في وقتٍ تغرق فيه المحافظات اليمنية في نزاعٍ مسلّح ذي وجه مذهبي، ينطوي فعلياً على صراع سياسي غير بعيد عن جوهر الحروب المشتعلة في المشرق العربي، تحتدم المواجهة السياسية بين جماعة «أنصار الله» (الحوثيون) والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي؛ فقد ارتفعت نبرة الجماعة بصورةٍ ملحوظة في الفترة الأخيرة ضد الرئيس، بدءاً من خطاب زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي الذي أشار خلاله إلى «عمالة هادي وارتهانه إلى قوى خارجية»، الأسبوع الماضي، وصولاً إلى اتهامه من قبل قيادي في الجماعة، يوم أمس، بالعمل مع ابنه «حتى لا تقطع عنهما النفقات من بعض الدول».
وترى الجماعة التي تقاتل تنظيم «القاعدة» المدعوم بمسلحي القبائل وسط البلاد، أن هادي يقف في هذه المعارك إلى جانب التنظيم المتطرّف، ما تجلّى أمس في حديث مدير مكتب زعيم «أنصار الله»، مهدي المشاط، عن أن المواقع الإلكترونية التي يملكها ابن الرئيس، جلال هادي، تتبنّى دعاية تنظيم «القاعدة» في وجه الجماعة، وتروّج لنشاط التكفيريين، قائلاً إنه «مجرد ذيل تحركه استخبارات خارجية».
في هذا الوقت، كشفت مصادر أمنية عن إحباط محاولة اغتيال الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، عبر تفجير سيارة مفخخة جرى ركنها قرب منزله في حي حدّة في صنعاء، ما قد يعتبر رداً على دعم صالح للحوثيين، خصوصاً بعد تهديد القبائل في محافظة مأرب بـ «الردّ المناسب»، في حال دخول الحوثيين إلى المحافظة.
واتهم مدير مكتب زعيم جماعة «أنصار الله» (الحوثيون)، مهدي المشاط، أمس، الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وابنه جلال بأنهما «يعملان في سرب واحد حتى لا تقطع عنهما النفقات من بعض الدول»، من دون تسميتها. ووصف المشاط عبر موقع «فايسبوك» هادي وابنه بالقول «تخيّل رئيس لديه معتمد نفقات من بعض الدول... هذا يعني أنه مجرد عامل».
وتابع مهاجماً ابن الرئيس هادي «أتمنى أن أرى في يوم من الأيام الجهود والأموال المهدورة، سواء في إعلام أو في غيره من قبل المعتوه جلال هادي، تُسخَّر لصالح بناء هذا البلد وليست معوَل هدم في ما تبقى من جسد هذا الكيان المهترئ والهزيل». ومضى بالقول «ما يقوم به شيء يجعلني أتساءل هل هذا الكائن يعرف أنه يمني، وهل يعي أنه نجل رئيس دولة؟». وتساءل المشاط «هل هو مقتنع بأن ما يقوم به دور وطني يمليه عليه ضميره، أم مقتنع بأنه مجرد ذيل تحركه استخبارات خارجية؟ وهل يقبل بهذا وهو ابن رئيس دولة؟». واختتم بالتساؤل عمّا إذا كان الرئيس «يعرف ما يقوم به ابنه، وهل يعرف أن مواقعه (مواقع إخبارية إلكترونية) قد تحولت وكأنها مواقع إخبارية لما يسمى القاعدة؟». هجوم المشاط يأتي بعد أقلّ من أسبوع على الهجوم غير المسبوق الذي شنّه عبد الملك الحوثي على هادي، حين اتهمه بعرقلة تنفيذ اتفاق «السلم والشراكة».
في هذا الوقت، أعلن القيادي في جماعة «أنصار الله»، علي العماد، اعتزامهم تسليم مقر المنطقة العسكرية السادسة (الفرقة الأولى مدرع سابقاً)، في العاصمة صنعاء، إلى سلطات المدينة. ولم يفصح عضو المجلس السياسي في الجماعة عن موعد التسليم أو أسباب قرارهم الذي رفضوه من قبل. وكانت «اللجنة الثورية» التابعة للحوثيين دعت الحكومة إلى تشكيل لجنة لتسلّم مقر الفرقة الأولى مدرع سابقاً (وكان قائدها اللواء الفار علي محسن الأحمر)، وتحويلها إلى حديقة تحمل اسم «حديقة 21 سبتمبر»، وهو ما أعلنه أيضاً الحوثي، في الخطاب الذي تلى سيطرتهم على صنعاء في آخر أيلول الماضي.
مصادر أمنية: إحباط محاولة اغتيال الرئيس السابق علي عبدالله صالح

من جهة أخرى، وفي تصعيدٍ جديد من تنظيم «القاعدة» في اليمن، أعلن التنظيم أن شركة «توتال» الفرنسية، التي تعمل في مجال استخراج الغاز في اليمن، أصبحت «هدفاً مشروعاً» لعملياته. وحذر التنظيم، في بيانٍ نشره عبر موقع «تويتر»، «المسلمين العاملين في هذه الشركة من الوجود فيها»، داعياً هؤلاء إلى الابتعاد عنها «حفاظاً على أرواحهم».
وأشار التنظيم إلى أن العملية التي نفذها مقاتلوه قبل يومين على منشأة «بلحاف» التي تشغلها «توتال» بصاروخين كاتيوشا، أتت «نصرةً لإخوانهم المسلمين، وانتقاماً للمجاهدين التي تُسفك دماؤهم من قبل الطائرات المسيرة التي تنطلق من هذه المنشأة»، وأيضاً «لإيقاف نزيف الثروات التي تنهبها هذه الشركة». تجدر الإشارة إلى أن «توتال» الفرنسية أحد الشركاء الرئيسيين في منشأة «بلحاف» لتصدير الغاز الطبيعي المسال في اليمن، إلى جوار الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال.
ميدانياً، تتواصل اشتباكات الحوثيين والمسلحين القبليين في محافظات عدة، وقُتل 4 مسلحين حوثيين، أمس، في مديرية أرحب التي سيطرت عليها «أنصار الله» قبل نحو أسبوع، وكان قد سقط قتلى وجرحى في تفجير سيارة مفخخة استهدف، أول من أمس، تجمع للحوثيين في مقر مؤسسة حكومية، في منطقة رداع في محافظة البيضاء، وذلك بعد أقلّ من أسبوع على تفجير ضخم هزّ المنطقة وقتل عشرات الأطفال.
إلى ذلك، اغتال مسلحون، أمس، مدير قسم التحرّيات في البحث الجنائي التابع لوزارة الداخلية، العقيد علي الحكمي، في محافظة إب وسط اليمن. وقالت مصادر أمنية إن المسلحين المجهولين تمكنوا من الفرار، من دون أن تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الاغتيال.

(الأخبار، الأناضول، رويترز)