أهدافٌ عدة تقف وراء الهجوم العنيف الذي يشنه تنظيم «الدولة الإسلامية» على مطار دير الزور العسكري. ورغم أن السيطرة على المطار تشكل في حد ذاتها هدفاً أساسياً، غير أنها واحد من أهداف أخرى يسعى التنظيم إلى تحقيقها، سواءٌ أفلح في اقتحام المطار أو لا. وتتمحور الأهداف حول إعادة رسم خريطة التوازن العسكري في دير الزور، عبر إجبار الجيش السوري على سحب قواته من حويجة الصكر، والجفرة، علاوة على خلخلة دفاعات المطار، وتحويله إلى نقطة إشغال دائمة للجيش السوري.
التنظيم نجح بالفعل بعد يوم من المعارك في نسف مبنى «المسمكة» الذي كان أحد التمركزات الهامة للجيش على تخوم المطار، كما سيطر على حويجة المريعية، ونقطتي المغسلة ومزارع الدغيم. المناطق المذكورة كانت تحت سيطرة التنظيم في وقت سابق، ثم استعادها الجيش السوري تباعاً، قبل أن تعود أخيراً إلى قبصة «داعش»، ما مكّن التنظيم من استهداف المطار براجمات الصواريخ والمدافع. قرى حويجة المريعية، والمريعية، والجفرة تجاور المطار، وفيما باتت الحويجة في قبضة «داعش»، انتقلت المعارك العنيفة إلى الجفرة، وما زالت المريعية في قبضة الجيش. الهجمات الانتحارية كانت حاضرة كعادة التنظيم الذي شن اثنتين منها استهدفتا «المسمكة»، وقرية الجفرة، وتوعّد بالمزيد. على أنّ استهداف المطار نفسه بهجمات انتحارية لا يعتبر أمراً سهلاً بسبب تموضعه على مُرتفع يُشرف على ما حوله، ويُمكّن المدافعين من استهداف أي عربة قبل وصولها إلى أسواره. رغم ذلك، توعدت أوساط التنظيم المتطرف بتكرار سيناريو مطار الطبقة العسكري، فيما أكد مصدر ميداني سوري لـ«الأخبار» أن «المعادلة في دير الزور مختلفة». المصدر أقرّ بضراوة الهجوم الذي يتعرض له المطار، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «هذا لا يعني أن المطار سيسقط في أيدي إرهابيي داعش». وذكّر المصدر بالحملة الإعلامية الضخمة التي رافقت مهاجمة داعش لمطار T4 في ريف حمص، والتي «أوحت بأن المطار سقط بالفعل، قبل أن يتضح فشل الهجوم الذي كبدهم خسائر كبيرة». بدوره، مصدر مرتبط بالتنظيم قال لـ«الأخبار» إنّ «فتح المطار ليس سوى مسألة وقت، الإخوة المجاهدون باتوا على أبوابه بالفعل». المصدر أكّد أن «تحرير المطار سيكون مقدمة لبسط نفوذ الخلافة على ولاية الخير بالكامل، وإن هي إلا صولة صائل». كما توعّد المصدر بـ«غزوة تلي فتح المطار مباشرة، يكون هدفها اللواء، أبرز معاقل النصيريين (المقصود اللواء 137)»، مشيراً إلى «توجه إمدادات كبيرة من الرقة لمؤازرة المجاهدين في ولاية الخير».
سيطر تنظيم «داعش» على قرية حويجة المريعية القريبة
من المطار

في الأثناء، نشرت صفحات «جهادية» على موقع «تويتر» صوراً لمسلحي «داعش» يمسكون رؤوساً مقطوعة قيل إنها رؤوس جنود في الجيش السوري وقعوا في قبضة التنظيم أثناء المعارك، وقام مسلحوه بذبحهم. فيما شنّ الطيران السوري هجمات عدة استهدفت تمركزات «داعش» على أطراف حويجة الصكر، وأطراف قرية الجفرة، إضافة إلى حيي الحميدية والحويقة الشرقية في مدينة دير الزور. وقال «المرصد السوري لحقوق الانسان» المعارض إن المعارك أسفرت عن «مقتل ما لا يقل عن سبعة عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية، و19 جندياً سورياً»، إضافة إلى «استيلاء التنظيم على دبابتين وعربة مدرعة ومدفعية ورشاشات ثقيلة من المواقع التي تقدم إليها». «المرصد» تحدث عن «مواصلة مسلحي داعش التقدم في الجفرة، واقتراب محاصرة قوات النظام في حويجة صكر».
في السياق، نشر أكثر من 20 اسماً من ضحايا «الدولة الإسلامية» في الهجوم، ومنهم أبو عبد الرحمن القصيمي (سعودي الجنسية)، وأبو زبير الأنصاري، وعبد المجيد الحشتر، وعبد الله عزيز الفراج الهندي، وعبد القادر يوسف المصطفى، ومحمد ياسين العجراوي، وقاسم موسى الجلود.

معارك و«بيعات» في ريف دمشق

على صعيد آخر، شهد ريف دمشق الجنوبي الغربي، معارك عنيفة بين تنظيم «داعش» و«الجبهة الإسلامية». وقال ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إن «بلدة بير القصب تشهد معارك عنيفة بين داعش من جهة، وكل من جيش الإسلام، وحركة أحرار الشام من جهةٍ ثانية». وعلى صعيد متصل، تناقلت مصادر «جهادية» تصريحات قالت إنها صادرة عن مصادر داخل «جيش الإسلام»، تنفي مسؤولية تنظيم «داعش» عن اغتيال قادته في الغوطة الشرقية، وتتهم «الخلايا النائمة لقوات الأسد» بالمسؤولية عنها. وأكّدت المصادر أن «الاغتيالات المُتزامنة لقادة في جيش الإسلام، وجيش الأمة، ما هي إلا محاولة من قوّات الأسد لخلق فتنةٍ داخليةٍ، وخصوصاً بعد انضمام جيش الأمة إلى القيادة الموحّدة للغوطة». إلى ذلك أعلنت «ألوية الحبيب المصطفى» في بيان مقتضَب «تعليق عضويتها في القيادة العسكرية الموحّدة للغوطة الشرقية» من دون ذكر الأسباب. وكانت مجموعات عدة قد أعلنت في آب الماضي «تشكيل القيادة العسكرية الموحّدة» وتعيين «زهران علوش» قائداً، و«أبو محمد الفاتح» نائباً له. في الأثناء، قالت صفحة «ولاية دمشق» التابعة لتنظيم «الدولة الإسلامية» إن «قرابة مئتي شخص من عوام المسلمين بايعوا» التنظيم في ريف دمشق الجنوبي. وتحدث ناشطون معارضون عن «استشهاد خمسة مدنيين وعدد من الجرحى في بلدة دير العصافير في ريف دمشق بسبب القصف الجوي».




قال الرئيس السوري بشار الأسد إن الحرب في سوريا ستكون طويلة وصعبة. وأضاف الأسد، في مقابلة مع مجلة «باري ماتش» الفرنسية نشرت أمس، إنّه «لا يمكن التكهن بموعد انتهاء الحرب مع تنظيم الدولة الإسلامية وغيره من المسلحين»، لكنه أشار إلى أنهم فشلوا في كسب تأييد الشعب السوري، ما سمح للجيش بتحقيق مكاسب ميدانية.
وأوضح أن «الجيش السوري ليس في كل مكان... ومن المستحيل أن يكون موجوداً في كل مكان. وبالتالي، ففي أي مكان ليس فيه الجيش السوري يأتي الإرهابيون من الحدود ويدخلون إلى تلك المنطقة».(أ ف ب)