بموازاة الأعمال العسكرية والأمنية التي تشهدها محافظة الأنبار في غرب العراق، بدأت قضية رئاسة المحافظة تتفاعل سياسياً، في حراك يشير إلى انطلاق عمليات مريبة تهدف إلى توزيع الأدوار بين القوى المحلية، تحضيراً في ما يبدو لإعادة رسم الخريطة السياسية والعسكرية هناك.
وتأتي التطورات الحالية، في هذا الخصوص، على خلفية تصويت مجلس محافظة الأنبار، أول من أمس، على قرار إعفاء المحافظ، أحمد خلف الدليمي، من منصبه وإحالته على التقاعد، وذلك بعد أقل من أسبوع على موافقة رئيس الوزراء، حيدر العبادي، على تمديد إجازته بسبب إصابته في المعارك مع تنظيم «داعش».
ومجلس المحافظة ــ وفقاً لقانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم (21) لسنة 2008 (المعدّل عام 2012) ــ هو «السلطة التشريعية والرقابية في المحافظة وله حق إصدار التشريعات المحلية، بما يمكنه من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية بما لا يتعارض مع الدستور والقوانين الاتحادية التي تندرج ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية». ويترأس مجلس محافظة الأنبار حالياً، صباح كرحوت، الذي، وللإشارة، كان أول من دعا، قبل أسابيع، إلى تدخل أميركي مباشر في المحافظة لمواجهة «داعش».
وأمس، كشفت مصادر سياسية، عن وصول محافظ الأنبار المقال إلى بغداد، في مسعى منه لمقابلة رئيس مجلس الوزراء للطعن في قرار مجلس المحافظة القاضي بإعفائه من منصبه وبإحالته على التقاعد. ولفت المصدر إلى أن «المعلومات المتسربة تؤكد إعادة الدليمي الى منصبه لعدم شرعية إعفائه».
ويستحوذ المحافظ في العراق على صلاحيات مهمة، ليكون، بالتالي، الصراع الراهن على هوية محافظ الأنبار المقبل سياسياً بدرجة أولى. وتعد الأنبار من أكبر محافظات العراق مساحة، بحيث تشكل ما يعادل ثلث مساحة البلاد. ودارت منذ فترة قصيرة أنباء عن أن هناك توجهاً عاماً لدى أطراف إقليمية لانتخاب وزير المال السابق، رافع العيساوي، محافظاً للأنبار، وهو كان من بين أول السياسيين العراقيين الذين أشعلوا الاحتجاجات بوجه حكومة نوري المالكي السابقة، خلال الأزمة السياسية الطويلة التي تحولت في ما بعد إلى أزمة بين الحكومة الاتحادية في بغداد والمحافظات الغربية.
وينص الدستور العراقي في المادة 122 منه على أن: «تتكون المحافظات من عددٍ من الأقضية والنواحي والقرى... (و)يُعد المحافظ الذي ينتخبه مجلس المحافظة، الرئيس التنفيذي الأعلى في المحافظة، لممارسة صلاحياته المخول بها من قبل المجلس». وتشير المادة 115 إلى أن «كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية (مادة 110)، يكون من صلاحية الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم». ويلقي ذلك الضوء على حجم الصلاحيات المخولة إلى رئيس المحافظة في العراق، وإلى دوره السياسي الكبير.
وتنقسم محافظة الأنبار إلى ثماني مناطق إدارية هي أقضية: القائم، عانة، راوة، حديثة، هيت، الرمادي، الفلوجة والرطبة. أما أبرز مدن المحافظة فهي: الرمادي، الفلوجة، القائم، حديثة، البغدادي وكبيسة.
وأخذت سريعاً قضية إقالة محافظة الأنبار أبعاداً سياسية واضحة. فقد اعتبر عضو كتلة «بدر» النيابية، قاسم الأعرجي، أنه يجب إقالة مجلس محافظة الانبار بدلاً من المحافظ أحمد الدليمي. وقال الأعرجي، في حديث نشره على صفحته على موقع «فايسبوك»، إن «إحالة المحافظ أحمد الدليمي على التقاعد أمر غير مدروس وسيؤثر سلباً على أمن المحافظة».
وقال الأعرجي «منذ أزمة الأنبار لم تسقط مدينة الرمادي، مركز المحافظة، وبقي المحافظ ومدير الشرطة يمارسان أعمالهما، وخصوصاً مواجهة الدواعش حتى أصيب أحمد الدليمي (شهر أيلول الماضي) وتم نقله الى ألمانيا للعلاج». وأضاف «أما مجلسها فإنه اتخذ من شارع الأميرات في بغداد مقراً له، ورئيس المجلس (صباح كرحوت) يتنقل بين السفارات بحجة طلب المساعدة والسادة أعضاء المجلس بدلاً من الإشادة بدور المحافظ البطولي قاموا بحركة غير مدروسة وقرروا إحالة المحافظ على التقاعد. وكان الأجدر بهم أن يقرروا حل مجلسهم لأنهم تركوا المحافظة لداعش واستقروا في العاصمة». واختتم عضو كتلة «بدر» حديثه بالقول إن «الانهزاميين لا يرتجى منهم خيراً»، وتابع: «وأخيراً، تحية إجلال وإكبار للشجاع السيد أحمد الدليمي محافظ الأنبار الحقيقي».
