسية لتحاور النظام». ويضيف أن «ما يختلف عنه المؤتمر السوري الوطني العام مع المبادرة الروسية هو حول دور معاذ الخطيب». إذ يطرح رحّال «تأليف حكومة وحدة وطنية جديدة برئاسة أحد المعارضين البارزين، ممن لديهم حيثية بين الجيش الحرّ وبعض الفصائل الأخرى غير الإسلامية، وحصول هذه الحكومة على جزء من صلاحيات رئاسة الجمهورية، ليجري العمل سريعاً على دمج الجيش في مصالحة وطنية ومحاربة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش وجبهة النصرة، وبعدها يجري الحديث عن عملية تغيير تدريجي في النظام». وما هو مؤكّد بالنسبة إلى رحّال هو أن «الخطيب لا يمكن أن يكون رئيس هذه الحكومة، لأنه لا يملك حيثية لدى مقاتلي الجيش الحرّ، وهو نصف إخواني أيضاً».
ما هو الموقف من إيران؟ «بالنسبة إلينا، إيران موقفها مثل النظام تماماً، وهي منذ البداية تدعم القتل وأرسلت ميليشيا حزب الله إلى سوريا، ولا داعي للحوار معها، إذا حاورنا النظام نحاور إيران»، يقول رحّال، لكن خريّج جامعة استوكهولم في «الدراسات الاستراتيجية»، يفضّل الدور المصري على أي دور آخر. وينقل عن المصريين اهتمامهم بأداء دور توافقي في سوريا، «والدور المصري يتصاعد».
لا ينسى رحّال ترتيب لحيته البيضاء الكثّة بين الحين والآخر، وإعادة تعبئة غليونه بالتبغ، ليختم: «لازم السوريين يتعلموا من اللبنانيين، قعدوا كم سنة بالحرب؟ وبالآخر عملوا اتفاق».