ينبغي ألا يكون مفاجئاً ما تحدثت عنه التقارير الإعلامية الإسرائيلية عن أن بنيامين نتنياهو يعمل في الخفاء من أجل الحؤول دون إجراء الانتخابات المبكرة، عبر تشكيل حكومة بديلة تحظى بأغلبية في الكنيست. إذ لا يزال هذا السيناريو ممكناً من الناحية القانونية، وخاصة أن قانون حل الكنيست لا يزال بحاجة، كي يصبح نافذاً، الى المصادقة عليه في قراءتين ثانية وثالثة أمام الهيئة العامة الكنيست، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
ومن الناحية السياسية، لدى نتنياهو الكثير من الدوافع التي تبرر له محاولة تشكيل حكومة بديلة. إذ من مصلحته أن يواصل ولايته المفترض أن تستمر حتى أواخر عام 2017، نظرياً. وحتى ذلك الحين، أو حتى قبله، يمكنه الرهان على الكثير من المتغيرات التي قد تعزز مكانته السياسية والشعبية، وخاصة أن الاستطلاعات الحالية تقدر بأن «حزب الليكود» لن يتمكن من تعزيز مكانته في الكنيست المقبل، بالمستوى الذي يطمح إليه نتنياهو أو يحرره من أسر وابتزاز الأحزاب والكتل المشاركة في الحكومة المقبلة، وإنما قد تقتصر الزيادة المفترضة على نحو أربعة أعضاء كنيست، بحسب بعض الاستطلاعات.
أما رهان نتنياهو، الذي يدفعه إلى اعتبار هذا السيناريو محتملاً ويستحق المحاولة، أن أكثر الأحزاب الأخرى، بما فيها «يوجد مستقبل» و«حزب الحركة» اللذين أقال رئيسيهما من الحكومة ــ والأمر نفسه ينسحب على بعض أحزاب المعارضة الأساسيين ــ أن هؤلاء جميعهم هم إما متضررون من الانتخابات المقبلة، أو أنهم لن يحققوا أي مستجدات تعزز مكانتهم.
والأهم أن الأحزاب الحريدية التي يشكل موقفها العامل الحاسم في نجاح محاولة نتنياهو، من غير المتوقع أن تعزز مكانتها الشعبية والتمثيلية، بل يتوقع أن يتراجع «حزب شاس» من 11 عضواً الى نحو 9 أعضاء، كما تقدر بعض الاستطلاعات.
أما بخصوص التقارير التي تحدثت عن محاولة نتنياهو شق حزب «يوجد مستقبل» الذي يترأسه وزير المال السابق، يائير لابيد، فلدى نتنياهو العديد من السوابق المشابهة، برغم نفي مكتب نتنياهو حصول مثل هذا الأمر، وخاصة أن استطلاعات الرأي تقدر بأن يتراجع هذا الحزب بشكل ملحوظ، الأمر الذي يعني بالنسبة للعديد من أعضائه في الكنيست والوزراء أنهم لن يعودوا الى حقائبهم الوزارية أو الى مقاعدهم في الكنيست.
في هذا السياق، يوجب القانون الإسرائيلي، أنه من أجل انقسام كتلة في الكنيست، يجب أن يبلغ عدد المنشقين ثلث أعضاء الكتلة على الأقل، أو يكون عددهم سبعة أعضاء. وفي حالة حزب «يوجد مستقبل» الذي يبلغ عدد أعضائه 19 عضواً في الكنيست، يجب أن يكون عدد المنشقين بالضرورة أكثر من ستة أعضاء.
يشار الى أن الحكومة البديلة، التي يراهن نتنياهو على تشكيلها تحظى نظرياً بأغلبية 63 عضو كنيست، من دون الأعضاء المنشقين المفترضين عن حزب «يوجد مستقبل». وتتضمن «الليكود» – «إسرائيل بيتنا» (31 مقعداً)، «البيت اليهودي» (12 مقعداً)، و«يهدوت هتوراة» (7 مقاعد) و«شاس» (11 مقعداً)، إضافة الى عضوين من حزب «كديما».
مع ذلك، فقد تحدثت تقارير إعلامية إسرائيلية عن فشل محاولة نتنياهو، حتى الآن، سواء لجهة شق حزب «يوجد مستقبل» أو تشكيل حكومة بديلة.
على خط الانتخابات، تتواصل الاستعدادات ورص الصفوف تمهيداً لإجرائها في شهر آذار المقبل. وتحدثت تقارير إعلامية إسرائيلية عن أن أحزاب وسط اليسار، بدأت خطواتها من أجل ألا يعود نتنياهو ويشكل الحكومة المقبلة، تحت شعار «البديل من نتنياهو». ولفتت التقارير نفسها الى أن رئيس «حزب العمل»، يتسحاق هرتسوغ، يعمل على تشكيل هذه الجبهة، مع كل من «يوجد مستقبل» و«الحركة» و«كديما» و«ميرتس». وبحسب الاقتراح الذي قدمه هرتسوغ، تخوض هذه الأحزاب الانتخابات بقوائم منفردة، على أن يحكمها توجه واحد هو دفع الجمهور من أجل التصويت لأحد هذه الأحزاب.
من جهة أخرى، تحدثت تقارير إعلامية أخرى عن أن رئيس «البيت اليهودي»، نفتالي بنيت، اتفق مع نتنياهو على تسميته رئيساً للحكومة المقبلة، في حال عدم تمكن «حزب الليكود» من احتلال المرتبة الأولى بين كتل الكنيست، مع الإشارة الى أن القانون لا يفرض بأن يكون رئيس الحكومة هو رئيس الكتلة الأكبر في الكنيست. مع ذلك، لفتت تقارير إعلامية أيضاً، إلى تحالف تم نسجه بين «يوجد مستقبل» و«إسرائيل بيتنا» وموشيه كحلون، ويهدف هذا التحالف الى إزاحة نتنياهو عن رئاسة الحكومة.
وفي ما يتعلق بـ«حزب شاس» الحريدي، تحدثت تقارير إعلامية إسرائيلية عن أن الرئيس السابق، إيلي يشاي، يدرس الانشقاق عنه وتشكيل حزب مستقل، يخوض به الانتخابات المقبلة. ويأتي ذلك بعد فشل محاولات لتحسين العلاقة بينه وبين رئيس «شاس» الحالي، أريه درعي. وكانت الأحزاب الحريدية قد عبرت عن فرحتها الكبيرة بسقوط حكومة نتنياهو، وتحديداً لجهة إقالة وزير المال يائير لابيد الذي يعتبر عدوهم اللدود.