وكان المكتب الإعلامي لرئيس مجلس المحافظة قد أعلن، في بيان، أن «مجلس محافظة الأنبار قرر ترشيح ثلاثة من أعضائه لتولي منصب المحافظ، وهم كل من صهيب الراوي والمهندس الاستشاري أركان خلف الطرموز وجاسم الحلبوسي»، مؤكداً القرار بإقالة الدليمي، لافتاً، في الوقت ذاته، الى أن «جلسة اختيار المحافظ الجديد ستعقد يوم الثلاثاء المقبل (غداً)».
بدوره، أكد، أمس، عضو مجلس محافظة الأنبار، عذال الفهداوي، أن قرار إحالة محافظ الأنبار على التقاعد جاء ضمن قانون مجالس المحافظات. وفيما أشار إلى أن من حق المحافظ الطعن بالقرار، لفت إلى أن باب الترشيح لا يزال مفتوحاً لشغل منصب المحافظ.
ميدانياً، نقلت «هيئة الإذاعة البريطانية» ــ «بي بي سي» عن مصادر عسكرية عراقية قولها إن مسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية» استعادوا السيطرة على جميع القرى في ناحية البغدادي في محافظة الأنبار، وذلك «بعد معارك عنيفة مع القوات الأمنية ومقاتلي العشائر». وتقع منطقة البغدادي في الجزء الغربي من الأنبار. وبحسب المصادر، فإن الجيش العراقي كان قد استعاد تلك القرى من قبضة تنظيم «الدولة الإسلامية» قبل شهرين بعد استيلائه عليها لفترة.
وحذرت المصادر العسكرية من أن قاعدة «عين الأسد»، وهي القاعدة الوحيدة في المنطقة التي لا تزال تسيطر عليها قوات الجيش والأمن العراقية، مهددة بالسقوط أيضاً في أيدي التنظيم.
وفي حين لم تؤكد مصادر أخرى تلك الأنباء، قال رئيس مجلس ناحية البغدادي، مال الله العبيدي، في حديث إلى وكالة «الأناضول» التركية»، إنه لا يمكن تحرير المحافظة والعراق بوجه عام من سيطرة تنظيم «داعش» دون تدخل القوات الأميركية.
ورأى العبيدي أن «ما تمر به محافظة الأنبار والعراق بوجه عام من تمدد تنظيم داعش وسيطرته على غالبية المناطق في الأنبار، ما هو إلا بسبب قلة الدعم الحكومي لمقاتلي العشائر من التسليح والتجهيز». وأضاف إنه «لا يمكن تحرير محافظة الأنبار والعراق من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي إلا بوجود وتدخل قوات أميركية أو أجنبية وذلك لخبرة هذه القوات في قتال التنظيمات الإرهابية، اضافة الى ما تمتلكه من أسلحة حديثة ومتطورة».
(الأخبار)




الميزانية الأميركية: 5 مليارات لتمويل الحرب على «داعش»

أقر مجلس الشيوخ الأميركي، نهائياً مساء أول من أمس، قانون تمويل الدولة الفدرالية الأميركية حتى 30 أيلول 2015. وحدد الإنفاق في هذه الميزانية بـ 1014 مليار دولار (تريليون و14 مليار دولار) الى جانب 64 مليار دولار للعمليات العسكرية في الخارج، أي في العراق وأفغانستان وغيرهما.
وكان مجلس النواب قد أقر هذا القانون مساء الخميس. وكان تبنيه من جانب مجلس الشيوخ مؤكداً، لكن اعتراض أعضاء منفردين أخّر هذا الأمر، ما دفع المجلس الى إمهال نفسه أربعة أيام إضافية كإجراء وقائي. وتبني المجلسين للقانون كان ضرورياً لتبقى الإدارات الفدرالية مفتوحة الأسبوع المقبل ولئلا يتكرر ما حصل في تشرين الأول 2013.
وتشمل الأموال التي تم التصويت عليها:
-الدفاع الذي خصص له 554 مليار دولار، بينها خمسة مليارات لتمويل الحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية» وخصوصا تجهيز وتدريب القوات العراقية والكردية، و500 مليون لتدريب مقاتلي «المعارضة السورية المعتدلة» و1,3 مليار لصندوق للتعاون في مكافحة الإرهاب مع دول بينها اليمن وليبيا والصومال.
-الخارجية: هناك 49,3 ملياراً للشؤون الخارجية، بينها 5,4 مليارات لأمن السفارات الاميركية.
(أ ف ب)