ريف دمشق | تتوزع خريطة النفوذ جنوبي العاصمة السورية، دمشق، على ثلاثة فصائل رئيسية، «فبينما تتداخل مناطق نفوذ داعش والنصرة في الحجر الأسود وأجزاء من مخيم اليرموك، تسيطر عدة فصائل صغيرة للجيش الحر على عدد من مداخل وحارات المخيم، ولا سيما المتاخمة لحدود بلدات يلدا وببيلا»، تقول مصادر ميدانية لـ«الأخبار». ومنذ دخوله بلدة الحجر الأسود (جنوب دمشق)، أواخر عام 2013، لم يخض تنظيم «داعش» معارك كبرى فيها. باستثناء تلك التي كانت تنشب، بين الفينة والأخرى، نتيجةً للصراع المستمر بين مقاتلي التنظيم وعناصر تابعين لمختلف فصائل «الجيش الحر»، وذلك بعدما ثبَّت «هدنة طويلة الأمد» مع مقاتلي «جبهة النصرة» في البلدة.
وفي مقابل الانخفاض النسبي في عدد المعارك التي خاضها، سعى تنظيم «داعش» طوال فترة انتشاره في الحجر الأسود إلى اجتذاب عناصر «الجيش الحر» إلى صفوفه، لرفد مقاتليه الأجانب. فبالتزامن مع حالة الحصار التي يعيشها هؤلاء بعد إغلاق أغلب طرق إمدادهم من جراء «المصالحات» التي شهدتها بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، فضَّل عددٌ كبير من مقاتلي «الحر» الانضواء تحت راية «داعش»، وخاصة أن الأخير «بات يوفِّر رواتب جيدة للمقاتلين، حيث ينال المقاتل رب الأسرة الصغيرة مبلغ 60 ألف ليرة سورية (نحو 300 دولار أميركي)، فيما يحصل رب الأسرة المكونة من أكثر من خمسة أفراد على 120 ألف ليرة»، بحسب أحد مقاتلي «الحر» داخل مخيم اليرموك.
وبالتوازي، يعمل التنظيم على فرض الترهيب عبر عدد من المعارك السريعة والخاطفة لإيقاع الخوف في صفوف مقاتلي الفصائل الأخرى، فضلاً عن عمليات الاغتيال والاعتقالات ومن ثم الإعدامات التي يجريها بحقهم، كما أن حالة الانضباط الموجودة في التنظيم باتت تستهوي المسلحين في مقابل العشوائية التي تحكم آلية عمل معظم المجموعات الصغيرة.
يبدو أنّ حالة
الانضباط الموجودة في التنظيم باتت تستهوي المسلحين

كل ما سبق من تفاصيل يؤكد أن مقاتلي التنظيم في الحجر الأسود لم يحدثوا فرقاً يستدعي الإعلان الأخير عن قيام «إمارة الحجر الأسود» التابعة لـ «الدولة الإسلامية». «لا معنى لإعلان الإمارة سوى الرغبة في تضخيم خطر داعش إعلامياً، عن طريق الأخبار العاجلة التي تبث الرعب في نفوس سكان العاصمة، وللتغطية على تراجعهم العام على مستوى البلاد»، يقول مصدرٌ عسكريٌ مطلع في اتصال مع «الأخبار»، فيما رأى العديد من الناشطين السوريين أن القضية تأتي في سياق فتح الباب أمام احتمالات مستقبلية لتنفيذ «التحالف الدولي» ضربات جوية على مناطق معينة في دمشق وريفها.

الجيش يتصدى لسيناريو «سبينة داعشية»

تناقلت وسائل إعلام عدة أنباءً عن سيناريو جديد يجهزه «داعش» جنوب العاصمة. ووفقاً للمتداول، فإن التنظيم حرص على تجميد نشاطه في الحجر الأسود، بغية الحفاظ على قدرات مسلحيه هناك، علاوة على زيادة عديدهم من خلال عمليات الاستقطاب. لتكون الخطوة التالية «الاقتحام جنوباً، باتجاه بلدة السبينة»، التي تعني السيطرة عليها أن التنظيم قد خطا أولى خطواته باتجاه بلدة داريا، وقطع الاوتوستراد الواصل بين دمشق وجنوبها، ما يجعل الجبهة الجنوبية، المشتعلة في الأصل، قادرة على تهديد مناطق جنوب العاصمة ووسطها.
وبالوقوف عند هذا السيناريو، تؤكد مصادرٌ عسكرية لـ«الأخبار» أن «تحقيق هذا المخطط يقتضي أولاً كسر دفاعات الجيش السوري شمال السبينة، وهو ما لا طاقة للإرهابيين على تحقيقه في ظل الصمود والاهتمام الخاص المولى لهذه الجبهة». وتضيف المصادر: «ومن قال إن وجودهم في الحجر الأسود مستقر؟ ينفذ سلاح الطيران ضربات يومية على معاقلهم في البلدة، فضلاً عن أن عزم الجيش لتحرير كل الأراضي التي يسيطر عليها المسلحون لن يهدأ أبداً».