تونس | في مناخ من الأمن والسلم، سارت العملية الانتخابية في تونس يوم أمس، واختار التونسيون رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة في كنف هدوء نسبي، لم تعكر صفوه مساعي بعض الأطراف لتوتير الأجواء عبر القيام بعمليات أمنية.وبرغم عبور اليوم الانتخابي بأمان، فإن أبرز ما شابه كان عزوف الشباب التونسي عن المشاركة فيه، وكأن الاستحقاق الرئاسي لا يعنيهم. جل مكاتب الاقتراع سجلت توافداً هاماً للكهول والمسنين، فيما كانت نسبة إقبال الشباب أقل بكثير.
ولم يثن التونسيون تواتر الأنباء عن هجمات مسلحة متفرقة في شمال البلاد ووسطها، عن التوجه نحو مراكز الاقتراع والإدلاء بأصواتهم. وما إن أقفلت مراكز الاقتراع، مساء أمس، حتى عم الصخب الشوارع والمدن، حيث احتفل أنصار كل مرشح على طريقتهم، دون انتظار النتائج الرسمية التي تقدمها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
ولم يكن للهجومين الأمنيين اللذين وقعا تداعيات كبيرة. فبرغم الهجوم الذي وقع في منطقة حفوز في محافظة القيروان قبل ساعات على انطلاق العملية الانتخابية، فقد أظهر سكان تلك المنطقة عزماً حقيقياً على ممارسة واجبهم الانتخابي. وكانت محافظة سليانة قد شهدت عملاً أمنياً مماثلاً، حيث حاول مجهولون استهداف دورية أمنية للشرطة في منطقة الكريب، كانت تراقب المكان في إطار تأمين العملية الانتخابية.

ولم تكن لهاتين العمليتين أهداف محددة، بل اقتصرت على التصويب بشكل عشوائي، يوحي بأن المقصد منهما كان توتير الأجواء ليس أكثر. ومن اللافت للانتباه أن الأسلحة المستعملة كانت بسيطة (بنادق الصيد) بحسب البيانات الرسمية، وهو أسلوب لا يشبه أساليب الجماعات الإرهابية التي تستعمل أسلحة أكثر تطوراً.
وكانت السلطات التونسية قد أعلنت اتخاذ إجراءات أمنية مشددة لتأمين اليوم الانتخابي، إذ أغلقت المعابر الحدودية، وخاصة تلك التي تربطها بليبيا، كما راقبت كل الطرق الرابطة بين المحافظات، وخاصة الحدودية التي شهدت أحداثاً إرهابية. كذلك نشرت الحكومة التونسية ما يقارب ثمانين ألف أمني لتأمين الانتخابات.
وفي تعليق على الهجومين في محافظتي سليانة والقيروان، قال رئيس الحكومة، مهدي جمعة، إنها «محاولات يائسة لأنهم (المسلحين) واعون أن اليوم هو آخر شوط لاستهداف المسار (الانتقالي)» في تونس.
عموماً، مرت العملية الانتخابية في تونس بسلام، وتعتبر ناجحة تنظيمياً، إذ لم تسجل إخلالات تنظيمية خطرة وفق شهادات عدد من المراقبين الدوليين. وإذا كانت فئة واسعة من التونسيين قد اعتبرت أن المعركة محسومة سلفاً لفائدة الباجي قائد السبسي، إلا أن ذلك لم يمنع من مواصلة مراقبة السباق الانتخابي بكل دقة، برغم كل الأسئلة، القلقة، المطروحة حول الأيام المقبلة.