تونس | صرّح الرئيس التونسي المؤقت، المنصف المرزوقي، أمس، أنّ يوم الثلاثاء المقبل سيكون موعداً لتسليم مقاليد السلطة إلى الرئيس المنتخب، الباجي قائد السبسي. وعبّر المرزوقي في التصريح ذاته عن رفضه لأعمال العنف التي تشهدها بعض مناطق الجمهورية، منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات. وقال: «أنا ابن مانديلا وغاندي ولا يمكن أن أقبل بالعنف، لن أقبل بالعنف للتعبير عن المشاعر السياسية، والأهم هما الوحدة الوطنية والاستقرار السياسي، ونقل السلطة بأسرع وقت». وجاء هذا التصريح بعد ساعات من خطابه الذي أعلن فيه، أمام الآلاف من أنصاره، نيته تأسيس حركة جديدة تحت اسم «حركة شعب المواطنين». ودعا المرزوقي أنصاره إلى اليقظة والاحتجاجات السلمية، لرفض عودة الاستبداد، قاصداً بذلك الباجي قائد السبسي، «الذي يمثل امتداداً للنظام السابق» حسب قوله.

تصريح المرزوقي وسط أنصاره لاقى استهجاناً وتنديداً من معظم القوى السياسية والنقابية، التي رأت فيه محاولة للانقلاب على نتائج الانتخابات.
وقد تزامن تراجع المرزوقي عن لهجة التهديد والوعيد، وإعلانه تسليم السلطة، وعدم الطعن لدى القضاء الإداري في نتائج الانتخابات، مع احتجاجات شعبية في بعض المدن التي فاز فيها بغالبية الأصوات، مثل مدينة الحامة في محافظة قابس، ومدن دوز وسوق الأحد في محافظة قبلي، التي ينحدر منها. وتشهد مدينة دوز، مسقط رأس والده، منذ يوم الأحد الماضي، احتجاجات ليلية لأنصاره.
كذلك جرى يوم أمس إحراق مركز أمني ومقر حزب حركة «نداء تونس» ومقر المعتمدية (جهاز الحكم المحلي) في مدينة سوق الأحد. وكذلك أحرق مقر «نداء تونس» في مدينة تطاوين، على الحدود الليبيّة. وامتدت الاحتجاجات إلى ضاحية الكرم في العاصمة التي ارتبط اسمها بـ«روابط حماية الثورة» الذين يطلقون على أنفسهم «رجال الثورة».
تراجع المرزوقي، وتسليمه بالهزيمة، وإعلانه الخروج من قصر قرطاج، الثلاثاء المقبل، جاءت أيضاً بعد بيان لوزارة الداخلية حذرت فيه من خطورة الوضع على الحدود الليبية التونسية. وأعلنت الوزارة عن وجود مجموعات إرهابية تسعى إلى استغلال الفوضى بهدف تهريب السلاح إلى تونس، وهي مجموعات تابعة لميليشيات «فجر ليبيا» التي تسيطر على العاصمة الليبية، طرابلس، وترفض شرعية البرلمان الليبي.
ورغم إعلان المرزوقي استعداده لتسليم السلطة، يعتقد الكثيرون أنّ بإمكانه التراجع عن ذلك في أي لحظة، خصوصاً أنه سبق له الاعتراف بنتائج الانتخابات مساء الاثنين الماضي، لكنه سرعان ما تراجع، وتمسّك بالطعن لدى القضاء العدلي، وليس الإداري، ما يعني أنّ ملف الانتخابات سيبقى مفتوحاً، حتى بعد تسليم السلطة، ما يؤكد عدم اعترافه بالنتائج وتشكيكه فيها.
من جهة أخرى، عقد الرئيس المنتخب، الباجي قائد السبسي، مؤتمراً صحافياً صباح أمس، أعلن فيه أنه سيستقيل من رئاسة حركة «نداء تونس» غداً الجمعة، ليكون بذلك رئيساً لكلّ التونسيين، كما ينصّ الدستور التونسي. ودعا السبسي التونسيين إلى التضامن والوحدة الوطنية ضدّ كلّ دعوات التقسيم، مجدّداً عزمه على مواجهة الاٍرهاب. وأكّد أيضاً أن حزبه لن يحكم وحده، بل سيعمل على تشكيل حكومة تساندها أحزاب مختلفة، بما فيها أحزاب غير ممثّلة في البرلمان.
ومن المتوقع أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، غداً الجمعة ٢٦ كانون الأول، النتائج النهائية، بعدما تراجع المرزوقي عن تقديم طعون لدى المحكمة الإدارية، المؤهلة دستورياً للنظر في قضايا الطعون في النتائج.